وطنا اليوم:بين عشية وضحاها تم الإعلان عن شراكة استراتيجية مصرية كاملة مع الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي تقبله البعض بقبول حسن، واستغربه وأوجس منه خيفة قوم آخرون.
القادة الأوربيون حلوا في ” قاهرة المعز” بوفد رفيع يتقدمه رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، ورئيس وزراء بلجيكا الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي، ورؤساء دول وحكومات قبرص وإيطاليا واليونان والنمسا.
بعد الاجتماعات والتحيات والابتسامات تم الإعلان عن حزمة دعم مالي لمصر بقيمة 7.4 مليار يورو في السنوات القادمة.
لم يخل الاجتماع من حديث القادة عن كلام “ساكت” بلا معنى عن التعبير عن القلق إزاء المجاعة في غزة وضرورة وقف النار والتحذير من أي عمليات عسكرية في رفح.
فماذا وراء أكمة الشراكة المصرية الأوروبية؟ ولماذا تمد القارة العجوز يدها الآن – والآن فقط- لمصر التي عانت عشر سنوات عجاف؟ وما المقابل؟
في البداية يقول السفير محمد مرسي إن توقيع اتفاق شراكة استراتيجية شاملة مع الاتحاد الأوروبي عنوان جاذب براق يسعدنا قطعاً ، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق الذي تم أمس الأحد يجيء امتدادا لعلاقات تعاون عبر ضفتي المتوسط تجمعنا مع دول أوروبا منذ عشرات السنين وتحت مسميات مختلفة.
ويضيف أنها علاقات حققت الكثير من المنافع للجانبين ولمصر بدرجة أكبر في كل المجالات خاصة الأمنية والاقتصادية.
وتمني السفير مرسي أن يكون الاتفاق الجديد خطوة هامة في هذه المسيرة الهامة، وألا تكون ترتيبات الشرق الأوسط الجديد أو قضايا طوفان الأقصي وتهجير الفلسطينيين أحد دوافع الأوروبيين لإقرار هذا الاتفاق.
ويضيف أن تحفظه الوحيد هو فقط علي هذا العنوان الضخم للاتفاق والذي يعني أن هناك تطابقاً في الرؤي والمواقف بيننا وبين دول الاتحاد الأوروبي إزاء مختلف القضايا وهذا- برأيه- ليس حقيقيا.
وقال إن علاقاتنا بدول الاتحاد الأوروبي تحمل الكثير من نقاط الاتفاق ونقاط الاختلاف، وبما يحمِّل عنوان الاتفاق مبالغة لا تعبر عن الحقيقة وعن واقع العلاقات.
من جهته يصف السفير فوزي العشماوي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق القمة الأوروبية – المصرية بأنها بالغة الأهمية، مشيرا إلى أنها تأتي في توقيت مهم في ضوء تعثر جهود وقف إطلاق النار في غزة واستمرار معاناة أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع وإصرار حكومة نيتنياهو المتطرفة علي مواصلة العدوان بكل مايمثله من مخاطر تمس الأمن القومي المصري.
ويضيف أن من المهم أن يكون لمصر صوت واضح في رفض هذا العدوان، والطلب من الاتحاد الأوربي أن يتخذ مواقف واضحة وقوية من اجل اقرار السلام الحقيقي المبني علي حل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإدراك انه لاأمن ولااستقرار بالمنطقة وبالتالي في أوربا والبحر المتوسط بدون الإقرار بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني واقرار السلام القائم علي العدل، وتخلي اوروبا عن دور التابع للسياسة الأمريكية ولعب دور مؤثر يحمي مصالحها بعيدة المدي.
ويلفت إلى أن حزمة المساعدات والقروض الأوروبية لمصر تأتي أيضا في وقت كان الاقتصاد المصري يمر فيه بأزمة خانقة، وستتيح مع التمويل الإماراتي من خلال مشروع رأس الحكمة والاتفاق المعدل مع صندوق النقد جميعها لمصر نفسا مهما وقدرة اكبر علي السيطرة علي سعر الصرف ومواجهة الاحتياجات العاجلة.
واختتم مؤكدا أن من اللازم أن توضح مصر للقادة الاوروبيين أن التنمية الحقيقية في الدول الطاردة لأبنائها في اتجاه المتوسط والشواطئ الاوروبية سواء كانت دولا أفريقية او عربية هي الضمان الوحيد لتوقف قوارب الموت في مياه المتوسط، منبها على أن مكافحة الإرهاب ملف آخر يكتسب اهمية مضاعفة في ظل استضافة اوروبا لأكثر من ٥٠ مليون مسلم، ينتشر بينهم بلاشك بعض خلايا وافكار التطرف، والسبب الرئيس في ذلك هو ازدواج المعايير الاوروبية تجاه الحقوق الفلسطينية والأوكرانية علي سبيل المثال وكذا سياسات التهميش للجاليات العربية والمسلمة في ظل تصاعد المد اليميني في العديد من الدول الاوربية، فضلا عن تأثر هؤلاء العرب والمسلمين بما يحدث في اوطانهم الأصلية وأوضاع أنظمتهم ومعاناة شعوبهم.
وخلص إلى أن القمة تمثل فرصة مهمة لمصر لاستعادة جزء مهم من زخم دورها الاقليمي الذي عاد للصدارة علي وقع احداث غزة، وفرصة لكي تثبت مصر واوروبا ان هذا الدور لاينبني علي صفقات سرية او مخططات تهجير بل علي علاقة متكافئة تقوم علي احترام الثوابت والمصالح العليا المصرية ومقررات الشرعية الدولية بالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي وفي القلب منه قضية فلسطين .
حصار غزة
في سياق المساعدات الأوروبية لمصر، علق ممدوح الولي الخبير الاقتصادي ونقيب الصحفيين المصريين الأسبق بقوله: ” إذا كانت أموال مساعدات 2013 و2014 و2015 و2016 2020 و2022 لم تفلح فى تحقيق الإصلاح الاقتصادى فهل تفلح أموال مكافأة حصار غزة وتجويع أهلها فى ذلك؟”.