أنتجنا وزراء ولم ننتج خبزاً للفقراء، ماذا بعد ؟

4 مارس 2022
أنتجنا وزراء ولم ننتج خبزاً للفقراء، ماذا بعد ؟

الدكتور أحمد الشناق

كثرة التشكيلات الحكومية وتعديلاتها المتكررة، أوجدت حالة من عدم الإستقرار الحكومي، بأعداد من الوزراء، ليس له نموذج سياسي من التطبيق في حكومات العالم، وتدوير لمواقع الوزراء دون أسس تتعلق بإنجاز أو قصة نجاح لموقع الوزير، إلاّ تداول لأسماء، يأتون ويغادرون، فأصبحت الدولة وكأنها دولة إنتاج للوزراء، ولم نسمع لوزير طرح في سياسات وزارته وآليات لتنفيذ هذه السياسات على أرض الواقع، ولم يشتبك وزير مع الرأي العام الأردني بطرح أو رؤية أو قدرة على فتح حوار، اللهم الا تعيينات وتنفعيات على اساس من الشخصنة والواسطة والمحسوبية، بفساد إداري غير مسبوق في تاريخ الدولة الاردنية، وكأن الوزارة أو المؤسسة ملكية شخصية للوزير، وعلى حساب المؤسسية ومعايير الكفاءة والعدالة، فأصبحت الدولة تدار بحصانة لأشخاص الوزراء، وليس للمؤسسة، علاوة على ما يشاهده المواطن من وزراء يأتون من واقع عادي ومعروف لديهم، ويغادرون مؤسسين لشركات وقصور فارهة، وينتظرون تدويرهم لمواقع جديدة، وكأن موقع المسؤولية في الدولة حق مكتسب لأشخصاهم، فوصلت البلاد إلى حالة من فقدان الثقة الشعبية بالدولة سلطات ومؤسسات
وفي ظل هذا الحالة، تأزمت الأحوال الإقتصادية والظروف المعيشية والخدماتية للمواطنين، وإرتفاع معدلات البطالة والفقر، ومزيد من المديونية وغياب لخطط التنمية، وغياب لتحقيق العدالة في توزيع الثروة وحصة الفرد من الناتج المحلي، وتراجع لمستوى الجامعات بترتيبها بين جامعات العالم، وتراجع في التعليم وتردي في الخدمات الصحية وكافة انواع الخدمات كالنقل وغيرها، وغياب لمشاريع وطنية إنتاجية كبرى، كإقتصاد وطني إنتاجي يعتمد على الذات بهوية إقتصاد وطني، وكأن الدولة انحسرت واجباتها بتحصيل الضرائب بأشكالها المختلفة، وملفات مبهمة في سوء إدارتها، كملف الطاقة والمياه، وكل وزير في الحكومات المتعاقبة يحفظ درساً تلقينياً تبريرياً، بأن الأردن يعاني من شح الموارد وقلة الإمكانيات، والتذرع بالعوامل الخارجية، وكل ذلك غطاءاً للفشل والعجز، لأن الوزير جاء بمعايير لا تنطبق على واقع مسؤولية الوزير، إلى أن وصل الأمر حد التندر بموقع السلطة التنفيذية. وكأن موقع الوزير للتجربة بأشهر معدودة، أو للتنفيع وتحصيل لقب المعالي.
– ونتساءل، هل البلاد تدار بسياسة مالية بنكية أم بإدارة سياسة إقتصادية ؟ وهل وزارة المالية تعمل بتنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة والتخطيط والزراعة كفريق إقتصادي مثلاً ؟ وهل القرار السياسي يرتبط بالمصلحة الإقتصادية الأردنية ؟
إن الحالة العامة في البلاد تتطلب قرارات الحسم والحزم، بعيدا عن كل التصريحات التي تنطلق من حكومات تتحدث من خلف الشاشات، وبحالة إنفصال عن المجتمع والميدان.
– ونطرح أسئلة مشروعة، بعدة قضايا وطنية، وجاءت في كتب التكليف السامية للحكومات المتعاقبة، ونتساءل، اين الخلل بعدم التنفيذ، ومن يُنسّب الوزراء، وأين المساءلة في التقصير، ولماذا هذا التدوير ؟
– قضية الأمن الغذائي
هل مياه الديسي لمزارع خاصة، ولماذا لا تكون لزراعة القمح كمادة استراتجية في رغيف الخبز ؟
ولماذا لا يتم زراعة مادة الذرة في مناطق الأغوار، وإنشاء مصانع لإنتاج الزيت النباتي كمادة غذائية اساسية ؟
ولماذا لا تعمم زراعة الحمص كمادة اساسية في ماكدولاند الأردن بوجبتها الشعبية المعروفة.
هذه أسئلة مشروعة لأمن غذائي بمواد استراتيجية محددة، ولمصلحة من تغيب القرار الوطني بأمن غذائي ومتاح تحقيقه ؟
