وطنا اليوم:نشر موقع “ريتم أوراسيا” الروسي تقريرا تحدث فيه عن مشكلة نقص الأموال المخصصة للتنمية التي اعترضت جميع جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقا دون استثناء، مما دفع المسؤولين ورجال الأعمال للبحث عن مصادر تمويل خارجية.
وقال الموقع، في تقريره إن دول البلطيق تنازلت عن قطاعها المصرفي لصالح السويديين وغيرهم من شركاء أوروبا الغربية. في المقابل، بدأت جمهوريات آسيا الوسطى ذات الأغلبية المسلمة في جذب شركاء من الشرق.
ويضيف الموقع أن الخدمات المصرفية الإسلامية كانت بمنزلة اكتشاف لروسيا وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان وأذربيجان؛ حيث إن ما يسمى بالنظام المصرفي الإسلامي الذي يستند في عمله إلى أحكام الشريعة، ويقوم على عدم تلقي المصرف ربحا من فوائد القرض، بل مشاركة المستثمر في مشروعه يجهله الأوروبيون والمقيمون في جمهوريات آسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي.
ويبين الموقع أن آلية حل مشكلة التمويل بالنسبة للأوروبيين، تتمثل في التقدم بطلب للحصول على قرض من أحد البنوك، مقابل توفير المقترض ضمانات للبنك مثل العقارات لبيعها في حالة عدم سداد القرض. في حين؛ يقدم البنك الإسلامي المال دون الحصول على نسبة فائدة، ويساهم باعتباره شريكا تجاريّا مطالبا بتقاسم الأرباح والخسائر، فيما يتحمل الطرف الذي اقترض من البنوك الغربية وحده مسؤولية نجاح مشروع الاستثماري من فشله، مع ضمان تسديد القرض في جميع الظروف.
وأفاد الموقع أن الربح هدف جميع رواد الأعمال باستثناء الصيرفة الإسلامية، التي خلافًا لغيرها من المؤسسات لا تعتمد مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، ولا تمنح قروضا لمن لا يلتزمون بقواعد الأخلاق الإسلامية. فعلى سبيل المثال؛ لا تمنح البنوك الإسلامية قروضا لرجال الأعمال الذي يعملون في مجال إنتاج الكحول، حتى في البلدان غير الإسلامية أو أصحاب الكازينوهات أو للمثليين.
ووفق الموقع؛ فيتم تنفيذ التأجير والتأمين والخدمات الأخرى باستخدام أموال البنوك التي تحترم معايير الشريعة، ويعرف مصطلح “المودع”، المألوف لدى الأوروبيين، الذي يعني الشخص الذي يدخر أمواله في البنك مقابل الحصول على فائدة، بالمستثمر المشارك في الصيرفة الإسلامي. في الوقت نفسه، يتم إبلاغ المودع بمجال استخدام الأموال، وهو أمر تفتقده البنوك الأوروبية أو الأمريكية.
وأوضح الموقع أن عدد البنوك الإسلامية في النظام المصرفي العالمي يكاد لا يذكر، وغير منتشرة على نطاق واسع بسبب المتطلبات الصارمة للمقترضين. وبشكل عام، تواجه البنوك الإسلامية، حتى في البلدان الإسلامية، المنافسين الذين يقدمون العروض المعتمدة من قبل الغرب.
والجدير بالذكر، أن التجربة الروسية في العمل المصرفي الإسلامي باءت بالفشل؛ ففي عام 1991، افتتح “بدر فورتي بنك”، وأغلقت أبوابه عام 2006. وفي عام 1992، أنشأ الصناعيون الروس البنك التجاري الإسلامي الموحد، الذي سرعان ما أغلق أبوابه هو الآخر. في الوقت الراهن، ونيابة عن الرئيس تقرر تنفيذ مشروعين مصرفين إسلاميين في الشيشان وداغستان.
من جانبها؛ بحسب الموقع، تعتزم الجمعية الاتحادية لروسيا دعم تطوير الصيرفة الإسلامية على المستوى التشريعي، وقد قدم مجلس الدوما في تموز/يوليو من العام الجاري للوزارات والإدارات مشروع قانون لدعم “تمويل الشركاء” المصطلح المرادف للمستثمر المشارك في الدول الإسلامية في آسيا وأفريقيا.
وخلال المنتدى الاقتصادي الإسلامي الروسي الرابع المنعقد في كاسبيسك، قدم نائب الرئيس الأول شركة لبنك سبير، أوليغ غانييف، عددا من المقترحات لتطوير الخدمات المصرفية الإسلامية في روسيا؛ حيث يقدم بنك سبير عروضا تتوافق مع الشريعة الإسلامية، بما في ذلك التمويل التجاري والضمانات المصرفية وخدمات الحسابات والنقد وخدمات التسوية.
ويعزز نجاح مثل هذه التجربة في روسيا إمكانية جذب تدفقات مالية كبيرة من الإمارات العربية المتحدة وبروناي وسلطنة عمان والبحرين والمملكة العربية السعودية ودول إسلامية أخرى.
وقد أظهرت الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومنظمة شنغهاي للتعاون اهتماما بتقديم الخدمات المصرفية الإسلامية. وخلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون المنعقدة في أيلول/ سبتمبر الجاري، كانت قضايا تحفيز الاستثمار والتجارة والتعاون في القطاع المالي من بين القضايا الرئيسية التي تم التطرق إليها.
وفي الختام، نفى الموقع إمكانية تعطيل عملية إدخال الصيرفة الإسلامية في فضاء ما بعد الاتحاد السوفييتي، لا سيما في ظل عدم وجود اعتراضات جوهرية على تقديم مثل هذه الخدمات في دوائر الأعمال من طرف المسؤولين، ولا رجال الدين من مختلف الأديان.