محكمة أردنية ترد دعوى ضد شركة جوجل قيمتها مليار دينار

18 مارس 2022
محكمة أردنية ترد دعوى ضد شركة جوجل قيمتها مليار دينار

وطنا اليوم:في حكم قابل للاستئناف قررت محكمة بداية عمان رد الدعوى التي أقام المدعي (أيمن يعقوب ‏عبد الحسيني بواسطة وكيله المحامي محمد عادل الطراونة) بمواجهة المدعى عليها (شركة جوجل انترناشونال الأردن) والتي ‏موضوعها (المطالبة بالتعويض عن الضرر المعنوي بقيمة مليار دينار أردني لغايات الرسوم وإعادة الحال إلى ما كان عليه)، ‏والتي أساسها، ما يلي:‏
اولاً: دولة فلسطين (تحت الاحتلال) تضم شعباً وأرضاً ومعترفاً بها من قبل المملكة الاردنية الهاشمية كدولة مستقلة ولها سفارة ‏قائمة وعاملة فيها ومعترف بها أيضاً من قبل جامعة الدول العربية والأمم المتحدة كعضو مراقب وكافة المنظمات والهيئات ‏الدولية حيث بدأ العمل بخريطة فلسطين المعروفة بحدودها بعد تقسيم الوطن العربي إلى الخريطة المعروفة اتفاقية سايكس بيكو ‏التي تنص على تقسيم الدول العربية شرقي المتوسط في عام 1916 في إطار تقسيم أراضي الامبراطورية العثمانية المتداعية.‏
ثانياً: حيث كانت فلسطين من نصيب المملكة البريطانية التي دخلت الأراضي الفلسطينية كمحتلة عام 1917 ثم تحولت إلى ‏انتداب بتاريخ 6/6/1921.‏
ثالثاً: قام الانتداب البريطاني برسم حدود فلسطين غربا البحر الأبيض المتوسط وشرقا امارة شرق الأردن وشمالاً لبنان وسوريا ‏وجنوباً مصر وقامت بتفريغ وتثبيت تلك الحدود على شكل خارطة جغرافية.‏
رابعاً:- مكنت حكومة الانتداب البريطاني لليهود بالهجرة إلى فلسطين واصدرت قرار وعد بلفور الذي تضمن إنشاء وطن قومي ‏مزعوم لهم.‏
خامساً: استمر الانتداب البريطاني حتى عام 1947 حيث استصدرت سلطة الانتداب البريطاني قراراً دولياً من الجمعية العامة ‏للأمم المتحدة بقرار تقسيم حدود أراضي فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وأن يقتطع منها أراض للدولة اليهودية.‏
سادساً: في عام 1948 قامت سلطات الانتداب بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المنتدبة ولحق ذلك إعلان دولة الكيان ‏الاسرائيلي.‏
سابعاً: إن خارطة فلسطين المشار إليها في البند الثالث وهي الحدود المعتمدة للأمم المتحدة و المنظمات الدولية التابعة لها اعترفت ‏بمنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها ممثلاً للشعب الفلسطيني ومنحتها حق المشاركة في مداولات الجمعية العامة بشأن قضية ‏فلسطين.‏
ثامناً: وحيث تم الاعتراف من أكثر من 80 دولة بدولة فلسطين وأعلن منظمة التحرير الفلسطينية في مجلس الأمن التابع للأمم ‏المتحدة اعتراف 94 دولة.‏
تاسعاً: في 15/12/1988 استبدلت منظمة التحرير الفلسطينية باسم فلسطين في منظومة الامم المتحدة.‏
عاشراً: في 23/12/2011 تم منح الجمعية العامة لعضوية فلسطين مركز دولة غير عضو لها صفة مراقب في قرار الجمعية ‏العامة للأمم المتحدة وفي 17/12/2012 قرر رئيس بروتوكل الأمم المتحدة الرسمية ان تستخدم الامانة اسم دولة فلسطين في ‏جميع الوثائق حيث كان يوجد في الأمم المتحدة دولة واحدة تتمتع بهذه الصفة وهي الفاتيكان.‏
