تشكيل لجنة تحقيق للوقوف على ملابسات تغسيل الموتى في المستشفيات

5 فبراير 2023
تشكيل لجنة تحقيق للوقوف على ملابسات تغسيل الموتى في المستشفيات

وطنا اليوم:شكلت وزارة الصحة لجنة رسمية للوقوف على ملابسات ما نشر حول التعامل مع المتوفين في المستشفيات من قبل سماسرة وشركات دفن موتى غير مرخصة.
وأبلغ مصدر مطلع اليوم الأحد، أن اللجنة التي تم تشكيلها أمس ضمت في عضويتها ممثلين عن وزارة الصحة ووزارة الداخلية ودائرة الإفتاء العام وجهات أخرى؛ بهدف ضبط هذه الممارسات وإيجاد آليات بديلة تحترم جثامين المتوفين وآليات وطرق تكفينهم ودفنهم.
وأشار المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إلى أن اللجنة التي ستباشر أعمالها قريبا ستقف على كافة الحيثيات والتفاصيل التي أُدرجت في التحقيق وتتابع الإجراءات التي تمت في المستشفيات الحكومية.
وأوضح المصدر أن الوزارة بالتعاون مع وزارة الداخلية ستقف على هذه الممارسات والحيلولة دون تكرارها.
وقال محافظ العاصمة، ياسر العدوان، إنه بصدد متابعة التحقيق الذي نشر اليوم الأحد
وبين العدوان، أن الجهات المعنية بصدد إجراء جولات تفتيشية لمراقبة قطاع تغسيل وتكفين ونقل الموتى، لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحق كل من تجاوز القانون.
وأكد العدوان أن الجهات المعنية باشرت بإعداد خطة متكاملة لمتابعة كل جزئية في التحقيق وأهمها، “التهديد” و”العمل من غير الحصول على تراخيص” و”التلاعب والغش في تغسيل وتكفين الموتى”.
كشف مُعدّ التحقيق، عن قيام بعض الأشخاص ممن يحملون قيوداً بتعاطي المخدرات والشروع بالقتل، بتغسيل وتكفين الموتى بهدف الحصول على أجر مرتفع دون وجود رقابة من أي جهة حكومية على هؤلاء الأشخاص.
باصات تتجول في باحات المستشفيات تقوم بنقل الموتى دون حصولها على تراخيص رسمية للقيام بهذا العمل، صحيفة “الغد” وبالتعاون مع الجهات الأمنية استطاعت حصر أكثر من 25 باصا تقوم بنقل الموتى دون تراخيص.
لا ينتهي الأمر عند المستشفيات الحكومية، فـ”تجار الموت” لديهم “سماسرة” في المستشفيات الخاصة يقومون بالاتفاق معهم على تغسيل الموتى مقابل حصولهم على مبلغ 20 دينارا على الجثة.
وفي جولة ميدانية على ثلاثة مستشفيات حكومية، للكشف عن واقع وجود “مافيات” تسيطر على باحاتها من خلال نشر أفرادها سيرا على الأقدام واصطفاف باصاتها غير المرخصة أمام أقسام الطب الشرعي، لاصطياد المكلومين المضطرين لإتمام إجراءات الجنازة دون معرفتهم بتفاصيل ذلك.
لحظة الإعلان عن الوفاة، وعلى الفور تنهال عليك العديد من البطاقات التعريفية من أشخاص ينتظرون هذه اللحظة أمام قسم الطب الشرعي لعرض خدماتهم بشكل سريع، يقف المكلوم أمام خيارين، أولها؛ الموافقة على خدماتهم مقابل أي ثمن لإنهاء مراسم الجنازة، والثاني التفكير بالاتصال بأحد المراكز لتقوم بإجراء التغسيل والتكفين والنقل.
الخيار الأول، ستقدم لك الخدمة بأسعار مرتفعة ومن أشخاص غير مرخصين وغير مؤهلين ومن أصحاب السوابق، أما انتقاء الخيار الثاني ستواجه بأشخاص مرخصين يخافون القدوم للمستشفى جراء وجود تلك “المافيات” التي تسيطر على المكان.
الجو العام أمام أقسام الطب الشرعي في المستشفيات الحكومية، “ضجيج” و”أشخاص يجلسون على الأرصفة” و”باصات غير مرخصة” و”شجار بين أشخاص على التغسيل” و”وبكاء على من مات”، جميع هذه المشاهد موجودة في أغلب أقسام الطب الشرعي في المستشفيات الحكومية.
ووصلنا للتكلفة الحقيقية لأسعار التغسيل والتكفين والنقل، وما تقوم به “المافيات”، من استغلال لظروف أهالي الموتى لطلب أسعار مضاعفة عن المراكز المرخصة، إذ تتراوح تكلفة الكفن الواحد من القماش من أربعة دنانير ونصف إلى خمسة دنانير، يضاف إليها زجاجة عطر بقيمة نصف دينار، و”صابونة الوزير”، بقيمة 10 قروش، و”ليفة” تغسيل بقيمة 50 قرشاً وكيس قطن بسعر ربع دينار، وكمية قليلة جدا من مادة الكافور بقيمة نصف دينار، لتكون القيمة الإجمالية 7 دنانير، وتقدم الخدمة من “المافيات” غير المرخصة بأسعار تصل إلى 40 دينارا للكفن فقط.
أما عن التغسيل، فأجرة المغسل المتعارف عليها بين المراكز المرخصة تصل لـ10 دنانير، لتبلغ القيمة الحقيقية للتغسيل والتكفين دون النقل حوالي 17 دينارا، إلا أن “المافيات” غير المرخصة تطلب من أهالي الموتى مبالغ تصل إلى 100 دينار دون النقل.
العرف الدارج حول قيمة نقل الموتى بين المراكز المرخصة لخدمة الجنائز، هي 20 دينارا من أي مستشفى داخل حدود عمان إلى مقبرة سحاب الإسلامية، إلا أن تلك “المافيات” تطلب من أهالي الموتى بدل نقل مبالغ تصل إلى 50 دينارا.
باختصار؛ إن الفرق في أسعار تقديم خدمة الجنائز من تغسيل وتكفين ونقل بين المراكز المرخصة و”المافيات” غير المرخصة تصل إلى 100 دينار للحالة الواحدة.

