تخوف من التعتيم على قضية انفجار بيروت بعد مقتل رجلين على صلة بالميناء

1 يناير 2021
FILE PHOTO: FILE PHOTO: A view shows damage at the site of a massive explosion in Beirut's port area, as part of the city's skyline in seen in the background, in Beirut, Lebanon August 12, 2020. REUTERS/Alkis Konstantinidis/File Photo

وطنا اليوم:منذ انفجار مرفأ بيروت الذي راح ضحيته أكثر من 200 قتيل اتهم الناجون من كارثة الميناء المُدمر قادة لبنان السياسيين بتخريب التحقيق لحماية أنفسهم من الإدانات، والتعتيم على تورط الفصائل مثل حزب الله.
وتفاقمت المخاوف من تعتيم جماعي بعد مقتل رجلين على صلة بالميناء في الأشهر التي أعقبت الانفجار، الذي وقع في 4 أغسطس/آب فيما رفع وزيران سابقان دعوى قضائية لإقالة قاضي التحقيق بعد محاولته توجيه تهم إليهما.

تطورات مشبوهة!
نزار صاغية، محامٍ ومدير مجموعة المفكرة القانونية، قال نقلاً عن صحيفة The Times البريطانية الخميس 30 ديسمبر/كانون الأول 2020 إنَّ رفض رئيس الوزراء الإجابة على الأسئلة المتعلقة بالانفجار يوحي بأنه يعتقد أنه “غير مسؤول أمام أي شخص”، مضيفاً أنَّ حسان دياب الذي دعا للتحقيق في الكارثة “يقول إنَّ القضاء غير كفء”.
من جانبه، قال هادي مرعي، الطالب الذي تدمر منزل عائلته في الانفجار: “أعتقد أنَّ هناك الكثير من الأسرار والتطورات المشبوهة، مثل الحريق الهائل الذي أعقب الانفجار، واغتيال مصور عسكري”.
وما زاد شكوك اللبنانيين حدوث جريمتي قتل في الأشهر الماضية بحق أشخاص لهم صلات بالميناء. ففي 2 ديسمبر/كانون الأول، تعرض العقيد منير أبورجيلي، موظف جمارك متقاعد، للضرب حتى الموت في منزله شمالي بيروت كما قُتِل جوزيف بجاني، المصور العسكري الذي التقط صوراً لموقع الانفجار، برصاص رجلين أمام منزله بينما كان ينتظر اصطحاب بناته إلى المدرسة في 21 ديسمبر/كانون الأول 2020.
العقيد أبورجيلي قيل إنه كان صديقاً لزميله العقيد في الجمارك جوزيف سكاف، الذي تعرض لضرب أفضى للوفاة في عام 2017، على يد ما يُفتَرَض أنهم لصوص. وزُعِم منذ الانفجار أنَّ سكاف كان أول مسؤول أثار مخاوف تتعلق بالسلامة بشأن نترات الأمونيوم.
وفي وقت سابق رفض رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب استجوابه من قِبل قاضٍ اتهمه وثلاثة وزراء سابقين بالإهمال فيما يتعلق بانفجار مرفأ بيروت.
إذ أثارت الاتهامات التي وجَّهها القاضي فادي صوان، انتقادات شديدة من جهات نافذة بما في ذلك جماعة حزب الله والزعيم السُّني سعد الحريري.
ووصف رئيس وزراء لبنان حسان دياب، في الأسبوع الجاري، محاولة القاضي اتهامه بالتقصير في ما يتعلق بالانفجار بأنها “شيطانية”. واحتج حسان والوزيران السابقان، وهما نائبان حاليان أيضاً، بالامتياز البرلماني لرفض الرد على الادعاء.
ولفت المحامي صاغية إلى أنَّ دياب ما زال أمامه أسئلة يتعين الإجابة عليها، مضيفاً “هناك دائماً ذريعة لتجنب المقاضاة في لبنان. ويقولون دائماً: لماذا أنا وليس الآخرين؟ ثم ينتهي بنا المطاف بلا محاكمة على الإطلاق”.
فيما أعرب الناجون عن اعتقادهم بأنَّ العدالة لن تتحقق للأشخاص الـ200 الذين قُتِلوا في الانفجار، واتهمت جماعات قانونية الحكومة بإنهاء سيادة القانون في البلاد.

المتورطون في انفجار مرفأ بيروت
بعض السياسيين أشاروا إلى أن صوان كان انتقائياً في تحديد من سيوجه إليهم الاتهامات، وأنه تجاوز نطاق سلطاته بتوجيه اتهامات لوزراء، لكن آخرين قالوا إن قراره ينمّ عن شجاعة.
دياب، الذي تولى منصبه في يناير/كانون الثاني، قال إنه مرتاح الضمير فيما يتعلق بالانفجار الذي وقع في الرابع من أغسطس/آب وأسفر عن مقتل 200 شخص وإصابة الآلاف، ودمر أحياء بأكملها في العاصمة بيروت، فيما استقال بعد الكارثة، لكنه واصل العمل كرئيس لحكومة تصريف الأعمال.
والوزراء الثلاثة السابقون المتهمون أعضاء في أحزاب حليفة لحزب الله الذي قال يوم الجمعة إن الاتهامات تنم عن “استهداف سياسي”، واثنان منهم عضوان في حركة أمل الشيعية التي ينتمي إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ونتج الانفجار، الذي كان واحداً من أقوى الانفجارات غير النووية في التاريخ، عن كمية ضخمة من نترات الأمونيوم ظلت مخزنة بشكل غير آمن لسنوات.

حروب مصيرية في لبنان
يأتي هذا في وقت لا تزال فيه القوى السياسية هناك تخوض حروبها المصيرية، وسط انهيارات متعددة في الاقتصاد والسياسة، وآخرها “حرب القضاء”.
إذ تستخدم هذه القوى القضاء لتصفية الحسابات السياسية، ولعل الحدث الأكبر الذي ضرب البلاد كان استدعاء القضاء اللبناني، عبر القاضي فادي صوان المحقق العدلي الذي يدور في فلك التيار الوطني الحر، لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، والوزيرين السابقين علي حسن خليل، الذي يشغل منصب المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، ويوسف فينيانوس القيادي في تيار المردة الذي يتزعمه سليمان فرنجية، الذي ينافس جبران باسيل في معركة رئاسة الجمهورية، وذلك في ملف تفجير مرفأ بيروت.
بينما لم تتطرق الاستدعاءات القضائية للمسؤولين والوزراء المرتبطين بالتيار الوطني الحر، ما اعتبر -وبعيداً عن عدم قانونيته- مسعى لتصفية الحسابات بين رئيس الجمهورية ميشال وصهره باسيل من جهة، والرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري وزعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من جهة أخرى.
وترى أوساط قانونية أن استدعاء القضاء لرئيس الحكومة مخالف للدستور، لأن محاكمة رؤساء الحكومات تكون عبر محكمة خاصة يشكلها البرلمان حصراً.
فيما قال رئيس الجمهورية أمام مجموعة من القضاة الذين استقبلهم في القصر الجمهوري في بعبدا في وقت سابق، إنه يريد رؤية رئيس البرلمان نبيه بري وزعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في السجن قبل انتهاء عهده، بتهم الفساد.