كتبت *د.اسيل الشوارب_ونحن نستعد لبدء العام الجامعي، نعيش اليوم أحداث تتمحور حول التعليم العالي من أزمات القبول في الجامعات في نظام قديم مكرر وغير محدث للقبول الجامعي، وحمى التصنيفات العالمية وشهادات الاعتماد، وأعداد كبيرة من الخريجين لا يلبون متطلبات سوق العمل، وبرامج أكاديمية لم تعد تناسب العصر بوضعها الحالي، إضافة إلى أوضاع مالية صعبة للجامعات ( الحكومية والخاصة)؛ تعكس تحديات تواجه نظام التعليم العالي في الاردن خاصة وفي العالم بشكل عام.
كما تواجه مؤسسات التعليم العالي اضطرابا في تحقيق أهدافها، فهل تستمر بدورها الحالي في التعليم بحيث تكون شكل متقدم من المدرسة الثانوية فتقدم الخريجين للمجتمع دون اعتبار لكفاءاتهم؟ أم تسعى لتحقيق الريادة والابداع في برامجها و تكون مقصداً لطلبة متميزين؟ أم تعد الطلبة لسوق العمل فقط؟
لم يشهد التعليم العالي أي تغييرجذري منذ عقود حتى ظهور فيروس كورونا
وفي الاردن كما في العالم يتغير المشهد في التعليم الجامعي، ووفقا لتقرير مستقبل الوظائف 2020 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإنه سيتم انشاء 97 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2025 نتيجة للأتمتة. وستكون هذه الأدوار الجديدة في مجالات مثل: تحليلات الأعمال، وتخصصات الحلول وتصميم المنتجات الجديدة والتسويق الرقمي، والتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، وتخصصات المبيعات الرقمية.
لذلك يجب أن تتمكن مؤسسات التعليم العالي من إعداد الطلاب بشكل أفضل لعالمنا المتغير؛ بحيث توفر لهم المدارس تعليما شاملا يعلمهم التفكير النقدي ومهارات حل المشكلات. بالاضافة إلى بناء الشراكات الحقيقية مع سوق العمل لمنح الطلبة فرص حقيقية، واجراء تغييرات لمواكبة احتياجات سوق العمل، وفتح المجال للراغبين لاكتساب مهارات جديدة دون الالتزام بالدراسات الكاملة . مما يمثل فرصة للتعليم العالي لسد فجوة المهارات. وبهذه الطريقةيمكن للتعليم العالي أن يساعد في دفع اقتصاد مبتكر وتنافسي. حيث يستمر في التكيف مع التغيرات التي تساعد في دخول الطلبة لسوق العمل والحصول على المزيد من الفرص.
تقع على عاتق مؤسسات التعليم العالي الأولوية لمواكبة الاحتياجات المتغيرة لأصحاب العمل وبهذه الطريقة يجذبون طلبة جدد، ويحافظون عليهم من خلال فرص التعلم مدى الحياة.
في المؤتمر العالمي للتعليم العالي 2022 تم الاعلان عن خارطة طريق حتى عام 2030، وقد جاء ذلك بعد الكثير من المداولات والمحاضرات، وانشطة يقودها الشباب. وكانت النتيجة هي الاعتراف أن الجامعات ستقود عوامل التغيير وستكون متمحورة حول الطالب.
وسيشمل تركيز التعليم العالي مباديء توجيهية هي : التنوع والشمول، الحرية الاكاديمية ، والمساءلة العامة، والتفكير النقدي والابداع والنزاهة والاخلاق، والاستدامة والمسؤولية الاجتماعية، والتعاون مقابل المنافسة.
اليوم الحاجة ملحة لبناء نظام مفتوح للتعليم العالي والمبادرة لبناء الجسور وتعزيز الشراكات على كافة المستويات الوطنية والعالمية .
أسئلة كثيرة تطرح حول ما نملكه في جامعاتنا وكلياتنا لنكون جزء من هذا التحول للمستقبل، وهل يكفي أن تدرج جامعاتنا ضمن التصنيفات العالمية في ظل نفس المعطيات المتوارثة من عشرات السنين ؟ وهل نحن بحاجة إلى مراجعات عاجلة وقرارات فورية في تعديل الخطط والتعليمات؟ ومن يقود هذا التحول اذا أردنا مواكبة العالم؟ وهل نملك ترف الوقت لنعطي لانفسنا فرص الانتظار لنرى ماذا سيحدث؟
نقف اليوم أمام مفترق طرق ونحمل معنا أمانة جيل بأكمله فهل نحن أهل لهذه الأمانة؟ اذن من سيقرع جرس التحول؟
د. أسيل الشوارب / استاذ مشارك / جامعة البترا