زهدي جانبيك
المؤشرات الدولية
الملخص التنفيذي:
من لا يستطيع تقديم ايجاز متماسك ومتناسق مع وثيقة التحديث الاقتصادي لن يتمكن من تنفيذها وبالتأكيد لن يتمكن من تقييم مدى التقدم في تحقيق اهدافها.
اختارت الحكومة ان تتضمن رؤيتها الاقتصادية عددا من المؤشرات العالمية 15 او 17 او 13 (لخمتنا الحكومة لانها لم نحدد موقفها) ومن بينها كان مؤشر التنافسية العالمي الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي هو الوحيد الذي يعتمد على بيانات سنة 2019 ، مما لفت انتباهي للبحث في هذا المؤشر تحديدا.
فوجدت ان احدث تقرير صدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي كان عام 2023، ولكن الحكومة لم تلتفت اليه ربما لانه حدد أشد خمس مخاطر اقتصادية يواجهها الاردن على المدى القصير (سنتين) وعلى المدى البعيد (10 سنوات)، وهي:
1. أزمة الديون (اقتصادية) تكافح المالية العامة أو الشركات لخدمة تراكم الديون ، مما يؤدي إلى الإفلاس الجماعي أو إفلاس الدولة ، ووتؤدي الى أزمات السيولة المالية أو/و التخلف عن السداد ، وأزمات الديون السيادية.
2. أزمة الموارد الطبيعية (بيئية) على شكل نقص حاد في إمدادات السلع والموارد الطبيعية على نطاق عالمي نتيجة الاستغلال المفرط للبشر و / أو سوء إدارة الموارد الطبيعية الحرجة. وتشمل على سبيل المثال لا الحصر: المواد الكيميائية والمواد الغذائية والمعادن والنفط و الماء.
3. أزمة تكلفة المعيشة (مجتمعية): عدم قدرة كبيرة لدى قطاعات واسعة من السكان على الحفاظ على نمط حياتهم الحالي بسبب الزيادات في تكلفة السلع الأساسية التي لا يقابلها ارتفاع في دخل الأسرة الحقيقي.
4. صدمات شديدة في أسعار السلع الأساسية (اقتصادية) مثل الطاقة والمياه.
5. أزمات العمالة والمعيشة (مجتمعية) التدهور الهيكلي لآفاق العمل أو معايير العمل. تشمل على سبيل المثال لا الحصر: تآكل حقوق العمال. ركود الأجور وارتفاع معدلات البطالة والعمالة الناقصة ؛ الإزاحة بسبب الأتمتة ؛ ركود الحراك الاجتماعي والتفاوت الجغرافي أو الصناعي بين العرض والطلب على العمالة.
لم تكن الحكومة موفقة في تبني تقرير منتدى الاقتصاد العالمي لعام 2019 وتجنب الاشارة الى تقرير عام 2023 نظرا لما يحمله التقرير الاخير من اهمية كبيرة من خلال اشارته الواضحة الى المخاطر الاقتصادية الملحة التي يواجهها الاردن.
واليكم التفاصيل:
تفرغت خلال الايام القليلة الماضية للاطلاع على:
– وثيقة رؤية التحديث الاقتصادي الواقعة في 124 صفحة
– ووثيقة البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي الواقعة في 150 صفحة،
– ووثيقة ملامح البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث االقتصادي 2023-2025 الواقعة في 14 صفحة،
– وشاهدت التسجيل الكامل للايجاز الذي قدمه الدكتور بشر الخصاونة ومدته 18 دقيقة و 41 ثانية.
وذلك بهدف الاطمئنان على الايام الجميلة التي لم تأت بعد والاحلام التي لم تتحقق. فوجدت الموضوع مسليا فعلا وسيكون محل مقالات كثيرة قادمة.
لكنني في اول مقالة لي حول رؤية التحديث الاقتصادي ساتناول موضوع المؤشرات الدولية لانني اعتقد ان قيام الحكومة باعتماد المؤشرات الدولية كمعايير تقييم للخطط الوطنية خطأ وخطيئة ما كان يجب على الحكومة ومستشاريها الوقوع به.
فلا يجوز لا اداريا ولا وطنيا ان تعتمد الحكومة على معايير تضعها منظمات ومؤسسات اجنبية للحكم على نجاعة ونجاح الخطط الوطنية.
