الزيارة توطد التعاون المشترك وتفيد المملكة بمقاربة التجربة السنغافورية الناجحة
أحاديث سمو الأمير ذات دلالات كبيرة سياسياً واقتصادياً
جهود تؤكد رغبة الأردن بأن يكون قوة صاعدة في المشهد التكنولوجي العالمي
استقطاب استثمارات جديدة بمجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات
التعرف على التجربة السنغافورية ونقل الأفكار التي يمكن تطويرها أردنياً
فتح آفاق جديدة مع المستثمرين في جنوب شرق آسيا
وطنا اليوم:يؤكد خبراء اقتصاديون أن زيارة ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني دولة سنغافورة لها العديد من الدلالات خصوصا وأنها استطاعت أن تكون نموذجاً عالمياً في التحول الاقتصادي.
ويلفت الخبراء في تصريحات إلى «الرأي» إلى أن زيارة ولي العهد جاءت ضمن سياق الجهود الملكية المبذولة لتوطيد وتعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات، وترويج المملكة استثماريا وفتح آفاق جديدة مع المستثمرين في جنوب شرق آسيا وعرض البيئة الاستثمارية والفرص الواعدة للاستثمار.
تعزيز التعاون التكنولوجي
وخلال زيارة سموه التي تهدف إلى توطيد العلاقات وتعزيز التعاون بين البلدين، حضر سموه منتدى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأردني السنغافوري، الذي تعقده وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة والسفارة الأردنية في سنغافورة، بالتعاون مع اتحاد الأعمال السنغافوري وجمعية (أس جي تيك) السنغافورية.
هذا المنتدى، وفق مختصين، يؤكد طموح الأردن بأن يكون قوة صاعدة في المشهد التكنولوجي العالمي، وفرصة لتشبيك المواهب التكنولوجية الأردنية والسنغافورية وتعزيز التعاون بينها.
وحضر المنتدى مجموعة منتقاة من رجال الأعمال والخبراء والمدراء التنفيذيين الفاعلين في قطاع تكنولوجيا المعلومات وريادة الأعمال، شملت 150 ممثلاً لشركات ناشئة ومتخصصة في سنغافورة، الذين دعاهم سمو الأمير لزيارة المملكة والاستفادة من الطاقات والمواهب الأردنية.
وشارك في المنتدى ست شركات أردنية ناشئة تقدم دعما فنيا لشركات عالمية لقطاعات مثل الألعاب والتعليم الرقمي والصناعات الإبداعية.
وتضمن المنتدى عرضا تقديميا موسعا لبرنامج «جوردان سورس الذي أطلق تحت رعاية سمو ولي العهد عام 2021، للترويج للأردن كمركز عالمي للابتكار والاستثمار في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ويأتي انعقاد المنتدى استمرارا لسلسلة الجولات الترويجية التي يجريها البرنامج، الرامية إلى جلب الاستثمارات وتشجيع الشركات التقنية على التوسع في المنطقة العربية عبر الأردن.
ويؤكد الرئيس التنفيذي لجمعية «إنتاج» نضال البيطار أهمية زيارة ولي العهد في تقوية العلاقات ودفعها للأمام بحيث تعم الفائدة بين البلدين؛ «فعلاقتنا في قطاع تكنولوجيا معلومات واتصالات بيننا ممتازة ومفعّلة منذ ثماني سنوات».
وإضافة إلى البيطار، كان رئيس مجلس إدارة جمعية «إنتاج» عيد أمجد صويص ومجموعة من أعضاء مجلس الإدارة ضمن الوفد المرافق لولي العهد.
وكشف البيطار عن لقاء مهم عُقد بين الوفد المرافق لولي العهد، الذي ضم وزير الإقتصاد الرقمي وأعضاء ورئيس جمية «إنتاج» مع جمعية «أس جي تيك» السنغافورية وأعضائها. وقال إن ثمار هذا اللقاء «سنجنيها في المستقبل القريب».
وأكد أن العلاقة بيننا ستكون «رابح رابح”؛ فسنغافورة دولة صديقة متقدمة ولديها تكنولوجيا ممتازة ويمكن أن نقدم لهم خدمات أيضا في موضوع «التعهيد». كما يمكن أن نرى الصناديق الاستثمارية لديهم ولتشبيك مع الشركات الناشئة الموجودة لدينا كما يمكن أن تتعاون شركاتهم مع شركاتنا بحيث يدخلوا على الأسواق في المنطقة بشكل أكبر.
