وطنا اليوم – الغى النظام السوري، اليوم، السبت 8 من تموز، اعتماد مكتب هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) في مناطق سيطرته.
وأصدرت وزارة الإعلام في حكومته بيانًا عزت فيه سبب إلغاء اعتماد “BBC” إلى ما قالت إنه “تعمدها منذ بداية الحرب الإرهابية على سوريا، تقديم معلومات وتقارير غير موضوعية ومزيفة عن الواقع السوري”.
وجاء في البيان أنه ورغم تنبيه القناة لأكثر من مرة، لكنها واصلت بث تقاريرها “المضللة” بالاستناد إلى تصريحات وإفادات من “جهات إرهابية ومعادية لسوريا”. كما عزا بيان الوزارة القرار إلى ما اعتبره “عدم التزام القناة بـ”المعايير المهنية” وإصرارها على تقديم تقارير “مسيسة ومضللة للرأي العام”.
واستنادًا لهذه الذرائع ألغت وزرة الإعلام اعتماد القناة واعتماد مراسلها في المناطق التي يسيطر عليها النظام.
استطاعت “BBC” الحفاظ على مكتبها في دمشق في الوقت الذي غادرت فيه وسائل الإعلام الدولية والأجنبية، سوريا، خلال الثورة، على اعتبار أن القناة ترفع شعار الحيادية في التغطية والمعالجات الصحفية.
ورغم أن القناة كانت من أولى وسائل الإعلام الدولية التي غطت الاحتجاجات في سوريا ونقلت أخبارها، إلا أنها تعرضت لاحقًا لانتقادات عديدة بسبب مواقف لصحفيين ومقدمي برامج فيها.
كما اتهم مراسلوها بالانحياز للنظام السوري، من خلال مرافقة قوات الجيش خلال العمليات العسكرية، ونشر تقارير غير واقعية عن حقيقة الوضع في سوريا، تتحدث عن بعض التقاليد الاجتماعية والفعاليات الثقافية والفنية.
وكان مراسل القناة في دمشق، عساف عبود، رافق قوات النظام السوري في احتفالاتها بحصار حلب، لتستقيل منها المذيعة السورية، ديمة عز الدين، في مطلع أيار 2016، متحدثة حينها عن “أسباب شخصية”، دفعتها للاستقالة.
وفي 14 من أيلول 2016، نشرت القناة تقرير مراسلها (عساف عبود) احتوى على أخطاء مهنية ومغالطات تاريخية واضحة.
وظهر عبود على طريق “الكاستيلو” شمال حلب، مشيرًا في التسجيل أن هذا الطريق سيشهد دخولًا لقوافل الشاحنات الإغاثية الأممية إلى مدينة حلب.
وقال المراسل في تقريره إن طريق “الكاستيلو” كان خاضعًا لسيطرة “المعارضة المسلحة” لعدة أشهر، وهي معلومات مغايرة للوقائع التي تشير إلى سيطرة المعارضة على “الكاستيلو” لنحو ثلاث سنوات، قبل أن تستعيده قوات النظام والميليشيات الرديفة منتصف تموز 2016.
وأضاف عبود أن السيطرة على “الكاستيلو” جاءت ردًا على هجوم المعارضة على منطقة الراموسة جنوب حلب، وفتح ثغرة باتجاه الأحياء الشرقية في المدينة.
واتهمت “BBC” وقتها أنها وقعت في خطأ مهني، فسيطرة المعارضة على “الراموسة” جاءت بعد نحو 20 يومًا من سيطرة قوات الأسد على طريق “الكاستيلو”، وأتت في سياق محاولة فك الحصار المفروض على الأحياء الشرقية.
يأتي قرار إلغاء الاعتماد بعد نحو عشرة أيام من نشر “BBC” تحقيق في 27 من حزيران الماضي، بالشراكة مع شبكة الصحافة الاستقصائية “OCCRP”، كشف وجود صلات مباشرة جديدة بين تجارة مخدرات “الكبتاجون” وضابط رفيع في قوات “الفرقة الرابعة”، وهو اللواء غسان بلال الرجل الثاني بعد ماهر الأسد في الفرقة.
وجاء في التحقيق، الذي حمل عنوان “من داخل دولة المخدرات السورية”، أن محاكمة في لبنان بدأت ضد رجل الأعمال السوري- اللبناني، حسن دقو، الذي أطلقت عليه الصحافة اللبنانية لقب “ملك الكبتاجون”.
ولم تجرِ المحاكمة بشكل علني، لكن فريق التحقيق التقى القاضي الذي أوضح أن معظم الأدلة جاءت من مراقبة الاتصالات الهاتفية بين دقو وعدد من مهربي المخدرات.
في المحاكمة، قال دقو إنه كان يتعاون مع “الفرقة الرابعة” “لمحاربة مهربي الكبتاجون”، وقدم بطاقة هوية “الفرقة الرابعة” كدليل.
بالبحث في وثائق المحكمة المكونة من 600 صفحة، وجد فريق التحقيق سلسلة من لقطات شاشة لرسائل أرسلها دقو إلى شخص يسميه “المعلم”، صاحب “رقم ذهبي” (يتكون رقم هاتفه في الغالب من نفس الرقم يتكرر عدة مرات).
تحدثت “BBC” إلى مصادر مختلفة “رفيعة المستوى” في سوريا، أكدت أن الرقم يخص اللواء غسان بلال، مع عدم التأكيد من صاحب العلاقة بسبب الاتصال بالرقم بشكل متكرر دون الحصول على رد.
ويعد اللواء بلال الرجل الثاني بعد ماهر الأسد في “الفرقة الرابعة”، ويدير مكتبها الأمني.
كما أظهر التحقيق تورط “حزب الله” بعمليات صناعة وتهريب “الكبتاجون”، بعد الكشف عن محادثات هاتف محمول في مدينة السويداء جنوبي سوريا، وجد في مقر مجموعة راجي فلحوط، وهي مجموعة محلية، كانت تتبع لـ”الأمن العسكري”، واجهت اتهامات بضلوعها بعمليات القتل والخطف.
تحقيق “BBC” جاء بالتزامن مع مساعي دول جوار سوريا، وتحديدًا الأردن والسعودية، لإيقاف محاولات تهريب المخدرات المتواصلة باتجاه أراضيهما.
ورغم عدم اتهام الأردن والسعودية المنخرطتين بتقارب مع النظام منذ أشهر، للنظام السوري بشكل صريح بقضية المخدرات، لكن تقارير وتصريحات دولية وأمريكية تتحدث عن تورط النظام بهذا الملف، ما تبعه عقوبات أمريكية بريطانية طالت مقربين من الأسد، في هذا السياق.