ما يجري امر مخزي !

4 يناير 2022
بسام الياسين

الصحفي بسام الياسين

( سألوا طفلة عربية لاجئة،تنتفض من البرد عن امنيتها، باحتفالات رأس السنة،فقالت بعفوية :ـ خيمة جديدة بدل الممزقة ) .

  قلمي يشخبُ دماً ويفيض حزناً حتى يغمر الخارطة العربية،ويجرح مشاعري على ما يجري من انهيار اجتماعي ،افلاس مادي،انحطاط قيمي،ظلم سلطوي،لا يحتملها بعيرعربي تمرس بالشقاء،و قدرة خارقة على التحمل والاحتمال.خاصة ان لا امل في الافق ولا ضوء بالنفق،بسبب نخب عاجزة،لا تمون على دكة سراويلها تمسك بالدفة،وتقود الامة.نخب وصلت للقمة،فكان وصولها خسارة الخسارة،لانها وصلت عبر وسائل غير لائقة،وظهرت بمظاهر لا تملكها.جلها خادعة كذابة،وحملت القاباً زائفة،وقبلت ان تكون واجهات عرض لبضاعة فاسدة.

 اتكور على ذاتي واغط في سبات شتوي، هرباً مما وصلت اليه بلادي.قمرها محاق،شمسها ذليلة وارضها مجدبة ؟ّ!. انطفىء بريق الحياة وذبلت مباهجها.فلا عجب ان تهطل حروفي ،مطراً اسودَ،بسبب التحول المناخي النفسي للانسان العربي،فبدل الثورة على اوضاعه المزرية،استعذب الوقوف في طوابير طويلة، امام مكاتب الامم المتحدة، لاستجداء ما تيسر من طحين وعلب سردين، و تأشيرةٍ سفر وتذكرة ذهاب بلا عودة لشعوره انه مواطن بلا وطن ولا مواطنة،واستحواذ النخبة على السلطة، واستيلاء اولادها على الكراسي والمصاري.

فما نفع تقارير الاجهزة اذاً،مانشيتات الصحافة الملونة والمتلونة،نعيق الفضائيات المبرمجة. نفاق ” فرق الانشاد ” بتحويل ماء البحر الاجاج الى مياه عذبة ؟! . وما مُسوغ “كرباج الجلاد ” لجلد ظهور اوادم بشرية صارت من جوع هياكل عظمية ؟!. ما الحاجة لـ “ الزنازين الرطبة ” وقد صدأت المعارضة كالخردة وهزلت كمصاب باللوكيميا؟!. بعضهم هرب بجلده الى ـ بلاد بره ـ وما بقي اكل الجزرة واصبح من اهل السلطة،ونسي هؤلاء ان الحياة رحلة،حصادها حُسن الاثر والسمعة وليس المادة او الرتبة.

ماذا ظل منا.شعوبنا فكت ارتباطها باوطانها،عواصمنا التاريخية، دُمرت حجراً حجرا ،واستبيحت ـ زنقة زنقة ـ،لم يبقَ منها الا ظلالها واطلالها،انسانها كُسر ظهره،يمشي حاملاً رأسه كطنجرة وينطق كلماته حشرجة كميت خرج للتو من مقبرة،اما النخبة السعيدة تركت الابواب مواربة.تنظر بنصف اغماضة لترى “ما يجري” كأن الامر لا يعنيها البتة،بينما شهريار ـ رعاه الله و ارضاه ـ ،يشرب قهوته على الشرفة،بانتظار التقارير حول مآلات الامور و آخر احصائية لنزلاء المقبرة.

  ” الحاكم الواحد ” ـ اعزه الله و اعلا مقامه ـ لولاه دام ظله وطال عمره ـ ،لما كانت في البلاد نبتتة خضراء،ولأصبحت المدن العامرة، غابات تعوي فيها الذئاب،كل حارة لها علمها،نشيدها،مختارها.هذه بعض كراماته غير القابلة للاحصاء او الاخصاء،مع اننا عدنا لما قبل الدولة. حمية،عصبيات،عصابات.قبائل قيس ويمن….وبر وحجر….بدو وحضر،مذاهب وطوائف….ملل ونِحل. يا لمصيبة العرب،من شر مستطير قد اقترب.فتحسسوا رؤوسكم.

لهذا نقول، ما قاله شاعر موجوع وجائع،هرب للغربة ليغني مواله على هواه دون خوف من قوانين الردع والقمع :ـ ” ارجوك سيدي ارجوك / اتركْ لنا خرابةً مُهدمةْ / نقيم فوقها خيمةً لنا / ورايةً ممزقة / وقاعةً مكيفةْ / لنخبةٍ اطهارها ملوثةْ “.