وطنا اليوم:تتفاقم جائحة كورونا في لبنان بشكل خطير أدى إلى التحذير من تكرار السيناريو الإيطالي وسط مخاوف من أن تتسبب إجراءات الإغلاق في الوقت في أزمة غذائية وجوع يفاقم الوضع المتدهور في البلاد أصلاً.
وقررت الحكومة اللبنانية مؤخراً فرض حظر تجول على مدار الساعة لمدة 11 يوماً، أمام عجز المستشفيات عن استيعاب العدد المتزايد من المصابين بفيروس كورونا.
وتداولت وسائل إعلام محلية مقطع فيديو من لبنان يظهر فيه طوابير من المرضى ينتظرون خارج أحد المستشفيات ويتلقون العلاج في سياراتهم لإبراز الوضع المأساوي الذي تعيشه البلاد بعد ازدياد حالات الإصابة بفيروس كورونا.
المقطع الذي انتشر السبت الماضي 9 يناير/كانون الثاني كان وفقاً لما أفادت به موقع Middle East Eye البريطاني من خارج مستشفى الروم في بيروت يمكن سماع أحد الأطباء يقول إنَّ الطاقم الطبي اضطر إلى علاج المرضى داخل سياراتهم، إذ ليس بالمقدور علاجهم داخل المستشفى.
مناعة رأس السنة الوهمية تفاقم جائحة كورونا في لبنان
وتتهم احتفالات رأس السنة بالمسؤولية عن الزيادة الكبيرة في الإصابات جائحة كورونا في لبنان
فعلى الرغم من تزايد عدد الإصابات الجديدة، قررت السلطات تخفيف قيود الوقاية من انتشار الفيروس بحلول احتفالات السنة الجديدة من أجل إنعاش الاقتصاد المتهالك. وسمح بإعادة فتح الحانات والملاهي المغلقة منذ شهور.
وأعلنت وزارة السياحة اللبنانية تعميماً للمطاعم والمقاهي والحانات يلزمهم باستقبال 50% فقط من قدرتها الاستيعابية للزبائن، على ألا يتعدى عدد الزبائن على كل طاولة ثمانية أشخاص، ومنعتهم من تخصيص مساحة مشتركة للرقص.
كما أكد الأمن اللبناني ضرورة الالتزام بوضع “الكمامة الطبية” أثناء التنقلات ليلة رأس السنة، والحفاظ على التباعد الاجتماعي، والقدرة الاستيعابية المسموح بها في المطاعم والحانات والملاهي الليلية وأماكن السهر ليلة رأس السنة.
وأقامت قوى الأمن الداخلي حواجز متنقلة ليلة الاحتفالات بحلول عام 2021، وجرى الطلب من المواطنين ارتداء الكمامات، في حين أن العديد من المتاجر الكبرى شهدت إقبالاً كثيفاً للمواطنين، الأمر الذي قلل من إجراءات التباعد الاجتماعي.
يقول علي الأتات وهو أحد متعهدي الحفلات القلائل الذين تشجعوا لإقامة هذه الحفلات، في حديث لـ”الشرق الأوسط”: “هناك لبنانيون أصيبوا بكورونا وأصبحت لديهم المناعة الكافية لعدم التقاطها من جديد. فهم من أوائل الأشخاص الذين شجعونا على إقامة حفلات العيد”.
ولكن الشعب اللبناني المعروف بحبه لحياة السهر، والذي تحدى الظروف الاقتصادية وكورونا من أجل رأس السنة يبدو أنه دفع الثمن، إذ أفادت تقارير بتفاقم الإصابات كورونا في لبنان خلال فترة الأعياد، خصوصاً ليلة رأس السنة الجديدة، لاسيما أن مختلف المناطق اللبنانية قد غمرتها مشاهد الازدحام.
انتقد عديدٌ من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي الحكومةَ بشأن الإجراءات المتراخية خلال فترة عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة، حيث كانت الناس تتجمَّع بأعدادٍ كبيرة للاحتفال، وكان مسموحاً بفتح الحانات واتهم بعضهم الحكومة بإعطاء الأولوية للاقتصاد على حساب حياة الأفراد من خلال السماح بإقامة الاحتفالات خلال فترة الأعياد.
وقال المسؤولون عن الصحة إن تخفيف قيود الوقاية أدى إلى أعداد قياسية من الإصابات الجديدة.
مخاوف من السيناريو الإيطالي
وسجل لبنان، الذي يبلغ عدد سكانه 6 ملايين نسمة، أكثر من 222 ألف إصابة بفيروس كورونا و1629 حالة وفاة منذ انتشار الفيروس.
ولكن في الأسبوع الأخير وحده سجلت السلطات 30250 إصابة جديدة، ولقي 117 شخصاً حتفهم بمرض كوفيد 19، حسب بيانات أحصتها جامعة جون هوبكينز.
ويرى نقيب الأطباء شرف أبو شرف أن استهتار المواطنين قد يوصل جائحة كورونا في لبنان إلى السيناريو الإيطالي، قائلاً: “مسؤولية المواطن تضاهي مسؤولية الدولة، ووزارة الداخلية لا يمكنها فرض التدابير بالقوة”.
