وطنا اليوم:فيما كان انتقد خبراء في مجال سياسات العمل قرار اللجنة الثلاثية لشؤون العمل بتأجيل تطبيق زيادة الحد الأدنى للأجور للأعوام 2022، 2023، 2024، بما يعادل نسبة التضخم للسنة السابقة، رحبوا بقراراها الذي يخص العمال غير الأردنيين، والقاضي بزيادة أجورهم على مدى عامين بداية من العام الحالي ليتساوى مع الحد الأدنى للأجور للأردنيين.
وفي هذا الصدد، رحبت مديرة جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان لندا كلش، بهذا القرار، المزمع نشره في الجريدة الرسمية في عددها المقبل، والذي ينص على زيادة الحد الأدنى للأجور لغير الأردنيين، ليتساوى العام المقبل مع الأردنيين، لكنها انتقدت تأجيل ربط الحد الأدنى للأجور بالتضخم.
وقالت كلش: “صحيح أن نسبة التضخم في الأردن خلال الأعوام الأخيرة جاءت بسبب عوامل خارجية عدة، منها حروب المنطقة وموجات اللجوء المستمرة، وعدم الاستقرار السياسي في دول الجوار، لكنها جاءت أيضا نتيجة سياسات اقتصادية داخلية متتالية شملت رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وعن بعض المنتوجات، وهذه الارتفاعات أدت إلى تسجيل رقم قياسي جديد لأسعار المستهلك (التضخم) في الأردن، بنسبة 0.5 بالمائة على أساس سنوي في حزيران (يونيو) 2019”.
وترى كلش أن ارتفاع معدل التضخم يعزى لأسباب عدة، منها زيادة الضرائب، وتراجع القدرة الشرائية على الإنفاق، وارتفاع أسعار المحروقات، وهذه الارتفاعات المستمرة تقود إلى ارتفاع أسعار السلع الرئيسية مثل الخضار والفواكه والمعلبات وغيرها؛ حيث أخضعت الحكومة نحو 164 سلعة لضريبة 10 %، فيما أخضعت سلعا أخرى (كانت معفاة) لضريبة 4 % و5 %، في مسعى لزيادة الإيرادات الحكومية بنحو نصف مليار دينار لتقليص العجز في الموازنة العامة.
وأضافت: “كذلك رفعت الحكومة أجور النقل العام بنسبة 10 %، وزادت أسعار الخبز بنسب وصلت إلى 100 % بعد رفع الدعم عنه، كما جرى رفع الضرائب على البنزين بصنفيه أوكتان 90 و95 بنسبة 6 %، وجاء ذلك بالتزامن من ثبات دخل المواطنين، حيث إن هناك (113) ألف مشترك أردني بالضمان يتقاضون الحد الأدنى للأجور البالغ (220) ديناراً، فيما بلغ عدد المؤمن عليهم من غير الأردنيين الذين تساوي أو تقل أجورهم عن الحد الأدنى للأجور (79) ألفا”.
وبدوره، أكد مدير بيت العمال حمادة أبو نجمة، أن المادة 52 من قانون العمل الأردني توجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، عند وضع الحد الأدنى للأجور، مؤشرات تكاليف المعيشة التي تصدرها الجهات الرسمية المختصة وتنشر قرارات اللجنة في الجريدة الرسمية.
وبين أبو نجمة أن من المتفق عليه أن متغيرات اقتصادية عدة حصلت منذ إقرار الحد الأدنى للأجور الحالي، الذي تم الاتفاق عليه في اللجنة الثلاثية قبل الجائحة، وأن يبدأ نفاذه بداية العام 2021، ومن ذلك المتغيرات ذات التأثير على مستوى تكاليف المعيشة، ما يتطلب مراجعة الحد الأدنى للأجور وقياس أثر هذه المتغيرات عليه، بهدف تأمين الحد الأدنى من مستويات المعيشة للعاملين في القطاع الخاص.
وأضاف: “بناء على ذلك، فإن على اللجنة الثلاثية دراسة العوامل والمؤثرات كافة ذات العلاقة التي طرأت خلال الجائحة، لتقييم النسبة المطلوبة لرفع الحد الأدنى للأجور وآثاره على المؤشرات الاقتصادية كالأسعار، وفرص التشغيل والبطالة، والفقر، والتنافسية، ومعدلات النمو، ويجب أن تستند إلى عدد من المؤشرات الاقتصادية الرئيسية في هذا المجال أبرزها: نسبة الزيادة في التضخم، والرقم القياسي للأجور، والرقم القياسي لتكاليف المعيشة، ومستويات الفقر، وتفاوت هيكل الأجور بين القطاعين العام والخاص”.
وتابع: “من المؤسف أن قرار الحد الأدنى للأجور الحالي لم يراع هذه الجوانب، ولم يستند إلى دراسات فنية متخصصة، وجاء أدنى بكثير من الطموح، ومن حاجة الفئات الضعيفة من العمال، الأمر الذي سيبقيهم وأسرهم في مستويات دخل أقل بكثير من معدلات الفقر التي تشير إلى أن خط الفقر للفرد الواحد هو 100 دينار، وللأسرة المعيارية 480 دينارا، ما يعني أن العامل بحاجة إلى 400 دينار شهريا على الأقل ليبقى هو ومن يعيلهم في مستوى خط الفقر، لأن معدل الإعالة هو (1: 4)”.
وأضاف أن هذا الأمر يحمل الدولة مسؤولية تعويضهم وحمايتهم من الفقر، وسيزيد من معدلات البطالة، ويقلل نسب المشاركة الاقتصادية، نتيجة الإحجام عن القبول بفرص العمل منخفضة الأجور، كما يقلل من القدرة الشرائية للمواطن، وبما يؤثر سلبا على قدرة القطاعات الاقتصادية ويفاقم مشكلة انخفاض النمو الاقتصادي.
وزاد: “كما أن الاستمرار بتأجيل معالجة هذه الاختلالات عبر تأجيل رفع الحد الأدنى للأجور مرة أخرى لن يكون في صالح أحد، لا على الصعيد الاجتماعي وبشكل خاص في مجال الحد من الفقر والبطالة وآثارهما، ولا على المستوى الاقتصادي في الحد من تراجع النمو وضعف التنافسية للمشاريع الاقتصادية والإقبال على الاستثمار”.
أما المرصد العمالي الأردني، فانتقد بدوره، في بيان صادر عنه ما أسماه “التوافق الذي جرى بين أطراف اللجنة الثلاثية لشؤون العمل بعدم رفع الحد الأدنى للأجور لهذا العام”، معتبرا أن من شان ذلك أن يعمق مستويات الفقر من جهة، ويضعف فرص دفع عجلة الاقتصاد من جهة ثانية.
وأكد أن مستوى الحد الدنى للأجور منخفض جدا، إذ يبلغ 260 دينارا شهريا، في حين أن مستوى خط الفقر للأسرة المعيارية يزيد على 480 دينارا شهريا، ومستوى دخل الأسرة المعالة يقارب 400 دينار شهريا