ويستطيع القاريء المطلع على هذه المؤشرات الدولية ان يلاحظ بسهولة ان جزءا كبيرا من وثيقة رؤية التحديث الاقتصادي عبارة عن ترجمة حرفية من عدة اشخاص وليس من شخص واحد، اذ ما معنى: عبارة الادويــة الجنيســة ذات العلامــات التجاريــة، الواردة ص 46، 47 وما هو سياق استخدام كلمة (الجنيسة) هنا، وكذلك عبارة (ويحقق النزعة الاستهلاكية الاخلاقية.) ص 48 وغيرها الكثير،
ولكن وللحقيقة فان الدكتور الخصاونة لا تنقصه التعابير العربية المشوقة مثل: (ركائز مؤشرجودة الحياة) و (مستهدفات الرؤية الاقتصادية) و (مستدركات الفساد) وهي تعابير ومحسنات جميلة، ولكنها لم تستطع التغطية على الاخطاء الموضوعية التي تسببت بها الترجمة الحرفية في متن وثائق رؤية التحديث الاقتصادي.
وعودة الى المؤشرات الدولية:
تم ذكر المؤشرات العالمية لاول مرة في الوثيقة ص 15، وما يثير الاستغراب ان رؤية التحديث الاقتصادي اعتمدت على بيانات قديمة لبعض المؤشرات العالمية التي تعود الى العام 2019 اي قبل اربع سنوات ، وهذا خطأ كبير يعني ان وثيقة التحديث الاقتصادي اعتمدت على معلومات حول الاردن قديمة عمرها (اربع سنوات) واعتبرتها اساس تنطلق منه الحكومة لوضع خطة عمرها 10 سنوات، وهذا يتضمن تدليسا على المواطن وعلى صاحب القرار (الملك) ، لان الحكومة ستدعي ان التقدم الذي حصل خلال الاربع سنوات الماضية وكانه انجاز للحكومة مع انه حصل قبل اعداد هذا الرؤية الاقتصادية باربع سنوات او ثلاث سنوات.
تضارب كبير في المعلومات:
في الدقيقة 15 و 54 ثانية من الايجاز الذي قدمه الخصاونة ذكر بان رؤية التحديث تتضمن خطط تحسين مركز الاردن في 15 مؤشر عالمي هي (كما هو مبين في الصورة المرفقة من ايجاز الخصاونة):
1 . مؤشر التعقيد الاقتصادي 2020 Economic Complexity Index.
2. مؤشر التنافسية العالمي WEF 2019
3. مؤشر الابتكار العالمي 2021
4. مؤشر القيود المفروضة على الاستثمار الاجنبي المباشر 2020
5. مؤشر الاداء الصناعي التنافسي 2020
6. مؤشر الفجوة بين الجنسين العالمي 2021
7. مؤشر المرأة والاعمال والقانون WBL 2022
8. مؤشر المعرفة العالمي
9. مؤشر تنمية الحكومة الالكترونية 2020
10. مؤشر ليجاتوم للازدهار 2021
11. مؤشر جودة الحياة
12. مؤشر التنمية البشرية 2020…
13. مؤشر الامن الغذائي العالمي
14. مؤشر التنافسية المستدامة العالمي GSCI ….
15. مؤشر الاداء البيئي EPI 2020
هذه هي المؤشرات العالمية التي ذكرها الخصاونة في ايجازه.
ولاحظوا ان مؤشرا واحدا منها فقط معلوماته محدثة لغاية عام 2022 بينما يعود معظم المؤشرات الى العام 2020 وهي بيانات لا يجوز اعتمادها لوصف الحاضر لانها قديمة ولا تصلح للتخطيط الحكومي طويل الاجل.
ولكن الاهم ان وثيقة رؤية التحديث الافتصادي تخالف ما ذكره الخصاونة في الايجاز، إذ انها تذكر 17 مؤشرا عالميا في الصفحة 16 (من ضمنها مؤشر الاستقرار السياسيى وقد اختفى هذا المؤشر من الايجاز وبقي في الوثيقة.
وتتناقض مع ايجاز الخصاونة لانها لا تتضمن سوى 11 مؤشرا من المؤشرات التي ذكرها الخصاونة في ايجازه ولم تذكر الوثيقة الاربع مؤشرات الباقية التي يريد الخصاونة تحسينها. (من كتب الايجاز، ليس نفس الشخص ااذي كتب الوثيقة).
ويزداد الامر سوءا وغموضا وفوضى في الصفحة 32 من وثيقة التحديث الاقتصادية والتي لا تذكر سوى 13 مؤشرا دوليا فقط ويصفها من كتب وثيقة التحديث الاقتصادي بانها المؤشرات الدولية الرئيسية المستهدفة والتي سيتم تتبعها ومتابعتها ضمن عملية تنفيذ الرؤية خلافا لما ذكره الخصاونة في ايجازه عنما قال انه يستهدف تتبع 15 مؤشرا دوليا ، بينما ذكرت الوثيقة 13 مؤشر فقط (فإذا كان الحكومة لا تعلم أن كانت تستهدف 13 أو 15 مؤشرات، فكيف تتمكن من تحسين موقع الأردن فيها) عجيب.