وقال الرئيس ميشال عون، الاثنين، في اجتماع مجلس الدفاع الأعلى: “إن المأساة التي نراها على أبواب المستشفيات تتطلب إجراءات جذرية حتى نتمكن من تخفيف التبعات الكارثية لتفشي وباء كورونا”.
وحمل رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب، من يخالفون إجراءات الوقاية مسؤولية ارتفاع عدد الإصابات، قائلاً: “إن هذا الاستهتار أوصلنا إلى وضع صعب جداً، وعلى الرغم من ذلك، هناك من يرفض الالتزام بالإجراءات التي اتخذناها”.
ولكنه اعترف بأن تنفيذ هذه الإجراءات “لن يكون في مستوى مخاطر الفيروس”.
حظر شامل يهدد الشعب بالجوع
وقال مجلس الدفاع الأعلى في بيان إن العاملين في قطاعات الصحة والغذاء والمهن الأساسية هم الوحيدون الذين يسمح لهم بالخروج إلى الشارع أثناء حظر التجول المقرر حتى 24 يناير/كانون الثاني، ويمكن تمديده.
وتبقى المخابز ومحال بيع الأغذية مفتوحة ولكن لتوصيل الطلبات فقط. وقد دفعت شائعات غلقها تماما إلى إقبال غير مسبوق على شراء الاحتياجات.
وتقرر أيضاً إغلاق الحدود البرية والبحرية، على جميع المسافرين إلا من يحملون تأشيرة مرور مقبولة.
قال مجلس الدفاع الأعلى في بيان إن العاملين في قطاعات الصحة والغذاء والمهن الأساسية هم الوحيدون الذين يسمح لهم بالخروج إلى الشارع أثناء حظر التجول المقرر حتى 24 يناير/كانون الثاني، ويمكن تمديده.
وتبقى المخابز ومحال بيع الأغذية مفتوحة ولكن لتوصيل الطلبات فقط. وقد دفعت شائعات غلقها تماماً إلى إقبال غير مسبوق على شراء الاحتياجات.
وقالت وسائل الإعلام المحلية بأنَّ ثمة إجراءات تقييدية جديدة من المقرر إعلانها اليوم الخميس 14 يناير/كانون الثاني، تنص على أنه يسمح للمواطنين بالخروج للمخابز والصيدليات، بشرط إبراز فاتورة الشراء في حال أوقفهم المسؤولون. أما محلات البقالة فأُغلقت ولن يُسمح بفتحها إلا في حالة تسليم الطلبات إلى المنازل.
وتقرر أيضاً إغلاق الحدود البرية والبحرية، على جميع المسافرين إلا من يحملون تأشيرة مرور مقبولة. وسيخضع المسافرون القادمون جواً من بغداد وإسطنبول وأضنة والقاهرة وأديس أبابا لحجر صحي لمدة سبعة أيام في فندق، واختبار فيروس كورونا مرتين.
ولكن المشكلة أن مثل هذه الإجراءات تأتي في ظل وضع اقتصادي مأساوي للبنان الذي انهارت عمله وأوقف المصارف صرف أموال المودعين.
الصحفية اللبنانية لونا صفوان استخدمت موقع تويتر منصةً للتنديد بالطريقة التي تعاملت بها الحكومة مع الإغلاق. وغردت قائلة: “تُسرع الحكومة أخيراً لاتخاذ قرار بشأن الإغلاق التام مع فرض حظر التجول طوال الـ24 ساعة، فلماذا إذاً لم يمنعوا حفلات وتجمعات رأس السنة التي أُقيمت قبل أسبوعين؟ إذا كان القرار سهلاً للغاية (حسبما يبدو) فلماذا اتُخذ الآن بالتحديد، ولم يُتخذ وقتها؟”.
وحذرت منظمة “أنقدوا الأطفال” الخيرية من أن يفاقم حظر التجول معاناة العائلات المعرضة للمخاطر، وحضّت الحكومة على توفير مساعدات اجتماعية كافية لها.
وقالت مديرة المنظمة في لبنان، جيسيكا مورهيد، إن “نصف عدد السكان غير قادرين على شراء كمية غذاء تكفيهم مدة إغلاق الأسواق. ونخشى عليهم من الجوع، كما أن الأسواق قد لا تملك القدرة على توصيل الطلبات”.
وفقدت العملة المحلية أيضاً 80% من قيمتها أمام الدولار العام الماضي، وهو ما أثر على قدرات البلاد على استيراد المعدات الطبية.
ويتوقع أن يحصل لبنان على شحنة أولى من لقاح فايزر-بيونتيك ضد كوفيد 19 منتصف شهر فبراير/شباط المقبل.
وطلبت الحكومة ما يكفي لتلقيح 15% فقط من السكان. وقالت إنها تسعى للحصول على كمية لقاحات تكفي 20% أخرى عن طريق منظمة الصحة العالمية.