ويقول ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن المهندس هيثم الرواجبة إن زيارة ولي العهد إلى سنغافورة تمهد الطريق أمام رجال الأعمال وتفتح آفاقا جديدة من التعاون بين الشركات الأردنية والسنغافورية
ويشدد الرواجبة على أهمية البناء على زيارة ولي العهد، ونقل تجربة سنغافورة في مجال توظيف التكنولوجيا بمختلف الخدمات والقطاعات والاستفادة منها.
ويؤشر الرواجبة إلى أن سنغافورة تحتل مرتبة متقدمة عالميا في مجال تطبيق تكنولوجيا المعلومات والاستفادة منها، ما يعني أن زيارة ولي العهد تشكل فرصة للاطلاع على تجربتها في ظل أن الأردن وبما يملكه من مزايا استثمارية وموارد بشرية مدربة قادر على أن يصبح مركزا إقليميا في هذا المجال.
ويشير إلى أهمية تكثيف تبادل الزيارات بين مجتمع الأعمال في البلدين والسعي إلى إقامة مشاريع مشتركة في مختلف القطاعات بما بسهم في تعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري.
ويبين الرواجبة أن الأردن يملك مقومات كبيرة لاستقطاب استثمارات جديدة بمجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الذي بات ركيزة أساسية للأمن الوطني للدول.
ويلفت إلى التطورات الكبيرة التي حققتها ريادة الشركات الأردنية في العديد القطاعات، وما أنجز في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومواكبته المستمرة للأحداث المتسارعة بالقطاع، إضافة لوجود خبرات أردنية بفضل الجهود والتوجيهات الملكية السامية التي مكنت الأردن من استقطاب شركات عالمية للاستثمار والعمل بالمملكة، ما وفر آلاف فرص العمل للأردنيين.
ويبلغ عدد الشركات العاملة في قطاع تكنولوجيا المعلومات في عموم المملكة أكثر من ألف شركة، توفر أكثر من 45 ألف فرصة عمل.
ووصلت مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2021 نحو 900 مليون دينار سنويا، بنسبة 3 بالمئة، ويتوقع أن تصل إلى 3 مليارات دينار وبنسبة 3.9 بالمئة خلال عام 2033 كأثر اقتصادي عند تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي.
وبلغت صادرات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عام 2021، نحو 200 مليون دينار، شكلت 1.9 بالمئة من إجمالي الصادرات الكلية للمملكة، فيما يتوقع أن تصل إلى 4.5 مليار دينار بحلول عام 2033 مثلما جرى تحديده برؤية التحديث الاقتصادي.
نقل التجربة السنغافورية
يؤكد مدير عام جمعية رجال الأعمال الأردنيين طارق حجازي أهمية توقيت زيارة ولي العهد إلى سنغافورة لما لها من الدلالات.
ويقول إن هذه الدولة تمثل العديد من قصص نجاح الدول واستطاعت أن تكون نموذجاً عالمياً في التحول الاقتصادي، خصوصاً وأن المملكة بدأت بخطى وضع وتنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، وأن خريطة الاستثمارات الدولية قد بدأت بالتحول تدريجيا نحو مشاريع التحول الرقمي والإلكتروني والذكاء الاصطناعي.
ويلفت حجازي إلى أن سموه قد وجه لاحتياجات الأردن، والأولويات اليوم لتقدم المملكة هي التدريب المهني والتقني وتطوير التكنولوجيا والإصلاح الإداري وتشجيع السياحة لإيجاد الفرص الاقتصادية التي تتلاءم وإمكانات الأردن التي يمكن إطلاقها ضمن هذه المجالات، خصوصا وأن الأردن يرتبط بعدد من الاتفاقيات مع سنغافورة، تحتاج فقط إلى برامج تنفيذية تعمل على تحقيق النمو المنشود وخلق فرص عمل خلال المرحلة القادم لتناسب خطة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي.
ويشير إلى أن الأردن يتمتع بفرص استثمارية عديدة في المنطقة في عدة قطاعات التي أكد ولي العهد على عدد منها المتمثلة في مجالات التطوير العقاري والتعدين والطاقة والخدمات المصرفية الرقمية والشحن والخدمات اللوجستية.
