لوموند: السيناريو الأسوأ للحرب..تحول أوكرانيا إلى سوريا وروسيا إلى كوريا الشمالية

16 مارس 2022
لوموند: السيناريو الأسوأ للحرب..تحول أوكرانيا إلى سوريا وروسيا إلى كوريا الشمالية

وطنا اليوم:على الرغم من قسوة المهاجم الروسي، لا تزال أوكرانيا تقاوم بقوة، وروسيا بوتين تتشدد وتعزل نفسها أكثر من أي وقت مضى، فهل يتحول الوضع في الدولتين إلى ما يشبه سوريا بالنسبة لأوكرانيا وما يشبه كوريا الشمالية بالنسبة لروسيا؟
سؤال حاول مراسل صحيفة لوموند Le Monde الفرنسية بواشنطن بيوتر سمولار الإجابة عنه في تحليل بدأه بالقول إنه لا يمر يوم منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية إلا وله نصيبه من الأهوال التي لم يكن أحد ليتصورها حتى وقت قريب.
وامتدح الكاتب ما أسماه “الاستجابة الغربية الموحدة والرائعة” على الهجوم الروسي على أوكرانيا، من فرض عقوبات فورية ضخمة وبحث عن أصول الأوليغارشية وتسليم الأسلحة للأوكرانيين، بالإضافة إلى الاهتمام بالهاربين من الحرب وويلاتها والمأساة الإنسانية المتمخضة عنها.
لكنه لفت إلى أن هذا الرد “الجدير بالثناء” لم يوقف الصواريخ الروسية ولا أوقف تعرض المدنيين للقصف، مستنتجا أنه لن يؤدي بالتالي -بأي حال من الأحوال- إلى احتواء تصميم الكرملين و”اندفاعه المتهور إلى الأمام”، بل على العكس من ذلك تماما، سيظل النظام الروسي الحالي متشبثا بسياسته القائمة على أن موقف القوة يفرض “بالابتزاز وفرض الأمر الواقع”.
وأضاف الكاتب أن الجميع يعلم أن ما يرفض الغرب النظر فيه هو أي مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا، ولذلك لن يحاول حلف شمال الأطلسي (الناتو) فرض “منطقة حظر طيران” لتحجيم التفوق الجوي لروسيا.
وشدد سمولار في هذا الصدد على أن ما هو مطروح حتى الآن من أفكار لا يبشر بمخرج واضح من الأزمة الحالية، لكن من الضروري -بحسب رأيه- التفكير في أسوأ السيناريوهات الممكنة من بين جميع السيناريوهات المطروحة.
وهنا يبرز الكاتب أن الخبراء بمن فيهم الروس، لم يتوقعوا -باستثناء عدد قليل جدًا منهم- عملية عسكرية شاملة على كامل الأراضي الأوكرانية.
وألمح إلى أنه لا بد في هذه الحالة من استشراف المستقبل والتفكير في السيناريو الأسوأ، مشيرا إلى أن ذلك السيناريو إن لم يكن التصعيد النووي بين روسيا وحلف الناتو، فهو تحول أوكرانيا إلى سوريا وتحول روسيا إلى كوريا الشمالية.
غير أن الكاتب أقرّ أن ثمة حدودا لتلك المقارنات، فأوكرانيا لا يمكن مقارنتها بسوريا عندما يتعلق الأمر بالبعدين الديني والعرقي في الصراع أو عندما يتعلق بدور تنظيم الدولة الإسلامية، إذ إن تلك هي السمات المحددة للصراع السوري. لكن الكاتب أشار إلى أن ما يهمه هنا هو أوجه التشابه بين البلدين، إذ استخف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تمامًا -كما فعل ذلك من قبله الرئيس السوري بشار الأسد مع الثوار السوريين- بقدرة الأوكرانيين على التعبئة والمقاومة الوطنية.
لكن خطة بوتين للإطاحة بالسلطة في كييف اصطدمت بالواقع، وزرع الكرملين الكراهية في نفوس الأوكرانيين ضد موسكو بحيث لم يعد بإمكان روسيا فرض حكومة موالية لها في كييف، كما أنها لا تملك الوسائل اللازمة لإبقاء البلاد بأكملها تحت سيطرتها العسكرية على المدى الطويل.
ويتساءل الكاتب: بصرف النظر عن تحويل مدينة أوديسا أو كييف إلى حلب -المدينة السورية المذبوحة- ما الأهداف العملياتية للكرملين؟ ليجيب “لا نرى منها شيئا”، اللهم إلا إذا اعتبرنا أن هذا التدمير هو خطة بديلة جديدة هدفها: تقسيم أوكرانيا إلى جزر من الخراب في وضع يرثى له ضمن دولة مفلسة لا يمكن السيطرة عليها، مع مغادرة ملايين اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي.
وإذا كانت تلك هي الخطة البديلة، فإن الكاتب يرى أنها ستنجم عن تشكل وتطور جماعات مسلحة قومية متطرفة أو قائمة على مقاتلين أجانب، على العكس من ذلك، لدمجها مقابل تبرير بوتين للحرب بأنها إنما شنت “لاجتثاث النازية”.
وستقابل روسيا ذلك بتجنيد مرتزقة من مجموعة فاغنر أو من سوريا لمهمات محددة في مناطق أوكرانيا، ويمكن لروسيا كقوة أن تتراجع وتكتفي بنوع من “دونباس موسع”، يكون مرتبطا بشبه جزيرة القرم وجنوب أوكرانيا، أي لتحقيق مشروع نوفوروسيا الذي تم إحياؤه اليوم وسبق الحديث عنه عام 2014 في الدوائر القومية الروسية، ومن ثم إثارة زعزعة الاستقرار في قلب ما تبقى من أوكرانيا إلى ما لا نهاية، مما سيجعل حلم كييف بالاندماج في الاتحاد الأوروبي صعب التحقيق.
أما بالنسبة لروسيا، فهناك الكثير من عدم اليقين بشأن تأثير العقوبات الغربية عليها، خاصة إذا اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوة مماثلة للولايات المتحدة وضرب قطاع الطاقة الروسي.
وهذا ما يتوقع أن يؤدي إلى انهيار العملة الروسية الروبل، على غرار انهيار أغسطس/آب 1998، لكن هذا لا يضمن -وفقا للكاتب- بأي حال حدوث حركة احتجاجية واسعة ضد الحكومة الروسية.
أما التكهنات حول إضعاف بوتين واحتمال حدوث مؤامرة قصر ضده، فلا تستند إلى أي شيء في هذه المرحلة، إذ يمثل الرئيس الروسي نوعًا من المحور الذي يضمن توازنا بين أذرع السلطة المتنوعة للغاية ماليا وأمنيا، والتي يصعب تصور ظهور إجماع فيما بينها حول شخص بديل لبوتين.
وهنا حذر الكاتب من أن روسيا ربما تؤدي بها عزلتها إلى انتهاج نظام قائم على مزيد من القمع، نظام يعتمد -مستقبليا، في الكثير من خصائصه- على الصين.
وهذا النظام تغذي فيه وسائل الإعلام فكرة مؤامرة غربية واسعة النطاق، معادية لروسيا وللروس، وبعد ذلك، وفي مواجهته مع الغرب، يمكن لبوتين أن يثير -وفقا للكاتب- التهديد النووي لاستدعاء مكانة روسيا وقوة ردعها، وهنا تكون مقارنته مع الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون واردة ولها ما يبررها، بحسب رأي الكاتب