سميح المعايطة
كل ما يكتبه البعض في العالم عن انفراج في وضع الإخوان الإقليمي بعد مجيء بايدن ليس أكثر من محاولة قياس على فترة الربيع العربي التي نجح الإخوان فيها في بناء تفاهم مع الإدارة الأمريكية وبخاصة فيما يتعلق بمصر وتونس لكنه لم ينسحب على سوريا والأردن ولا اليمن.
اليوم هنالك تحالف قوي في الاقليم لايضيق على الجماعة بل هي بالنسبة له هي العدو الداخلي الأول، كما أنها وحلفاءها في الاقليم العدو الخارجي الأول.
إدارة الرئيس الأمريكي الجديد لن تستطيع تفكيك هذا التحالف وربما لن تكون معنية بهذا، والجماعة الأم في مصر أصابها تفكيك وضعف في الاغتراب وفي داخل مصر، و الحلف المعادي للجماعة في الاقليم يدرك أن أي تراخي مع الجماعة سيعطيها فرصة للعودة أو التقاط الأنفاس.
اما الاردن فكما تميزت الدولة باحتواء الجماعة أكثر من ستين عاما، فإنها خلال السنوات الأخيرة تعمل على التميز في تحجيمها إلى حدود عدم التأثير لكن دون اللجوء إلى أساليب تخل بمعادلة الدولة مع مكوناتها.
الانتخابات الأخيرة كانت واحدة من المحطات المرصودة فيما يتعلق بالجماعة، فالإخوان لم يكن من الممكن أن يقاطعوا لأن من هو في وضعهم لايمكنه الخروج من الحياة السياسية، كما أنهم لم يملكوا فرصة فرض أي شرط للمشاركة، ولهذا كان عليهم القبول بكل ماجرى منذ بداية الإعلان عن موعد الانتخابات، لكن ربما غاب عنهم وبخاصة في ظل طبقة قيادية ليست ذات خبرة واسعة سياسيا أن نهاية الانتخابات ستحمل حجما جديدا للجماعة سياسيا، حيث كتلة محدودة العدد وغير قابلة للتحول إلى كتلة نيابية وفق النظام الداخلي للمجلس.
في عالم السياسة والحرب وحتى علاقات الأسواق فإن على الخاسر أن يدفع أكثر من ثمن لهزيمته، والجماعة التي خاضت من خلال مجلس النقابة أكثر من معركة شرسة مع الدولة وخسرت المعركة في نهاية المطاف كان عليها أن تدرك أن الخسارة ستفتح أبواب خسارة أخرى.
اليوم الجماعة في نظر القانون ليست شرعية، وتقلصت كتلتها في البرلمان بل إن أبرز نواب كتلتها ليسوا أعضاء في التنظيم، وحتى الجسم النقابي الاجتماعي الذي امتلكته الجماعة وهو نقابة المعلمين فلم يعد قائما، والنقابات الأخرى تغيرت معادلتها.
تستطيع الجماعة أن تنتظر طفرة سياسية في الاقليم مثل الربيع العربي، لكن ربما لن تأت، وان جاءت فالاستعدادت للتعامل معها اختلفت عما سبق، لكن الجماعة التي فقدت زخمها القيادي بعد الخلافات الداخلية تقودها اليوم اما قيادات شابة أو أخرى محبطة من تتابع الأزمات والخسائر، ومثل هذه المراحل تحتاج إلى قيادة غير عادية لكنها أيضا غير متوفرة محليا وإقليميا.
محطتان مهمتان عاشتهما الجماعة خلال الأشهر الأخيرة في الانتخابات وقضية نقابة المعلمين يضاف إليهما التفاعلات الداخلية إضافة إلى نزع الشرعية القانونية عنها أعادت هيكلة حجم الجماعة محليا مع مزيد من التشدد الإقليمي تجاه الجماعة، مما يجعل سؤال المستقبل مهما على صعيد اخوان الأردن، وهل لدى الجماعة القدرة على إيجاد معادلة جديدة لوجودها بعد خسرت ثقة مؤسسة الحكم في الأردن نتيجة ما كان في فترة الربيع العربي.