ويبين بأن لهذه القطاعات دور كبير في رفد الناتج المحلي الاجمالي وتحقيق النمو الاقتصادي الحقيقي والمستدام للمملكة.
ويقول الخبير الاقتصادي حسام عايش إن سنغافورة وإن كانت دولة صغيرة ولكنها استطاعت أن تطور سياسات وبرامج وخطط اقتصادية وإدارية وأن تكون جاذبة لأكبر الشركات العالمية.
ويرى عايش أن زيارة ولي العهد تأتي للتعرف على التجربة السنغافورية والتحديات التي تواجه هذه التجربة لنقل الأفكار التي يمكن تطويرها أردنيا
ويلفت إلى زيارة ولي العهد ستأخذ بالاعتبار المعاني الكامنة وراء كيفية إيجاد اقتصاد سنغافوري عالمي متطور قادر على أن يلعب دورا إقليميا في هذا المجال ودورا عالميا في الوجه الآخر له.
ويعتقد أن الزيارة فرصة للتعرف على الأدوات والوسائل التي استخدمتها سنغافورة لكي تلعب أدوارها اقتصاديا في العالم خصوصا وأن مواطنيها يتمتعون بأعلى معدلات الدخل في العالم.
ويؤشر إلى أن تجربة سنغافورة الاقتصادية والمالية والاستثمارية وحتى موقعها الجغرافي مستثمر من قبل هذه الدولة بشكل كبير، وهو يماثل من حيث الشكل موقع الأردن؛ حيث أن الأردن يتوسط الشرق الأوسط، ما يجعله قادرا على استقطاب الشركات العالمية وبخاصة في مجال اللوجستيات.
ويرى الخبير اقتصادي والمالي زياد الرفاتي ان زيارة ولي العهد سنغافورة واجتماعه مع الرئيس السنغافوري ولقاءاته المتعددة مع المسؤولين والمستثمرين جاءت ضمن سياق الجهود الملكية المبذولة لتوطيد وتعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات.
كما تستهدف ترويج المملكة استثماريا وفتح آفاق جديدة مع المستثمرين في جنوب شرق آسيا وعرض البيئة الاستثمارية والفرص الواعدة للاستثمار والمزايا التنافسية التي توفرها القوانين والتشريعات التاظمة لحفز واستقطاب وتوطين الاستثمارات الأجنبية.
وتأتي أيضا بالتزامن مع انطلاق خطة التحديث الاقتصادي التي تتضمن مشاريع استراتيجية تحتاج إلى الشراكة مع القطاع الخاص العربي أو الأجنبي وجذب استثمارات خارجية، التي تلعب دورا مهما في إحداث النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل وتعزيز الثقة الخارجية بالاقتصاد الأردني وجاذبيته وتنافسيته وعوامل الأمن والأمان التي تنعم بها المملكة والتي يتطلبها الاستثمار.
ويلفت الرفاتي إلى أن اقتصاد سنغافورة يصنف من أكثر الاقتصادات دعما للأعمال التجارية ومقياسا للمناخ الدولي، نظرا لاعتمادها على التجارة مع بقية بلدان العالم بفضل المناخ الاستثماري والبيئة السياسية المستقرة وسوق التوظيف القوي، وبناتج محلي إجمالي 467 مليار دولار في 2022 الذي يمثل إجمالي النفقات على كافة السلع والخدمات النهائية التي يتم إنتاجها داخل البلاد خلال فترة زمنية محددة.
كما أنها تحتل المرتبة الثالثة عالميا في الناتج المحلي الإجمالي للفرد وبدخل مرتفع مع الاستمرار في توقعات النمو السنوي.
وتعتبر صادرات البلاد من الإلكترونيات والمواد الكيميائية والخدمات المصدر الرئيسي للدخل الاقتصادي، مع التركيز على الابتكار والإبداع والمبادرة وتدريب الأيدي العاملة الماهرة.
وينبه الرفاتي إلى أن نموذج سنغافورة أو «المدرسة السنغافورية» في الاقتصاد تشكل نهجا مفيدا للدول النامية للسير عليه؛ إذ تحولت من دولة نامية إلى متقدمة خلال عقود منذ استقلالها عام 1965 بفضل السياسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي تبنتها وسارت عليها وقطفت ثمارها.