الكافور والتلاعب والغش
بعد ارتفاع أسعار مادة الكافور التي تدخل في تغسيل الأموات لورود أحاديث نبوية شريفة بذلك، قامت “المافيات” التي تدعي معرفتها بالتغسيل وغير المرخصة، بتبديلها بمادة “ملح الليمون”، الذي يشبه مادة الكافور إلى حد كبير، بحسب ما وصل إليه الصحيفة من جولاتها الميدانية.
والكافور، هي شجرة كبيرة معمرة دائمة الخضرة يصل ارتفاعها إلى 50 متراً وذكرت في القرآن الكريم، ووصل سعر الكيلو الواحد من المادة المستخرجة من تلك الشجرة والتي تستخدم في تغسيل الموتى إلى 40 دينارا في حين كان سعره 8 دنانير للكيلو قبل جائحة كورونا.
لا يتنهي الغش عند تبديل مادة الكافور بملح الليمون، بل يصل إلى حد استخدام “ليفة” التغسيل لأكثر من مرة ولأكثر من ميت، إذ يصل استعمالها لعشر مرات بعد غسلها جيدا، ناهيك عن قص الأكفان بطريقة معينة للتوفير بالأقمشة المستخدمة في التكفين بحسب ما كشف أحد العاملين في القطاع من غير المرخصين.
الحُكم الشرعي
وجهت الصحيفة عددا من الاستفسارات لدائرة الافتاء العام، منها؛ شروط وجود مؤهلات شرعية لمغسل الموتى وهل يجب الحصول على تصريح من الدائرة للسماح لأي شخص بالتغسيل، وما حكم من يقوم بالتغسيل دون دراية وبهدف الحصول على أجر.
وردت “الإفتاء” على تلك الاستفسارات، بأن “غسل الميت من فروض الكفاية على المسلمين، والأولى بغسل الميت أقاربه، ويجوز لهم أن يستأجروا من يقوم بهذا الواجب عنهم، ويجوز للمسلم أن يأخذ الأجر على ذلك خاصة إذا تفرَّغ لها، لكن يشترط لصحة أخذ الأجرة أن يكون المغسل متقناً لأحكام الغسل”.
وحول سبيل إتقان التغسيل، قالت الدائرة، “يجب أن يكون المغسل لديه أهلية شرعية من جهة شرعية موثوقة تشهد له بأهليته لممارسة هذه المهنة، ويشترط أن يغسل الرجل الرجل والمرأة النساء”.
و”يفضل أن يكون الغاسل أميناً، فإن رأى خيراً أظهره، وإن رأى غير ذلك ستره، ولا يجوز للمغسل أن ينظر إلى عورة الميت مطلقاً، وألا ينظر إلى باقي جسده إلا للحاجة”، بحسب “الإفتاء”.
وحول الحكم الشرعي لمن يقوم بتغسيل دون دراية الموتى، أكدت “الإفتاء”، أن “من يقوم بتغسيل وتكفين الموتى دون دراية ومؤهل شرعي، فإنه آثم أمام الله عز وجل”.
وظهر كتاب رسمي صادر عن دائرة الإفتاء العام ردا على كتاب من محافظ العاصمة لإبداء الرأي الشرعي بخصوص أهلية أحد الأشخاص للعمل في تغسيل الموتى خلال العام 2018، لتقول الدائرة: “بعد إجراء الفحص الشفهي للشخص المذكور تبينت أهليته للعمل في تغسيل الموتى وعليه لا حرج في السماح له بذلك”.
الصحيفة أطلعت دائرة الإفتاء على الكتاب الصادر منهم، لتقول: “في السابق كان يصل لنا كتب من المحافظين في شتى المناطق لإجراء فحوصات شفهية وإبداء الرأي الشرعي للأشخاص الراغبين في العمل بتغسيل الموتى لكن ومنذ أكثر من 5 أعوام لم يصلنا أي كتاب في هذا الشأن”.
وأبدت الدائرة استعدادها في حال رغبة أي جهة باستشارتها لبيان الرأي الشرعي في مدى أهلية المتقدم لوظيفة مغسل الموتى.
محافظ العاصمة ياسر العدوان قال، حول الكتاب الموجه للمحافظة خلال العام 2018، حول أهلية أحد الاشخاص بتغسيل الموتى والرأي الشرعي بذلك، ليقول: “منذ استلامي لمحافظة العاصمة منذ عام ونصف لم أتلق أي طلب حول رغبة أي شخص بالعمل بتغسيل الموتى.