ونتساءل أيضاً، ما هي مساحة الأراضي القابلة للزراعة في الأردن، وكم هي المساحات المستغلة ؟
– الخدمات الصحية، وماذا يجري في وزارة الصحة ومهزلة إدارة شؤونها ؟ وهل توجد رؤية لوزير صحة بتنسيق مع الخدمات الطبية والقطاع الخاص والجامعات وكليات الطب لمشروع وطني بتنيسق بين هذه القطاعات ؟ ومتى يتلقى المواطن نوعية علاج وبآلية حديثة توازي التطور الطبي في البلاد وتحترم كرامته ؟ ونتساءل، هل تمتلك وزارة الصحة خريطة جغرافية سكانية لتحقيق العدالة في نوعية وآلية الخدمة الطبية المقدمة للمواطنين، ولكافة مناطق المملكة ؟
– التعليم الجامعي، ونتساءل، أين وصل مستوى الجامعات الأردنية عالمياً، واين دور الأبحاث العلمية في الكليات الجامعية المتخصصة في نهضة الوطن وإيجاد الحلول لقضاياه ؟
– التربية والتعليم والأردن رائداً على مستوى المنطقة، وعلى اكتاف المعلم الأردني نهضت اقطار شقيقة، ماذا جرى للتعليم في الأردن؟ حتى أصبح عقد امتحان التوجيهي إنجاز نتغنى به !
– أين النقل الحضاري للمحافطات في المملكة، وما دور تعدد الهيئات في ذلك ؟
– نتساءل، لماذا لا يتم تخفيض نسبة الفائدة في البنوك، وتفعيل رأس المال الوطني بمدخرات المليارات في البنوك للإستثمار في الثروات والموارد المحلية ؟ وهل توجد خريطة للثروات والموارد الطبيعية، وما هي عناصر التحفيز في استغلالها ؟ ولماذا غادر المستمر الأردني إلى اقطار عربية، وأين الخلل؟ ونطرح الرمل الزجاجي مثالاً، أين العقبات في أن يكون الأردن منتجاً ومصدراً ؟
– الطاقة المتجددة ودورها في الصناعة والزراعة والمياة والتخفيف على المواطنين؟ فمتى يكون هذا الملف وطنياً في الاقتصاد الوطني وللقطاعات المختلفة ؟ وكيف نتحدث عن الأردن كمركز إقليمي للطاقة المتجددة، ونحن عاجزون ليكون ملفاً وطنياً للقطاعات المحلية، فأين الخلل ؟
– متى ناخذ قراراً بتحقيق العدالة في ضريبة المبيعات بين الاغنياء والفقراء ؟
– ونتساءل، هل البلاد بحاجة لخمسين وزيراً في سنة واحدة، وهل بحاجة لثلاثين وزارة وعشرات الهيئات المستقلة ؟
أليس البلاد بأمس الحاجة لإعادة هيكلة الوزارات والهيئات دمجاً وإلغاءاً، ووضع أسس للمهام والأداء المؤسسي، وإنهاء ظاهرة الولاء الشخصي في الوزارات والمؤسسات ؟ تم إنشاء وزراة لتطوير القطاع العام، وبعدها وزارة لتطوير الأداء المؤسسي، والآن لجنة وزارية للإصلاح الإداري، وما يجري على أرض الواقع، فساد إداري بالواسطة والمحسوبية، وكأن الوزراء يعملون خارج إطار الدولة، ماذا يجري في الدولة ؟
ومتى يوضع سقف لرواتب كافة المسؤولين في الدولة بمواقع الوزراء والاعيان والنواب ورؤساء الهيئات ومجالس الادارات، ومتى تتوقف هذه المشاهد للترف ومواكب المسؤولين وحفلات الطبيخ وكأن الأردن دولة لطبقة من النبلاء، والواقع يتحدث عن دولة تعيش على الديون والمنح والمساعدات والضرائب من جيوب المواطنين.
– البطالة ومعادلات التقليد في مواجهتها، ماذا سيكون الحل بعد اربع سنوات ومليون جامعي عاطل عن عمل ؟ وإلى متى هذه الذرائيعية بإختيار العاجزين عن الحلول ؟
– النقابات المهنية بيوت الخبرة، والحزبية الأردنية والقوى الوطنية والسياسية، ولماذا تغيب آليات الحوار الوطني المسؤول، لمواجهة التحديات وليتحمل الجميع المسؤولية في إيجاد الحلول ؟
إلى متى يبقى عجز المسؤول مبرراً لغياب الحلول ؟
وإلى متى سوء إدارة الموارد يبقى مبرراً لخطاب شح الموارد ؟
وهل يدرك عقل الدولة، بأن فقدان المناعة الإقتصادية يؤدي إلى فقدان المناعة السياسية، وبالتالي إلى ضمور القواعد الإجتماعية والإنتماء للدولة.
والسؤال المشروع، متى تتوقف الدولة عن إنتاج الوزراء وتدوير المناصب، نحو دولة إنتاج الخبز لإطعام الفقراء؟