نضال ابوزيد
جاء الإتفاق السعودي الإيراني مفاجئ لبعض مركز القرار الاردني وبعض الدول الغربية التي يبدو انها فوجئت بوجود الرعاية الصينية للإتفاق الذي صدر من خلال بيان ثلاثي صيني – سعودي – ايراني ، حيث يبدو أن ترتيبات ما قبل الإتفاق قد غابت عن مركز الرصد والإستشعار الاردني رغم أن معلومات تحدثت بان المبادرة الصينية طرحت قبل أكثر من ثلاث أشهر وبالتحديد منذ زيارة الرئيس الصيني إلى الرياض .
وبعيداً عن الصورة البيضاء التي رسمها كُتاب ومحلليين تناولوا الإتفاق السعودي – الإيراني ، يبدو أن المحاولات السعودية لمناكفة الإدارة الامريكية الحالية ومحاولات إضعافها أمام أوساط الرأي العام الامريكي والذي تشير إستطلاعات الرأي الامريكية، الى أن الإتفاق أثر ولو بشكل طفيف على شعبية الرئيس الامريكي بايدن ، الذي يبدو ان دخول الصين على خط المبادرات في الشرق الاوسط وخاصة مع الحليف الأكبر والوثيق لواشنطن وهي الرياض ، قد ادى إلى انخفاض شعبية الإدارة الأمريكية الحالية بسبب تراجع الدور الامريكي وإنكفائه في المنطقة .
ثمة إشارات أرسلت سابقاً للدبلوماسية الاردنية بعدم البقاء بوضعية المتابع للشأن الإقليمي دون الدخول في الترتيبات التي تجري خلف الستارة ، الا أن التقوقع الاردني وراء خيارات اقليمية ودولية أدى الى تراجع دوره في التدخل في أي حل إقليمي ، ومن ضمنها الحل السعودي الايراني الذي يبدو أن عمَان غابت كلياً عن ترتيباته رغم وجود دول متأثرة كانت على إطلاع بهذه الترتيبات منذ اللحظات الاولى مثل سلطنة عمُان .
لم يتضح بعد موقف المؤسسة الرسمية الاردنية تجاه الترتيبات السعودية الإيرانية ، سوى بيان خجول صدر عن وزارة الخارجية وشؤون المغتربين تعلق بالترحيب بالإتفاق واشار صراحة الى تمنيات اردنية بأن يكون الاتفاق “خطوة من شأنها أن تحفظ سيادة الدول وتمنع التدخل بشؤونها الداخلية”، وهنا تضمنت العبارة الاردنية تمنيات يبدو انها لن تروق للطرف الإيراني الذي ضمناً يعتبر انه ظفر بالحصة الاكبر من الموقف العربي من خلال إتفاقه مع السعودية ، مما يعني أن دوافع الرغبة او الحاجة للاردن قد تضائلت لدى الايرانيين الان اكثر مما كانت عليه سابقاً .
ثمة ملفات اردنية إستراتيجية إنجازها مرتبط بالعامل الإيراني، حيث انبوب النفط العراقي الاردني ، وانسياب الحركة التجارية بين الاردن وسورية وملفات اخرى اكثر إلحاحاً ، يبدو أن الاتفاق السعودي الايراني سيؤدي الى تعقيدها اكثر وليس حلحلتها كما اشارت اليه بعض التحليلات وذلك لرغبة سعودية بالحصول على جزء من مكتسبات تلك المشاريع الاستراتيجية .
وهنا فإن الموقف الاردني اصبح محاصراَ تماماً ، وليس كما وصفه بعض المحللين والكتاب بأنه خطوة بالاتجاه الصحيح ، هي فعلاً بالإتجاه الصحيح لكن للسعودية وليس للاردن الذي بات في موقف لايحسد عليه إقليمياً، وبالتالي فان اشارات سعودية وإيرانية سنسمع بها قريباً اذا ماقُدر لهذا الإتفاق بأن ينجح وإذا ما قدر ايضاً بأن لا تقوم قوى خارجية بخطوة سياسي او عسكرية قد تؤدي إلى إنهيار هذا الانفاق برمته.
ثمة خطوة اردنية ملحة وباتت ضرورية بأن يبادر الاردن بتسمية سفير لدى طهران مع بقائه في موقف “الدبلوماسية الناعمة” مع الحذر من الإندفاعة السريعة وغير المحسوبة وراء الإتفاق السعودي الإيراني قبل أن تتضح معالمه لأن مؤشرات وفرص جمود هذا الإتفاق اقوى من مؤشرات إستمراره وتطوره، لكن حتى اللحظة لا أحد يجيب عن سؤال تحاول تغافله ادوات الدبلوماسية الاردنية لماذا يتأخر إعلان تعين سفير اردني لدى طهران وما هي ملامح المغامرة المنتظرة ؟ اسئلة تبقى رهن إما الاجابة الحكومية او تبقى معلقة لحين خسارة ما تبقى من أوراق المناورة الدبلوماسية في أحد أبرز الملفات التي تؤرق الاردن رسمياً وبشكل اقل اهتمام شعبياَ ايضاً.