حرية الإعلام أولاً وثانياً وعاشراً ..

4 مايو 2022
حرية الإعلام أولاً وثانياً وعاشراً ..

المحامي بشير المومني

لا حاجة بنا لنذكر بأهمية حرية الإعلام وما لعبه من دور في صناعة شكل الدولة ودعايتها لكن لربما يشكل دخول ( أنصاف الإعلاميين ) على هذه المهنة المقدسة التحدي الأكبر لصناعة النموذج الإعلامي الأردني .. الغالبية من الصحفيين الأردنيين يمثلون حالة وطنية نبيلة ولطالما انحازوا الى جانب الإردن في الملفات المفصلية وهنالك بيت خبرة يحترم وقادر على تصنيف الغث من السمين وقادر على صناعة المحتوى الوطني بلا تأشير ( نقابة الصحفيين الاردنيين ) والأردني لا ينقصه الانتماء أو الحرص بطبيعته على الوطن بوصف الدولة او النظام بوصفه الواسع من السياسي او الاجتماعي او الأمني او الاقتصادي او التشريعي ..

ابتلي الأردن بمنظومة مستحدثة اخترقت ضوابط القيم وجرى استعمال ادوات محددة واهمها ( السوشيال ميديا ) وما يسمى ( بالمنظمات الدولية والحقوقية ) وكذلك ( الاعلامي المؤدلج ) ولا ننكر هنا وجود جهات محترمة لكن اليوم يدرك الجميع بأن المنظومة الممولة تعمل وفق أجندة الممول ولاستمرار هذا التمويل لابد من تقارير تنسجم مع أجندة الممول والتي قد تستند لمعايير عمل ( نظيفة ) او ( موجهة ) لكن بجميع الاحوال فإن المعايير الموضوعية المرعية لهذه الجهات عادة ما تصطدم أيضا مع منظومة الدين والمجتمع فمن غير المقبول اردنيا الحديث عن دعم الشذوذ الجنسي او الاساءة للانبياء والرسل او التهكم على معتقدات الاخرين الدينية او تجريح المسؤول بشكل شخصي والاساءة لعرضه وأسرته رغم ان ذلك مباح لدى الغير وهذا اذا ما افترضنا منتهى حسن النية فما بالكم عندما يقف خلف هذه المنظمات والجهات عمليات استخبارية تتبع لدول ..

اذا ما افترضنا ان الحالة الاعلامية الاردنية باتت غير منضبطة فلابد من اعادة تقييم وتشخيص كامل لهذه الحالة ولعل التفكير بإعادة انتاج وزارة الاعلام باتت ضرورة بالاضافة لتوسيع قاعدة الضبط والربط النقابي من خلال توسيع قاعدة العضوية لتشمل الاعلاميين بالاضافة الى الصحفيين ضمن معايير استرشادية في تحديد ماهية الوصف للاعلامي المحترف وجعل العضوية اجبارية وحظر مزاولة المهنة على غير الاعضاء مع صلاحيات واسعة لمجلس النقابة في التدريب والانتساب والشطب من عضوية النقابة وفقا لاحكام قانونية وقدرة المجلس على توجيه العقوبات لاعضاء النقابة ابتداء من التنبيه وصولا الى الفصل النهائي ضمن حدود القانون وبحيث تصيغ النقابة كمؤسسة مجتمع مدني قيم ومعايير وضوابط المهنة ..

يسند ذلك كله معيار مهم في الحياة الديمقراطية من حيث سيادة القانون وتطبيق احكامه فالتعقب الجزائي وفقا لمنظومة العدالة الجنائية ومن خلال ما ارسته محاكمنا من معايير قانونية واجتهادات تستحق ان تدرس وهي مثال على ادب قانوني رفيع ينحاز بشكل واضح لحرية التعبير طالما تحرت الجهة الاعلامية محل المحاكمة الحقيقة والصالح العام والابتعاد عن الشخصنة واستظهرت حسن النية ولطالما اصدرت محاكمنا وقضاتنا الاجلاء قرارات كانت بمثابة سوابق قضائية اعتمدت كحالة قانونية مرجعية فالاصل عند الاختلاف على تقدير الصالح العام هو الاحتكام الى القانون ليكشف قاضي الموضوع في قراره عن الحقيقة باعتباره عنوانها ..

نعلم جيدا مقدار التحديات التي تواجه الدولة والاستهداف الذي يتربص بها من كل جانب وهنالك شعور جمعي اردني بأن هذا الاستهداف يستند لعمليات هندسة اعتقاد منظمة يقف خلفها اجهزة متخصصة في صناعة البروباغندا لها ادواتها وهي قادرة على التجنيد والاختراق والتمويل والتوجيه فالعالم كله لم يعد كما كان ولا نستطيع ان نعيش بعزلة وجودية مقابل المحافظة على وجوديتنا لكن تعزيز المهنية الاعلامية والصحافة الحرة هو مدخل مثالي ايضا لمعالجة التحديات الاعلامية وتصدي الاعلامي الوطني الاردني بمدركاته الذاتيه لما يحاك لهذا الوطن من عمليات تفكيك ناعم وخشن على حد سواء وصون بيضة الهوية الوطنية والقيم العامة ..