الأردن الجديد : التحول الاستراتيجي في اقليم متغير

15 يونيو 2022
الأردن الجديد : التحول الاستراتيجي في اقليم متغير

 

د ابراهيم عيسى العبادي 

خبير الشؤون الاستراتيجية والأمنية 

رئيس المركز الوطني للقيادة والتنمية 

 

يجد المتتبع لتسارع المتغيرات في شؤون المنطقة والاقليم بأنه بدأت تظهر بشكل جلي مقاربات جديدة سياسيا واقتصاديا في منطقة يمثل الأردن فيها المحور الاستراتيجي والذي يتطلب ضرورة اعادة البناء بشكل أفضل لسياساته القادمة والتي بقيت لفترة طويلة ثابتة منذ عشرينيات القرن الماضي ؛ وبما يتوافق مع حجم المهام الملقاة في الحفاظ على دوره الاستراتيجي الهام ؛ حيث يقع الأردن وهو المنكشف على الجهات الأربع في منطقة ولادة للمفاجآت والأخطار والصراعات بشتى أنواعها ؛ فلا نستطيع الانفصال عن المصير الفلسطيني من جهة ؛ والأمر نفسه تقريبا بالنسبة الى المصيرين العراقي والسوري ؛ وربما كلنا ندرك كم كانت هذه الملفات الثلاثة صعبة وشائكة خلال العقدين الماضيين والى يومنا هذا ؛ ولا الانفصال عن التحول الملموس والبارز في مظاهر القوى سياسيا واقتصاديا لدى الأشقاء في الامارات والسعودية ودورهم البارز في ادارة ملفات المصالح المشتركة في المنطقة  . 

إن التقديرات الاستراتيجية وقراءة حالة الموقف الأردني تشير الى أن الحالة السياسية القادمة في المنطقة  تفرض إما أن نكون أمام استقرار الاقليم او استقرار الفوضى ؟ وأن مظاهر البقاء والاستمرارية اليوم لأي دولة في الاقليم اختلفت عما كانت عليه في الماضي . نحن اليوم في اقليم تغّير وفي منطقة تتغّير بشكل متسارع ؛ حيث نواجه مناخات صعبة تكاد تكون مهمات صيانة الاستقرار والبقاء والحفاظ على الكيان والدور الاستراتيجي الاقليمي ليس مرنا بسبب تغير كثير من المعطيات السياسية والاقتصادية ؛ الأمر الذي يتطلب أردنيا ويستوجب القرارات القائمة على الجرأة والحسم والدقة والسرعة لمواجهة ملامح اقليم جديد بدأ يتمثل أمامنا ؛ اقليم كان ولا يزال بطبيعته مضطرب بشكل دائم بالحروب الطاحنة والاضطرابات المهلكة منذ عقود من الزمن . 

إن التحالفات التي بدأت تتبلور في المنطقة هي الامتداد الطبيعي للأردن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ؛ ولا يمكن لنا البقاء أسرى للتاريخ القريب سواء أكان في حالة الحرب او حالة السلم – ربما تاريخا قائما على عدم الوضوح وينتابه عدم اليقين في كثير من حيثياته – في منطقة نجدها اليوم تتغير وتتمايز حيث تشكلت قوى جديدة بدأت تعمل بقوة خارج حدودها وبفعالية عالية سياسيا واقتصاديا و بدأت تظهر بشكل جلي خطوط التماس بين الفرقاء فيها ؛ وخارطة طريق جديدة لإعادة ترتيب توازنات القوى وتحالفات أقوى يجب أن يحافظ الأردن في تحوله الاستراتيجي على دوره القوي فيها ؛ من خلال تحديد مكانته من هذه التحالفات ورسم أدواتنا السياسية في ادارة الصراعات القادمة من خلال اعادة تنظيم أساسية للعلاقات والمصالح المشتركة  في المنطقة للوصول الى ايجاد مجتمع إقليمي مشترك وربما الى ما هو أبعد حيث امكانية أن تتشكل سوق اقليمية مشتركة ومشاريع كبرى ممتدة عابرة للحدود ؛ إنها القدرة  أردنيا على رسم سياساتنا القادمة على مواجهة أشكال الحروب الجديدة من أجل اعادة البناء بشكل أفضل للأردن الجديد.