“جدرانك قدري” للقاصة الأردنية خلود المومني

13 ديسمبر 2020
“جدرانك قدري” للقاصة الأردنية خلود المومني

 

موسى إبراهيم أبو رياش

وطنا اليوم –  تتكون المجموعة القصصية «جدرانك قدري» للقاصة الأردنية خلود المومني من خمس عشرة قصة قصيرة، وثلاث وعشرين قصة قصيرة جدًا، ذات صبغة اجتماعية واضحة وخاصة على مستوى الأسرة كزوج وزوجة، وكذلك الأطفال والجدات والأخوة والأخوات، بالإضافة إلى زملاء العمل، وبعض النماذج الأخرى في المجتمع. ويلاحظ أنها أولت اهتمامًا كبيرًا بالشريحة الاجتماعية الشعبية التي نتعايش معها في الأحياء والحارات.

وقد تناولت هذه المقالة صورة الرجل كما ظهرت في قصص المجموعة، بجانبيها الإيجابي والسلبي، الخير والشر، الجمال والقبح، من خلال المشاعر والعواطف والعلاقات والتشابكات والصراعات الاجتماعية والحياتية الواقعية المتنوعة التي حفلت بها المجموعة.

الزوج

نال الزوج النصيب الأكبر من قصص المجموعة التي كان للرجل حضور فيها، وهذا متوقع؛ كونه رب الأسرة نواة المجتمع، وعامل رئيس في سعادتها أو شقائها.

يتفهم الزوج في قصة «ولي العهد» مشاعر زوجته الحامل، ورغبتها العارمة بطفل ذكر بعد أربع بنات، ويبتسم للهفتها لأن تُنادى بأم فلان، وعندما تلد ذكرًا في المستشفى، يطير فرحًا، ولكنها فرحة لم تكتمل عندما أخبره الطبيب أنه طفل منغولي، فيحار كيف سيخبر زوجته، وعندما يخبرها مترددًا متألمًا، تحتضن الوليد بحب وحنان، راضية بحكمة الله وقدره. إنه الزوج المثالي الحنون المتفهم الشريك الحقيقي للزوجة، المواكب لأحلامها، المتابع لأوضاعها، الحريص على مشاعرها.

تطمئن الزوجة في قصة «أرقام» على أطفالها في ليلة ماطرة ثم «أوقدت بخوري، وجبلت حنائي المخلوط بأعواد الريحان، قربانًا لقلب ما فتئ ينبض باسمك». إنه الوفاء لزوج أحبته، لسابق حياته معها، وحسن معاملته، وطيب عشرته، وما زالت تتأنق له كأن لم يغب يومًا.

تتأرجح المرأة بين رجلين في قصة «حرير»؛ والد أطفالها الذي يعود إلى البيت محملًا بما لذ وطاب؛ مما يُسعد أطفالها، تعد له ما يحب مع أنها لا تشعر بحب نحوه، على الرغم من حنانه وإحساسه بالمسؤوليه، أم الحب القديم الذي ما زال يحتل القلب والذاكرة؟ وفي لحظة فارقة اتخذت قرارها، وخلعت حبها القديم إلى غير رجعة، وانحازت إلى بيتها وأطفالها وزوجها. كان سلوك الزوج وحسن تعامله وحب أولاده له عاملًا حاسمًا في قرار الزوجة حفاظًا على أسرتها وإن على حساب سعادة قلبها.

في قصة «الممثل»، تطارد نظرات الإعجاب من النساء الممثل، الذي لم يرفض إحداهن يومًا، فهو ممثل، وهذا قدره كما يقول، ولكنه يتذكر زوجته التي تنتظره في البيت، يتفهم مشاعرها ومشاغلها وتعبها، ويقدرها كثيرًا، ويشعر أنها تلم شعثه، بحنانها وأمومتها وحدبها عليه مع علمها بتصرفاته وعلاقاته، وذات يوم وهو على المسرح بعد أن بردت علاقتهما، يأتيه خبر أنها وقعت وانكسرت رجلها، فيسرع إليها، كمن فقد عزيزًا، تلمس جبيرتها بحنان وقال لها: « أنا منك وأنت مني». فهذا الزوج الممثل يعرف حقيقة الأمور، وأين يقف، وهو متمسك بزوجته، لا يجد راحته إلا معها، ولكن تغلبه نزواته وضعفه الإنساني وسط محيط مشبع بالإغراء والانفلات.

في قصة «رجل الإطفاء» يتقد قلب رجل الإطفاء هيامًا بامرأة سلبته عقله وقلبه، يفكر بالزواج منها، ولكنه لن يتخلى عن زوجته وأولاده، فهم روحه. زوجته لا تهتم بنفسها، أما هذه فهي تضج أنوثة وتعتني بمظرها. زوجته ليست مشكلة، يشتعل غضبها ثم يهدأ وتستكين وتتقبل بالأمر. رأى نارًا تشتعل في بيته ولم ينجح بإطفائها، وعلى الرغم من تكدره وتشاؤمه، إلا أن رغبته بالثانية كانت أكبر «لعل ما رأيته في منامي تلك النار التي تعقم وتظهر روحي وليست التي تحرق». إنه نموذج الزوج الأناني النرجسي، الذي يقدم مصلحته على حساب زوجته وأولاده، ولا يرتدع على الرغم من النذر ورسائل التحذير، معتمدًا على طيبة زوجته التي سرعان ما تهدأ وتتقبل، ولكنه لا يحسب حسابًا للمستقبل وما قد يجره من مشكلات.