“Nebraska” الحب الأبوي في أروع صوره

23 ديسمبر 2020
“Nebraska” الحب الأبوي في أروع صوره

 

جمانه الجلاد

لمن لم يشاهد هذا الفيلم الإنساني الرائع .. نبراسكا .. إنه قصة تجسد أروع مشاهد الحب الأبوي .. أب كهل يشتري ورقة ( lottery ) يا نصيب ، فتربح هذه الورقة ، يقوم على الفور بالاتصال بولديه اللذان يقيمان في ولايات ثانيه ، يأتي إليه أبناؤه ، يطلب منهما الأب أن يأخذاه الى مكتب اليانصيب الذي يبعد كيلومترات كثيره ، حيث سيأخد المبلغ الضخم الذي ( اعتقد ) أنه قد ربحه ، الولدان يعلمان أنه لم يربح شيء و لكنهما بحبهم لوالدهم لا يريدان كسر خاطره بعد هذا العمر ، فهو كهل و مريض بمرض الزهايمر ، لكنه بالنهاية والدهم ، و الذي بفضله و بتعبه وصلوا لما وصلوا إليه في هذه الحياة من نجاحات .. يتوجه الأب برفقة ولديه إلى مكتب اليانصيب ، و الموظفه هناك تخبر الولدين أن الرقم الأخير غير مطابق و أنه لم يربح شيء وهما يعلمان ذلك .. و لكن الموظفه ستعطيه جائزة ترضيه ، فاختار الأب طاقية من بين الجوائز البسيطه ، اختارها لأنها كتب عليها كلمة ( winner ) الرابح …

و بالطريق الطويله سأله ولداه لماذا أردت يا أبي ان تربح هذه الجائزة بعد هذا العمر ؟ أجاب الأب بكل الحُب الأبوي الخالص ؛ حتى اترك هذا المال لكم من بعدي .. سألوه ألم تطمح بشيء لنفسك ؟ أجاب ؛ أنا فقط أريد سيارة بكب و مولد كهرباء لحقلي ، تتوالى الأحداث في الفيلم و يمرون بولايات عديده و يقابل الأب أصدقاء قدامى و يحدثهم بأنه ربح اليانصيب

( فهو مريض الزهايمر و ينسى )..و في طريق سفرهم يتوقف الولدان عند معرض للسيارات يقومان بشراء سيارة لوالدهم تلك البكب التي يحلم بها و اشتروا له مولد الكهرباء ووضعوه في صندوق السياره ، لم يسمحوا له بالسياقه لأنه كبير و مريض ، لكن عندما وصلوا الى مدينة الأب ، هناك نزل الابن وقال لوالده الآن دورك في السياقه يا والدي ، وضع الأب طاقيته التي تحمل كلمة ( winner ) و ساق سيارته الجديده التي تحمل مولد الكهرباء في صندوقها .. و كله فخر و زهو و امتنان .. و أنه لم يخرف و يكبر و انه فعلا ربح اليانصيب و أنه لم يكن يتخيل ..

ما أجمل هذا الأب و هؤلاء الأبناء … قصة تحمل أروع معاني الحب و الوفاء و العرفان بالجميل .. برّوا بآبائكم و أمهاتكم فإن الله قد أوصانا بهم خيراً .. و مهما قدمّنا لهم نحن لن نوفيهم حقّهم … فنحن مهما كبرنا نبقى أطفالا بعيون آبائنا .. و يبقى بيتهم اسمه بيتنا .. ذلك البيت الدافيء ، صغيراً كان او كبيراً هو في عيوننا قصرنا و أماننا ، ذلك البيت ذو الرائحة الحنونة ، البيت الذي ندخله و نفتح كل خزانة في المطبخ لأننا نعرف مكان الملاعق و الأطباق و أغراض أمي التي تصّر على الاحتفاظ بها رغم عدم حاجتها لها ، في هذا البيت قام أبي بشراء أرجيلتين لي و لأختي بالرغم من حرص أمي على نظافة ستائرها و سجادها ، و لكن انبساطنا عندها هو جُلّ اهتمامها و أن نتواجد عندهم لأطول ساعات ممكنة ، هو أغلى عندها بكثير من أثاثها مع انه جديد .. ذلك البيت الذي نرجع منه محملّين بأطايب الأكل ، و أبي الذي يصّر عند مغادرتي منزلهم أن يظل واقفاً في الشارع حتى يتأكد أن سيارتي قد اختفت عن ناظريه ، بعد أن يكون قد وضع المال في جيبي و كأنني لا زلت تلك الطالبة الصغيرة التي تنتظر باص المدرسة و يعطيني مصروفي ، و هو لا يزال للآن يهذّب لي خصلات شعري و يخبرني في كل يوم بأنني أجمل نساء الأرض .. ما أجملهم آباؤنا .. و نحن مهما قدمّنا لهم سنبقى دائما مقصّرين ..

 

قال الله سبحانه و تعالى ؛

 

“واخفضْ لهما جناحَ الذّل من الرحمةِ وقلْ ربّي ارحمهما كما ربياني صغيراً ”