حادي عشر: إن اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين دولة مراقبة لها في الأمم المتحدة يعني أنها ستسمح لدولة فلسطين ‏بالانضمام إلى المعاهدات ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة.‏
ثاني عشر: إن هذه البقعة الجغرافية موجودة منذ آلاف السنين حقيقة ولا تقبل الشك وما تضمنه من مدن تاريخية ذكرت في ‏التاريخ مثل القدس وأريحا وعكا ويافا وحيفا وغزة تسمي دولة فلسطين.‏
ثالث عشر: إن إزالة أو إزاحة اسم فلسطين وخريطته الجغرافية عن محرك البحث جوجل التابع للمدعى عليه واستبداله بخريطة ‏اسرائيل يشكل إساءة وإهانة بالغة لكرامة هذه الشعوب وتاريخها والحضارات لا يقدر بثمن.‏
رابع عشر: إن ما قامت به المدعى عليها من فعل ضار وتقصير قد تسبب بإضرار نفسية ومالية بالغة بالمدعي وللشعب ‏الفلسطيني عامة الأمر الذي من شأنه إضاعة كثير من فرص تجارية بكافة أقطاب الأرض.‏
خامس عشر: كما وقع الضرر على عائلة المدعي وتاريخها بهذه الصفة ألحق ضررا كبير بالمدعية وعائلته وكل من ينتمي إلى ‏شعب ودولة فلسطين.‏
وقد عللت المحكمة قرارها برد الدعوى وسببته على النحو التالي:‏
‏((تجد المحكمة ان محركات البحث (الجهة المدعى عليها) في حقيقتها آليات تقنيّة تستعمل المؤشرات لمعرفة الوثائق المطابقة ‏للمصطلحات الّتي وقع كتابتها في عمليّة البحث، ويتمثل محرك البحث ببرمجيّة تستهدف التّحرك سعياً إلى توفير المعرفة للباحث ‏عبرها، وتتضمن الموقع أو الصّفحة أو المكان الّذي يمكن منه استرداد معلومة محددة مثلما هو الحال في استخدام محرك البحث ‏‏(‏Google‏)، والتي تضطلع بدورها من خلال الإستفهام والاستفسار من قاعدة البيانات، باستخدام كلمات مفتاحيّة مسجلة في قاعدة ‏بيانات منضمة والكلمات المفتاحيّة تتطابق مع مصدر أو مع العديد من المصادر على الإنترنت فكلُّ محرك بحث لديه نظام معين ‏من الكلمات المفتاحيّة يبحر من خلالها ضمن مجال أسماء النّطاق.‏
في حين يؤدي مورّد المعلومات كوسيط تقني من وسطاء شبكة الانترنت دورًا كبيراً ومهمّاً في وجود المضمون غير المشروع ‏على شبكة الإنترنت، فمورّد المعلومات سواءً كان شخصًا طبيعيّاً أم معنويّاً صاحبُ الدورِ الإيجابيِّ والسّلطةِ الحقيقيّةِ في وجود ‏المضمون غير المشروع ومراقبته لأنّه هو من يقوم بتأليفه أو جمعه ونشره على شبكة الإنترنت، فهو من يملك توريده ‏لمستخدمي شبكة الإنترنت أو الإمتناع عن ذلك وقد يكون المضمون مشروعا في ذاته ولكنه سبّبَ ضرراً للغير ممّا يستوجب ‏تعويضه عنه أو تكون عدم المشروعيةِ صفةً ملازمةً له، وحتى يكون مورد المعلومة ضامناً للضّررِ الّذي يُلحقه بالغير يجب أن ‏يتَّصفَ عملُه بعدم المشروعيّةِ، إذ نصَّتْ المادةُ 256 من القانون المدنيّ الأردنيّ على أنّ: “كلَّ إضرار بالغير يُلزم فاعله، ولو ‏غير مميِّز بضمان الضّررِ”؛ فالإضرارُ وليس الخطأ، هو مناطُ المسؤوليّة التّقصيريةِ، فالإضرارُ يختلف عن الضّررِ فهو يعني ‏إحداث الضّررِ بفعل غير مشروع أو على نحوٍ مُخالفٍ للقانون.‏
