وطنا اليوم:أعلنت السلطات العراقية الاثنين أنها فتحت تحقيقا لتحديد أسباب نفوق أطنان من الأسماك في نهر جنوبي البلاد، لكن خبراء قالوا إن نقص المياه والتراخي في تطبيق القيود البيئية، بالإضافة إلى التغير المناخي، هي وراء خسارة الأسماك، وربما خسارات أخرى أكبر في المستقبل.
وأظهرت فيديوهات منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي مياه نهر المجر في محافظة ميسان الجنوبية مغطاة بآلاف الأسماك النافقة الطافية على سطح النهر.
وقال مستشار لجنة الزراعة البرلمانية السابق عادل المختار إن نقص الواردات المائية أدى إلى انخفاض جودة المياه في النهر بشكل كبير وجعله غير مناسب لعيش الأسماك.
وأضاف المختار أن الخبراء حذروا من تأثر الثروة السمكية والثروة الحيوانية بشكل عام بانخفاض مناسيب المياه المستمر.
ويقع نهر المجر في منطقة المجر الكبير، قريبا من الحدود العراقية الإيرانية.
ومع قلّة هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة تصنّف الأمم المتّحدة العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثراً بالتغيّر المناخي، في حين تندّد بغداد بالسدود التي تبنيها تركيا وإيران المجاورتان والتي تسبّبت بنقص ملحوظ في مناسيب المياه في أنهار العراق.
ومنذ سنوات، يحاول العراق الحصول على إطلاقات مائية أكبر من الأنهار التي تنبع من إيران وتركيا، لكن مشاريع السدود التي يقيمها البلدان على تلك الأنهار تسبب بانخفاض واردات العراق المائية بشكل كبير.
وفي مايو الماضي قال متحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية إن العراق لا يحصل سوى على 30 بالمئة من “استحقاقه الطبيعي” من المياه.
ونقلت فرانس برس عن مدير شعبة الأهوار والتراث العالمي في مديرية بيئة ميسان خضر عباس سلمان إنّه “تبيّن من خلال الاختبارات الحقلية التي أجريناها أنّ نسبة الأوكسجين تساوي صفر في المياه بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الملوحة”.
ويقول الخبير المختار إن “نقص المياه يرفع مستوى ملوحتها، كما يرفع نسب التلوث والسمية فيها مما يقتل السمك”.
ويحذر المختار من موجات نفوق أكبر، وعلى مساحات مائية أكبر، بسبب استمرار تدهور المخزون المائي العراقي.
وتمثل عدة أنواع من الأسماك، تعيش في المياه العراقية، موردا اقتصاديا وغذائيا مهما لسكان البلاد.
لكن الأسماك ليست وحدها المهددة، بحسب خبير الاستراتيجيات والسياسات المائية رمضان حمزة.
يقول حمزة إن القطاع الحيواني، بل والبشر في العراق مهددون أيضا بسبب نقص المياه.
ويؤكد أن نقص المياه، واستمرار تلويثها بالفضلات البشرية والصناعية، يؤدي إلى وصول مياه سامة ملوثة بالمعادن الثقيلة إلى النباتات والحيوانات التي تشرب تلك المياه، وأيضا إلى البشر الذين يأكلون تلك الحيوانات والنباتات ويشربون تلك المياه.
وفي إحاطتها لمجلس الأمن في مايو الماضي، قالت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، أن “المياه تمثل أهم أزمة مناخية في العراق”.
وأضافت “بحلول عام 2035، تشير التقديرات إلى أن العراق سيكون لديه القدرة على تلبية 15٪ فقط من احتياجاته من المياه”، مؤكدة أن نسبة التلوث في أنهار العراق تبلغ “90٪”، كما “يعاني 7 ملايين شخص حاليا من انخفاض إمكانية الحصول على المياه”.
ويقول الخبير حمزة إن التلوث المائي “خطير جدا في العراق”، كما أن “التلوث النفطي الناجم عن آبار النفط يتسرب إلى المياه”.
ويضيف “حالة النفوق هذه ستتكرر وستكون أكثر سوءا طالما بقت إدارة المياه ضعيفة، وواردات المياه شحيحة، ولم يمنع رمي الملوثات في النهر”.
وشهد العراق عام 2018، حادثة مماثلة وقعت في محافظة بابل عندما تفاجأ مربّو الأسماك بنفوق آلاف من أسماك “الكارب”، دون أن يتمكنوا من معرفة السبب، وقد رجّح بعضهم يومها وقوف فيروس أو مواد كمياوية خلف ما جرى.