بدران واستباق الزمن : هكذا يفكر الرواد

14 فبراير 2022
بدران واستباق الزمن : هكذا يفكر الرواد

 

د. ذوقان عبيدات 

 

في قراءة سريعة لكتاب إبراهيم بدران : انطلاق التعليم ، الصادر في بداية عام 2022 ، استبق بدران كل الأصوات والنداءات باهتمامه بتطوير التعليم، وارتباطه بالتحولات الحضارية في المجتمع العربي، ويسأل :

هل قام التعليم بدوره كسلاح فعال لإحداث التغيير ؟

وهل له دور فاعل في إيقاظ الوعي المجتمعي ؟

طبعا يعرف بدران الإجابة، ويعرف أن التعليم عندنا هو من يخضع للوعي الاجتماعي! وأنه لا يستطيع الحركة دون إذن من المجتمع أو ممن اختطفوا المجتمع، فالعرب ما زالوا يتصارعون على قضايا الماضي وصفحات التاريخ، وحتى لا يسمح لهم بنقد أي شخصية تاريخية بسبب إسباغ القداسة على الشخصيات الدينية، وهكذا فالتعليم لدينا لا يسعى لبناء تحرك اجتماعي ثقافي جديد، بل يمنع من الاقتراب من أي جديد !، فنحن ديمقراطيا نحتل المرتبة 114 ، وربما على المستوى المجتمعي نحن بمستوى أقل بكثير ( هذا رأيي وليس بدران )

فالتعليم داخليا يحتاج هندسة داخلية، حيث الكفاءة الداخلية ضعيفة بسبب الهدر الناتج عن الرسوب والتسرب، والتعليم خارجيا، يواجه مشكلة ضعف الكفاءة الخارجية، حيث لا يتمتع الخريج بالمهارات اللازمة للعيش في عالم متغير!!

ولذلك يرى بدران أن الحل في :

  • المناهج والكتب المدرسية 
  •  الاهتمام بالابتكار والإبداع والمبادرة والاختراع والريادة
  •  رؤية المستقبل وعدم الانكفاء إلى الماضي .
  •  إسقاط الحدود النفسية والحواجز الفكرية واقتحام المجهول .
  •  الأفكار الجديدة وتسريع التغيير.
  • البعد عن التقليد والإعادة الماضوية .

ويطالب بدران بصراحة في إعادة هندسة العقل العربي، وتوجيهه نحو المنطق والفلسفة والمبادئ ذات الصلة بها مثل : إثارة الأسئلة، البحث عن الحقيقة، الشك، الدليل والبرهان وعدم التسليم بما هو شائع وذائع ، فالمطلوب تعليم يبحث عن الأسباب وينظر في البدائل ويهتم بالوصول إلى جديد .

فالمطلوب التفكير في كل شيء بحثا عن الإجابات أو بحثا عن أسئلة مثيرة جديدة، فهل ما زلنا نعلم أطفالنا : الفلسفة أُس السفه والانحلال، ومادة الحيرة والضلال، ومثار الزيغ والزندقة !!

 هذه ليست أقوالا عابرة في تاريخنا بل فتاوى أصدرها أئمة سيطروا على عقولنا منذ عقود !!

ويتأثر التعليم بالجغرافيا أيضا، فنحن نعيش بيئة جفاف وصحراء مما يسمح للتفكير الديني في السيطرة، وفي الحكم السلطوي في الانتشار ، فالسلطة سواء باسم الدين أو السياسة هي من لها مصلحة حجب التفكير، ولذلك يتأثر التعليم بتحالف بين السلطتين الدينية والسياسية .

لقد عشنا في تاريخ من الفتاوي التي ألغت عقل الإنسان، وجعلته تابعا لما يقال له من أي سلطة، فالشك حرام، والتفكير لا لزوم له، ما دامت الفتوى تقدم لك ما تحتاج إليه، ولذلك ترتفع لدينا قيم مثل السمع والطاعة ورشد ولي الأمر وعدم مناقشته، إذن هذه هي معطلات الفلسفة والتفكير، فإذا قلنا المرأة وحريتها يتصدى لك القناصون، وإذا قلت التفكير يكفرك أنصار القناصين .

في الكتاب قضايا عديدة سأعود إليها مذكرا الكاتب د. بدران أنه عضو في مجلس المناهج، وأن إدماج التفكير والفلسفة في كل المواد والكتب المدرسية هي وظيفة المجلس!!

فلا يكفي إصدار كتاب على أهميته، بل نريد أن نرى الفلسفة والمنطق والبحث والتفكير في كل موقف صفي !!