فمورّد المعلومات الّذي يُلحق ضرراً بالغير نتيجةَ مساهمتِه في نشر مضمونٍ إلكترونيٍّ غير مشروع يلتزم، بحسب أحكام القانون ‏الأردنيّ، بضمانه حتّى ولو انتفى خطأه، ومُؤدَّى ذلك أنّه وفي ظلِّ غياب نصٍّ خاصٍّ يحكم مسؤوليّة مقدّمي خدمات الإنترنت ‏ويُبيِّن شروطها وأساسها، فإنّ تنصُّلَهم من المسؤوليّة عن المضمون الإلكترونيّ الضّارِ بالغير لن يكون بالأمر الهيِّنِ، فمورّد ‏المعلومات لا يستطيع أن يُثبت أنّه لم يأتِ بفعلٍ غير مشروعٍ عند نشره لمضمونٍ إلكترونيٍّ مُخالفٍ للقانون، ولو لم يكن عالماً ‏بهذه المخالفة، لأنّ مناطَ المسؤوليّة هو الإضرارُ، وليس العلم والإدراك، وفي سبيل ذلك يجب أن لا يكون له أيُّ دورِ إيجابيٍّ أو ‏سلبيٍّ في وجود أيِّ مضمون غير مشروع.‏
وبهذه الصّفةِ الأخيرة يقوم مورّد المعلومات بنشر المعلومات على شبكة الإنترنت، فهو من يملك توريدها لمستخدمي شبكة ‏الإنترنت أو الامتناع عن ذلك؛ لأنّه هو من يقوم بتأليفها أو جمعها ونشرها على شبكة الإنترنت، فهو مُلزم بالرقابة والاشراف ‏على المعلومات ومحتواها لضمان مشروعيتها بالإضافة إلى أنّه ملزمٌ بامتلاك الوسائلِ الفنيّةِ اللّازمةِ لممارسة الرّقابةِ والسّيطرةِ ‏على المعلومات بهدف احترام حقوق الآخرين ، وتنهض مسؤوليّة مورّد المعلومة عن المضمون غير المشروع في حالة العلم ‏بالمضمونِ غَيْرِ الْمَشْرُوْعِ ، ويتميّزُ المضمونُ غير المشروع بأنّه ذو طابعٍ عالميٍّ، ففداحةُ الأضرار النّاتجة عن بثِّ المضمون ‏غير المشروع ضاعف من الأضرار والخسائر الّتي تُخلفها الاعتداءات الواقعة على النّظامِ المعلوماتيِّ.‏
فالمورّد للمعلومة يُعدُّ مسؤولاً إذا كان يعلم بالطّابعِ غير المشروع للمحتوى أو إذا كان يعلم بالظّروفِ الّتي تجعله واضحاً ‏وظاهراً، إذ لا يُفترض علمه بمحتوى المعلومة الّتي ينقلها.‏
واستناداً إلى ذلك تتوافر صفة العلم بوجود المضمون غير المشروع على شبكة الإنترنت متى أُخطر مورّد المعلومة إخطاراً ‏قانونياً بوجوده، ولابدَّ من توافر الإخطار ، فالامتناع عن إزالة هذا المحتوى حال توافر هذه الضّابطِ يكون سبباً لقيام المسؤوليّة ‏التّقصيريةِ لمخالفته أحكام القانون العامّة، ولكن كيف يمكن أن يتحقّق العلمُ الفعليُّ؟ وما هي الظّروفُ الّتي يمكن أن تُظهر الطّابعَ ‏غير المشروع؟
وبالرجوع إلى نصوصِ القانونِ الأردنيّ، نجد أنّه لم ينظّمْ مسؤوليّة مورّد المعلوماتِ وبالتّالي فإنّه إزاءَ هذا السّكوتِ لا يبقى ‏خيارًا سوى إخضاعه للقواعد العامّة للمسؤوليّة، ولكن مع تطويعها بما يتناسب مع خصوصيّةِ تقديم خدمات شبكة الإنترنت.‏
وبذلك تظهر أهميّة تحديد ضوابط الإخطار كوسيلةٍ لتحقيق العلم بعدم مشروعية المضمون الإلكترونيّ، وعلى ضرورة إخطار ‏مزود خدمة المعلومات بوجود مضمون غير مشروع، واشتراط أن يشتمل هذا الإخطار على وصف دقيقٍ للأفعال غير ‏المشروعة، وأن يتضمّن تحديدا دقيقاً لمواضيعها فالشّخصُ المتضرّرُ الّذي يريد وقف أو سحب المضمون غير المشروع، مُلزم ‏بإخطار مورد المعلومة بالكشف عن هويته، كما يجب بيان عدم أسباب المشروعية، وتبرير عدم إمكانيّةِ الإتّصال بمؤلف ‏المعلومة، وتوجيه رسالة يطلب فيها وقف بثِّ المعلومة غير المشروعة.‏
