وطنا اليوم:انتشل عناصر الإنقاذ المزيد من الناجين من تحت الأنقاض، بعد أسبوع من الزلزال الهائل الذي أودى بحياة أكثر من 35 ألف شخص في تركيا وسوريا حتى الآن، وفق أحدث حصيلة غير نهائية حذرت الأمم المتحدة بأنها قد “تتضاعف”.
وكانت عمليات الإنقاذ تبدو غير ممكنة بعد انقضاء فترة 72 ساعة التي تعتبر حاسمة بعد الكارثة.
وليلة الاثنين، انتشل سبعة أشخاص أحياء، وفق الصحافة التركية، بينهم طفل يبلغ ثلاث سنوات في كهرمان مرعش، وامرأة تبلغ 60 عاما في بسني في محافظة أديامان. كما أنقذت امرأة تبلغ 40 عاما بعد 170 ساعة تحت الأنقاض في غازي عنتاب.
وأُنقذ كل من مصطفى البالغ سبع سنوات، ونفيسة يلماز البالغة 62 عاما في محافظة هاتاي في جنوب شرق تركيا، على ما أفادت وكالة الأناضول في وقت مبكر الاثنين. وبقي الاثنان عالقين 163 ساعة تحت الأنقاض قبل أن ينقذا الأحد.
ونشر أحد أعضاء فريق الإنقاذ البريطاني مقطعا عبر “تويتر” الأحد يظهر فيه أحد المنقذين يمر عبر نفق حفر في أنقاض المدينة ويسحب رجلا تركيا عالقا تحتها منذ خمسة أيام.
وفي مدينة كهرمان مرعش الواقعة قرب مركز الزلزال، كانت حفارات تعمل على حفر الأنقاض، ونبشها في حين تجمع أشخاص في انتظار أخبار عن أحبائهم.
وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي لوسائل إعلام محلية، إن 34717 شخصا يبحثون حاليا عن ناجين، مضيفا أنه تم إيواء نحو 1.2 مليون شخص في مساكن طلبة، وأجلي 400 ألف من المنطقة.
كذلك، دمّر الزلزال أماكن عبادة بالكامل. في أنطاكيا، لن يعود باستطاعة هافا باموتشو الصلاة في مسجد حبيب النجار.
وقالت “هذا المكان يعني الكثير بالنسبة إلينا. كان قيّما للغاية لنا جميعا، أتراكا ومسلمين. اعتاد الناس المجيء إلى هنا قبل الذهاب للحج في مكة”.
كذلك، واجهت الكنيسة الأرثوذكسية في المدينة المصير نفسه، كما قال سيرتاتش بول بوزكورت.
وأضاف “للأسف، دمرت كنيستنا بعد الزلزال. انهارت كل جدرانها وليست في وضع يمكن الصلاة فيها”.
وتابع “تكبّدنا خسائر فادحة. فقدنا ما بين 30 إلى 35 شخصا من مجتمعنا الديني”.
المساعدات تتدفق
في أنطاكيا، بدأ تنظيم جهود الإغاثة بعدما تركت لثلاثة أو أربعة أيام بعد الزلزال.
وأقيمت مراحيض بحد أدنى، من دون مياه، كما رمّمت شبكة الهاتف في العديد من الأحياء.
وقال وزير الداخلية سليمان صويلو، إنه تم نصب 30 ألف خيمة في كهرمان مرعش، مركز الزلزال، في حين يجري إيواء 48 ألف شخص في مدارس و11500 في صالات رياضية.
ونشرت الشرطة والجيش وجودا كثيفا لمنع أعمال النهب، كما تقول السلطات، بعد السرقات التي وقعت نهاية الأسبوع الماضي.
غير أن العديد من سكان أنطاكيا برروا لوكالة فرانس برس أعمال السرقة في أسواق في الأيام الأولى بعد الزلزال بالحاجة الملحة التي واجهها كثر إذ كانوا محرومين من الماء والكهرباء والمال في غياب الدعم من السلطات.
