كتب الأب نبيل حداد
بالأمس كنا في حضرة الملك. كنت مع زملائي في مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان أستمع الى كلمات رأس الدولة التي أسبغت تكريما هاشميا على المركز وتشريفا لمجلسه وموظفيه، وحملت بهاءَ إرادة وحرصٍ ملكي دائمٍ ومشهود له وتأكيدا على أن هذا المركز هو مؤسسة وطنية مهمة وأن دوره أساسي في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان ، بل ضمير وطن حريص على كرامة انساننا
بالأمس رأيت حكمة واسشترافية جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله. الملك هو المؤتمن الأعلى لسمو الدستور ضمانًا للاستقرار.
بالأمس تجلّت مكانة الملك وبهاؤها كرمز للدولة والسيادة الوطنية وكراعٍ ساهرٍ على كرامة أبناء وبنات الوطن.
من قصر الحسينية، وللقصر نصيب من اسمِه ومن قلب وفكر وحكمة ساكنه جلالة الملك، جاء حديث رأس الدولة ليعيد الى الاذهان الناسية أو المتناسية ثوابت الدولة الاردنية التي اكدت على أن احترام حقوق الانسان ظلّ من المبادئ التأسيسية لمملكتنا. وفي المئوية الثانية ويوماً بعد يوم، يظهر جلياً كيف تأصلت في نهج الحكم الهاشمي كرامةُ الانسان واحترام الحقوق.
بالأمس وأنا استمع لكلمات الملك استذكرت لقاءً مماثلاً في آذار من عام 2000 في رغدان العامر. كنّا في حضرة الملك الذي بارك في مطلع عهده الميمون انطلاقة مشروعه في مأسسة حقوق الإنسان في الدولة الاردنية بتشكيل اللجنة الملكية لحقوق الانسان برئاسة جلالة الملكة رانيا العبدالله، وتشرفتُ بأن اكون عضواً فيها.
في الزمن ذاك، كان “حقوق الأنسان” مصطلحاً غريبا، قابَله البعض بالاستغراب ظناً منهم أنه ثقافة غربية وغريبة مستوردة، فيما استهجن آخرون، وربما استنكروا وجود قاضي قضاة المملكة وهذا القس الأردني بين أعضاء تلك اللجنة الموقرة.
بعد اكثر من سنتين من عمل اللجنة الملكية، جاءت ولادة المركز الوطني لحقوق الإنسان عام 2003 الذي أراده جلالة الملك أن يكون ضمير الوطن وعين الملك وحارساً اميناً وفياً مخلصاً لواقع حقوق الانسان في وطنٍ “ملتزم بالتعددية السياسية والإعلامية، وهو ليس دولة تعسفية ولن يكون أبدا”.
إن نظرة سريعة إلى النهج الهاشمي تؤكد -“وتاريخنا يشهد على ذلك” – أن نظام الحكم كرّس مبادئ المساواة وحرية الرأي وحرية التعبير وحرية المعتقد. وهي مبادئ اكد عليها منذ البدايات القانون الأساسي لامارة شرق الاردن لسنة 1928 الذي تضمن 16 مادة من أصل 72 تكفل الحقوق والحريات العامة. وكذا الدستور الاردني عام 1947 الذي خصص 17 مادة تكفل حقوق المواطنات والمواطنين. كما أفرد الدستور الاردني لعام 1952 فصلاً خاصاً بعنوان حقوق الاردنيين والاردنيات كفل بصورة مباشرة او غير مباشرة كافة الحقوق التي وردت في الشرعة الدولية لحقوق الانسان.
يالأمس كان الحرص المخلص الصادق على صون الحقوق والكرامة واحترام حق الأردنيين في التعبير عن رأيهم واضحاً وصريحا في فضاء الحسينية، في توجيه أراد جلالته أن يُسمِعه للحاضرين في مجلسه العامر وليطمئن كل ابناء وطنه ويبدد المخاوف والتشكيك، مع حرص مخلص صادق على مواجهة الإساءات المخالفة للأخلاق والتجاوزات على القوانين، على وسائل التواصل الألكترونية، من خلال تشريعات تواكب الحاجات المستحدثة وتخمد انماط الاستقواء على مؤسسات الدولة والتنمّر على الجماعات والأفراد وكل الممارسات الغريبة على مجتمعنا.
في عامه العشرين، ينال المركز الوطني لحقوق الإنسان بلقاء الملك عبد الله الثاني حفظه الله تكريماً ويتلقى دعماً وتوجيهاً يستهدي به في مسيرته كضمير للوطن كما أراده الملك “مركزاً من أجل الإنسان عنوانه كرامة الإنسان وحقوق الإنسان”.