و يأتيك ما ينقض صيامك مرغمًا ( لمن يقرأ )

16 نوفمبر 2022
و يأتيك ما ينقض صيامك مرغمًا ( لمن يقرأ )

بقلم : سهل الزواهره
النفس تطلب السُكون و ذلك دأبها أيًا كان حاملها رغبةً أو رهبةً وربما إنهاكًا و قد يكون يأسًا و لا ملامة، و لا يَهوي بذلك السكون مُتجاوزًا كل تلك النوازع إلا أمر جَلل أو تراكم لا يُعد السكوت معه ممكنًا فتنطلق الحواس كَشِباكِ صيادٍ طالت غيبته فبكَّر ذات صباح فألقاها في نهرٍٍ اختلط حبره بِمائه لعلَّه يحوزُ فِكرةً أو أثرًا يُنَفِّس بهما احتقانًا اعتمر صدرًا تعارك شهيقه المختنق بزفيره المكبوت فتقدَّم المُتأخر و تراجع المُتصدٍّر و انطلق لسانه مستكشفًا الجهات الأربع لأرضٍ أقاموا على رأس كل طريق منها مُهرِّج رخيص اعتاد لعب الحبال و التلصص على نوافذ البلد و أجَّر لسانه المتلوي و قلمه النجس لكل دافع و رافع فحاز المكان و علت قهقهته و شرب نخب الوصول قُرب نعال أولياء النعم و مفاتيح المرحلة .
قيل يُعرف المتَكلِّمُ بِِكلامه و المُحِبُ بحرارةِ سلامِه و هذا أمرٌ يستقيم قبل أن تضرب أمواج النفاق و الطبول الديارَ و يصبح المُتَكلِّم يحتالُ بالكلام والمُحب يزوِّر السلام ، و يعتلى المنبر مَنْ لو قُيِّضَ للمنبر أن يتكلم لرفع قوائمهُ وضجَّ بالدعاء يا ليتني كنت نِشارة و لم أكن لأهل السفاهة دارا ، و تنطلق الأكُفُّ المُرتشية تسندها المُتأملة تصفيقًا و تبريكًا لتلك الطلاسم المَطهُوة خلف البِحار و المَحمولة على ورقٍ مُستَورد و الممهورة بِختم أبالسة حُمر يأمرون فيُطاعون ففي كل ضيعة لهم فِراخ للتنفيذ و الوعيد ، و الفرز غدا على الطاعة و من أراد العطايا فشريعة الكذب و التبرير هي السجادة الحمراء التي ستفترش الأرض التي ذُبخت ملامحها و بيع ترابها و استبدل محرابها بمسرح للدمى التي تحتال على الناس كيفما أرادت تلك الانامل الطويلة و الحناجر الصاخبة.
لم أسمعْ يومًا عن ميتٍ دُفنَ مع قيده و لو كان ، فالقيدُ مهما طال سيسقُط و الزمان و العاتيات و الغضب كُفلاء بتذويب أشد المعادن بأسًا، و من يُحسن قِراءة التاريخ يُحسنُ قِراءة المُستقبل يقينًا لا تنجيمًا و لا كهانة، و أول الحِساب العد و آخره نتيجة، و مهما تلبَّدت الغُيوم على حيِّنا المنهوب فهي حتمًا إلى زوال و هروب، فلا نصر لهالك و لو طالت دنياه و لو زوِّرت الكتب و الكراريس و حُشِّدت الرايات و الكراديس ، فهاهُنا نهرٌ تقدَّس و صحراء تحنو الشمسُ عليها و بنون لا أُخدود يُرهبهم و لا ألف ذي نواس .