وطنا اليوم:كل ما تقوم به السلطات الأمنية حتى الآن فيما يتعلّق بملف المخدرات المقلق هو أنها تُفصح عن العمليات الأمنية لكنّ الحكومة من جانبها لم تُعلن بعد أو تُفصح عن الأسباب المُباشرة التي أدّت إلى تكديس كميات ضخمة من المخدرات في البلاد صدمت الشارع وانتهت بطرح أسئلة عالقة كثيرة أهمها وأخطرها هو كيفية وصول المخدرات إلى هذا التراكم والحجم في الأردن.
زاد عدد الموقوفين بعد إعلان الحملة الأمنية ضد تجار الموت عن 120 شخصا على الأقل ويتم التحقيق مع أكثر من 200 شخصا لاحقا وهذه الأرقام والمعطيات لا تشمل صغار متعاطي المخدرات او حتى تهمة التعاطي بل الحيازة والمتاجرة.
وما بين الحيازة والمتاجرة والتعاطي فروقات هائلة حتى بالمعنى القانوني وبالمسار الأمني وعلى صعيد الكميات تكشف السلطات يوماً تلو الآخر عن كميات هائلة جرى تخزينها أو تهريبها دون فهم الأسباب والخلفيات ولأغراض المُتاجرة المربحة فيما يبدو على الأرجح.
ويُلاحظ مصدر مختص وخبير هنا بأن الحجم المالي لتجارة المخدرات في الأردن مُذهل وضخم جدًّا ويُفاجئ حتى المؤسسات الأمنية التي تتولّى الاشتباك.
ويُلاحظ المصدر نفسه في إطار قراءة رقمية سريعة لها دلالاتها أن المخدرات منتشرة فيما يبدو أكثر بنسبة الضعف أو 100% على الأقل مما كانت تقدر السلطات المختصة وان قطاع الشباب واليافعين نشط جدا في مجال الحيازة والتعاطي وبنسبة قد تصل إلى 60% مقارنة ببقية الفئات في المجتمع مع الإشارة إلى أن الحملات الامنية شملت 6 محافظات على الأقل في المملكة بمعنى أن نصف التجمعات السكانية ظهر فيها نشاط ما في إطار تخزين الحبوب المخدرة أو تداولها والمتاجرة بها بمعنى الحيازة والبيع خلافا للتعاطي.
والأهم في الحيثيات المثيرة هو وجود نسبة لا يستهان بها من النساء والفتيات ضمن معادلة التعاطي، الأمر الذي يظهر بأن الخطر كان كبيرا جدا وبأن الحالة الأردنية تحوّلت على نحوٍ مُفاجئ من حالة ترانزيت “بلد عبور” بخصوص المخدرات كما كانت في الماضي إلى حالة استقرار.
لا بل إلى سوق محلي خصوصا عندما يتعلق الأمر بالحبوب المخدرة أو بأصناف من الحشيش الرخيص فيما صُودرت كميات لا يستهان بها على هامش الحملات والمداهمات من مخدرات البودرة والمساحيق مرتفعة السعر في الاسواق والاعتقاد راسخ لكنّ السلطات الأمنية لا تعلنه بأن أحد المصادر الرئيسية لسُموم الموت الأبيض من صنف المساحيق مرتفعة الكلفة والحبوب المخدرة هو الحدود مع سورية.
والقناعة راسخة بأن منظمات مسلحة لا بل قطاعات في المؤسسات العسكرية السورية تُنتج وتَبيع وتُهرّب بعض الأصناف عبر الأردن فيما انتعشت تلك التجارة الحرام في الجانب الأردني بسبب الفائض المالي الذي تدره وبعد تورط موظفين رسميين في العديد من الحالات لكن نشاط التهريب موجود أيضا عبر البحر الأحمر ومن لبنان والعراق ويبدو أن الهدف الرئيسي هو السعودية وسوق المخدرات في الخليج العربي.
بيانات الأمن العام بدأت تقترب من حاجز 30 طنا من مواد الحشيش والحبوب المخدرة تم الاعلان عن ضبطها والكميات المضبوطة أضخم بكثير من أن تُخصّص للسّوق المحلية.
لا يعرف الأردنيون بعد كيف تسرّبت كل هذه الكميات لكنّ الرّبط السياسي الأمني مع أحداث ما بعد الربيع العربي حاضر في الاجتماعات المغلقة وأشهر طبيب نفسي في البلاد وهو الدكتور وليد السرحان قدّم إفادة وشهادة مثيرة الخميس تضمّنت مُلاحظاته حول ما يجري في العيادات التي يُديرها ويُشرف عليها.
السرحان قال بأن عددا كبيرا من المرضى وزوّاره يُثبت عمليا انتشار واضح لتعاطي المخدرات بين طلاب وطالبات الجامعات في الأردن.
وألمح الدكتور السرحان إلى مُصادفة أطفال بين المرضى وتحدّث صراحة عن حصّة لا يُستهان فيها عند التعاطي للنساء وقال بأن المخدرات تنتشر بسرعة كبيرة في المملكة بين النساء والمراهقين وأن المخدرات في الشرق الأوسط أصبحت جائحة والأردن تأثّر بذلك والآثار يلمسها شخصيا وطاقمه معتبرا بأن الحل الوطني الأفضل الآن استراتيجية وطنية شاملة.
الإفصاحات من سُلطات المُكافحة تعرض حيثيات صادمة يوميا والأرقام مرعبة لكن ما يُجمِع عليه المراقبون السياسيون هو أن السلطات الرسمية لم تشرح بعد خلفية تكدّس كل هذه الكميّات من المخدرات