ومن ضمن هذه المؤشرات ال 13 لا يوجد سوى 10 مؤشرات مذكورة ضمن ال 15 مؤشر التي ذكرها الخصاونة في ايجازه. اي ان ما ذكره الخصاونة مختلف عن ما هو في الوثيقة، ومختلف عن المؤشرات المستهدفة فعلا. (طعة وقايمة فعلا).
وهذا مؤشر على ان من ترجم وكتب هذا الجزء من الوثيقة ليس نفس الشخص الذي ترجم وكتب الصفحة 16 ويختلف كليهما عن الشخص الذي اعد وكتب ايجاز الخصاونة الذي القاه امام الجمهور …
وهذا يدل على ان اعداد الوثيقة لم يتم بالتشارك كما قال الخصاونه اذ ان الحضور لم يميزوا الاختلاف الكبير بين المكتوب بين ايديهم وبين ما يقوله الخصاونة في الايجاز.
الاهداف الاستراتيجية للرؤية وعلاقتها بالمؤشرات العالمية:
وبعد ان قرر الخصاونة ان رؤيته الاقتصادية تعتمد عل ركيزتين: النمو الاقتصادي وجودة الحياة ، وانه بعد مسح هذه المؤشرات العالمية وجد ان نقاط ضعف الاردن تكمن في المؤشرات التالية:
– مؤشر الابتكار العالمي 2021
– مؤشر القيود المفروضة على الاستثمار الاجنبي المباشر 2020
– مؤشر الفجوة بين الجنسين العالمي 2021
– مؤشر المرأة والاعمال والقانون WBL 2022
– مؤشر تنمية الحكومة الالكترونية 2020
– مؤشر التنمية البشرية 2020 وقد نقرر رفع ترتيب الاردن في هذا المؤشر فقط ليصبح الأردن ضمن اول 20% من الدول.
وعلى الرغم من انها تشكل نقاط ضعف الاردن الا انه لم يختار منها إلا مؤشر واحد لرفع ترتيب الاردن فيه.
وبدلا من الاهتمام بنقاط الضعف جميعها، توجه الى المؤشرات التي كان اداء الاردن فيها متوسطا وهي:
– مؤشر التعقيد الاقتصادي 2020
– مؤشر التنافسية العالمي WEF 2019 وقد تقرر رفع ترتيب الاردن في هذا المؤشر ليصبح ضمن اعلى 30% من الدول.
– مؤشر الاداء الصناعي التنافسي 2020
– مؤشر ليجاتوم للازدهار 2021 رفع ترتيب الاردن ليصبح ضمن اعلى 30%
– مؤشر التقدم الاجتماعي 2021 او التطور الاجتماعي فقد تم استخدام الاسمين بسبب تعدد المترجمين.
– مؤشر تنافسية المواهب العالمية 2021
ولان المؤشرات التالية تم اعتبارها نقاط قوة للاردن فلم يتم اختيار اي مؤشر منها لتحسين ترتيب الاردن فيه، ربما لان قدرته على التحسين وتسجيل النقاط هنا محدودة:
مؤشر الاداء البيئي EPI 2020
مؤشر مستدركات الفساد 2021
المؤشر العالمي لريادة الأعمال 2019
وخارج اطار نقاط القوة والضعف والاداء المتوسط للاردن في المؤشرات الدولية اختار الخصاونة مؤشر التنافسية المستدامة العالمي GSCI ليرفع مركز الاردن فيه ليصبح ضمن اول 40% من الدول.
والعجيب ان هذا المؤشر ليس من ضمن المؤشرات الدولية الرئيسية المستهدفة والتي سيتم تتبعها ضمن عملية تنفيذ الرؤية الاقتصادية والمبينة بوضوح في الشكل رقم 11 صفحة 32 . ولا ادري ما هو السبب الذي جعلهم يختارون هذا المؤشر طالما انه ليس من ضمن المؤشرات العالمية المستهدفة.
سيكون لنا عودة الى كل مؤشر من هذه المؤشرات لبيان ترتيب الاردن فيه خلال العقدين الماضيين ومراقبة مدى التقدم الذي تحققه خظة الرؤية الاقتصادية للاردن 2033… فانتظرونا.