وشهدت وكالة فرانس برس تدفق المساعدة في أنطاكيا كما في كهرمان مرعش.
من جانب آخر، أوقفت عمليات البحث في شانلي أورفا وكيليس وعثمانية وأضنة، بحسب وسائل إعلام تركية.
خلافا لذلك، ما زالت عمليات البحث مستمرة في 308 أماكن في كهرمان مرعش، كما أشار وزير الداخلية.
“يشعرون بأنهم متروكون”
أما الوضع في سوريا التي ضربها الزلزال أيضا؛ فهو أكثر تعقيدا حيث ما زال باب الهوى في شمال غرب البلاد، نقطة العبور الوحيدة المتاحة من تركيا والتي يضمنها قرار صادر عن مجلس الأمن بشأن المساعدات عبر للحدود.
ودخلت شاحنات إلى سوريا من معبر باب الهوى في الشمال الغربي السوري، محمّلة لوازم للإيواء المؤقت مع خيم بلاستيكية وبطانيات وفُرش وحبال وما إلى ذلك.
لكن الأمم المتّحدة اعترفت بأن هذه المساعدات غير كافية.
وأشار مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسّق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث في تغريدة إلى أن الوكالة الأممية “خذلت حتى الآن الناس في شمال غرب سوريا. هم يشعرون عن حق أنهم متروكون” داعيا إلى “تصحيح هذا الإخفاق بأسرع وقت”.
وأعلن مدير منظمة الصحة العالمية من جهته الأحد، أن الرئيس السوري بشار الأسد أبدى استعدادا للنظر في فتح مزيد من المعابر الحدودية لإيصال المساعدة إلى ضحايا الزلزال في شمال غرب سوريا الواقع تحت سيطرة المعارضة.
وقال تيدروس أدهانوم غيبرييسوس لصحفيين، إن الأسد “أوضح أنه منفتح على فكرة (فتح) معابر حدودية (استجابة) لهذا الوضع الملح”.
وقال المسؤول في وزارة النقل السورية سليمان خليل، إن 62 طائرة محمّلة مساعدات حطّت حتى الآن في البلاد، ويتوقع هبوط طائرات أخرى في الساعات والأيام المقبلة، خصوصا من السعودية.
والأحد شكر الأسد خلال استقباله وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في دمشق، دولة الإمارات على المساعدات الإنسانية والإغاثية “الضخمة” التي قدمتها لبلاده منذ الزلزال المدمر.
من جانبه، أرسل حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في لبنان، قافلة مساعدات إنسانية مؤلفة من 23 شاحنة الأحد إلى محافظة اللاذقية في غرب سوريا التي تعدّ من أبرز حلفائه.
وتحمل الشاحنات “مواد تموينية وغذائية ومستلزمات صحية وأدوات منزلية يحتاجها الناجون من الزلزال” وفق المدير العام للدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية التابعة لحزب الله عدنان مقدّم.
حصيلة غير نهائية
وبحسب آخر التقارير الرسمية، أسفر الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجات عن 35 ألفا، و224 قتيلا على الأقل، 31 ألفا و643 قتيلا في تركيا، و3581 في سوريا على الأقل.
وحذّر غريفيث السبت خلال زيارة لمدينة كهرمان مرعش من أن حصيلة الزلزال الشديد في تركيا وسوريا “ستتضاعف أو أكثر”.
وعلى الصعيد الدبلوماسي الإنساني، وصل وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس إلى تركيا الأحد؛ للتعبير عن دعم أثينا لجارتها إثر الزلزال، وقد دعا مع نظيره التركي إلى تحسين العلاقات بين البلدين.
وكانت أثينا من أولى الدول التي أعلنت تقديم المساعدة لتركيا المجاورة، وكانت هذه أول زيارة لوزير أوروبي إلى تركيا منذ بداية الكارثة