ويجب أن تُرفق الرّسالة بالإخطار المقدّمِ، وبعد ذلك على المورّد فحص مشروعية المعلومات غير المشروعة بشكل واضحٍ، ‏وعن طريق ما تم الاتفاق عليه عالميا ً في مجال ادارة شبكة الانترنت بإجراء الإخطار والسّحب أو الرفع ‏Notice and Take ‎Down‏ والّذي يوجّه من المضرور، وبه يتوافر العلمُ الفعليُّ لدى المورّد، ويتوجب عليه إتخاذ الإجراءات اللازمة نحو رفع ‏الاعتداء، ومنع الجمهور من الوصول إلى المضمون غير المشروع.‏
فإذا استوفى الإخطارُ هذه الشّروط تعيّن على المورّد للمعلومة فوراً أن يحجب المضمونَ غير المشروع أو يمنع الوصول إليه، ‏وإلا تحققت مسؤوليته، فلا تقوم المسؤوليّة إلّا بتحقّق العلمِ الفعليِّ بعدم المشروعيّةِ، وهو ما لا يتحقّق إلّا بطريق الإخطار من ‏المضرور الّذي يتعين عليه إثبات عدم المشروعيّةِ.‏
وبالبناء على ما تقدم وحيث أن محرك البحث جوجل (‏Google‏) لا يقوم إلا بدور تقني سلبي إذ يتيح الوصول إلى الموقع وفقًا ‏للكلمات المفتاحية أو التعبيرات المختارة من قبل أصحاب هذه المواقع.‏
وان المدعي لم يقم بتقديم ما يُثبت بإخطار مورد المحتوى المعلوماتي كوسيط فني له سيطرةٌ كاملةٌ على المعلومات الّتي يقوم ‏ببثِّها عبر الشّبكةِ مستقل بذاته عن محرك البحث الالكتروني من خلال اشتمال الاخطار على وصف دقيق للأفعال غير ‏المشروعة المتمثلة باستبدال وحذف خارطة دولة فلسطين واسماء المدن الفلسطينية على الشبكة العنكبوتية بخريطة اسرائيل، فلا ‏تقوم المسؤوليّة إلّا بتحقّق العلمِ الفعليِّ بعدم المشروعيّةِ، وهو ما لا يتحقّق إلّا بطريق الإخطار من المضرور الّذي يتعين عليه ‏إثبات عدم المشروعيّةِ، كما أنّه ليس بالإمكان مساءلته، إستناداً لأحكام مسؤوليّة المتبوع أو حراسة الأشياء، والّتي يُشترط ‏لقيامها إثبات تقصير، أو تعدِّي من جانب المتبوع أو الحارس، فالعالمُ الإفتراضيُّ عالم لا مركزيّ، لا يُوجد فيه خضوع أو تبعيّة ‏مُتدخِّل لآخر، ومقدِّمو خدمات الإنترنت ليسوا بحرَّاسٍ للمنظومة المعلوماتيّةِ الإلكترونيّةِ، فلا ينطبق عليهم وصف حارس ‏الأشياء.‏
وعليه وتأسيسا على ما تقدم تقرر المحكمة ما يلي:‏
عملاً بأحكام المواد (256و267و291) من القانون المدني رد دعوى المدعي لعدم استنادها الى اساس قانوني سليم.‏
عملا بأحكام المواد 161 و 166 من قانون اصول المحاكمات المدنية تضمين المدعي الرسوم والمصاريف)).‏
ومن الجدير ذكره أن المدعي (أيمن يعقوب عبد الحسيني) لم يرتض بحكم المحكمة فطعن به استئنافاً لدى محكمة استئناف عمان ‏بواسطة وكيله (المحامي محمد عادل الطراونة) وسنوافي الرأي العام بنتيجة هذا الاستئناف وقرار المحكمة به لتعلقه بمسألة تهم ‏الرأي العام الأردني والعربي والاسلامي والانساني.‏