أمام وزير الداخلية حلول للعنف المجتمعي

3 يناير 2022
أمام وزير الداخلية حلول للعنف المجتمعي

العميد المتقاعد زهدي جانبك*

كنت قد أشرت سابقا الى اننا التقينا وزير الداخلية في مكتبه ذات سبت، وقضينا بمعيته وقتا حواريا بلا سقوف الا ما وضعناه على أنفسنا، لا خجلاً ولا وجلاً ولكن سعيا الى تعزيز الإيجابية وعشقاً للوطن.

وقد اقترحت على معاليه ثلاثة مواضيع عامة اولها موضوع الجمعيات التعاونية لطلاب الزراعة لزيادة وتحديث الإنتاج الزراعي…آملاً ان يحظى باهتمام الوزير مع انه ليس من اختصاصه، الا أنني أوضحت ان الهدف الأساس من الاقتراح كان فتح المجال أمام الشباب لرؤية امل ونور في نهاية النفق يخفف من البطالة ويعينهم على اعالة أنفسهم وربما إعانة غيرهم. ويخفف من الفراغ والجريمة.

واليوم ساتناول الاقتراح الثاني الذي وضعته بين يدي وزير الداخلية وهو أيضا موجه إلى الشباب بالإضافة إلى بقية أفراد المجتمع، وقد آن أوانه بعد ان انتهت زوبعة الفنجان في مجلس النواب، التي تم أعدادها واخراجها وتمثيلها كملهاة اغريقية لغاية لم تتضح ابعادها بعد…
وعودة الى الاقتراح،
فقد لاحظت كما لاحظ غيري بأن هناك عنفا غير مبرر في سلوك الأفراد على اختلاف أعمارهم وثقافاتهم واعمالهم واجناسهم (أردنيون واردنيات) وينتشر هذا العنف المجتمعي من البيت ليصل الى المدرسة وينتقل منها إلى الجامعة وما يلبث ان يصل إلى مواقع العمل… والى مجلس النواب الذي سبق وأن بينت ان ما حدث فيه ليس أمرا طارئا، وإنما عنف امتد على عمر المجالس كلها من عام 1989 وحتى يومنا هذا.

وقلت بأن هذا العنف تطور خلال العقود الاربعة الماضية ليصبح ثقافة مجتمع، وسبب ذلك برأيي هذا الانهيار الذي نشهده في منظومة القيم الأردنية، الأخلاقية والمجتمعية بشكل عام.

ولعل أسوأ ما تواجهه منظومة الأخلاق الأردنية من خلل: كثرة الفراغ (والفراغ مفسدة)، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ)، وكان اقتراح الجمعيات التعاونية الذي قدمته لوزير الداخلية ، واقتراح خدمة العلم الذي قدمته لرئيس الديوان الملكي يهدفان الى معالجة الفراغ لدى الشباب وتقليل والفقر.

اما الأمر الثاني الذي تواجهه منظومة الأخلاق الأردنية فهو قلة التواصل وقلة الحوار.
وتنتشر هذه القطيعة داخل العائلات والأسر كما تنتشر في كل مفصل من مفاصل الدولة، كما انها تُقَوِضُ العلاقة بين السلطة (بمكوناتها الثلاث) وبين الشعب الأمر الذي تسبب بفقدان الثقة بينهما.

ولمعالجة هذا الخلل فقد اقترحت على وزير الداخلية البدء بحوار وطني شامل يعتمد على “مجالس الأمن المحلية” و “مجالس الأمن المحلية الشبابية” ، وكليهما مجالس أهلية غير رسمية يتم تشكيلها من أهالي منطقة إختصاص كل مركز أمني. ويصل عدد أعضاء مجلس الأمن المحلي في كل مركز أمني الى 20 عضوا، شروط العضوية فيها تنحصر ب:-
1- اردني الجنسية.
2- لا يقل العمر عن 30 سنة.
3- حسن السيرة و السلوك.
4-ان يكون مقيما باختصاص المركز الامني.
وأما شروط عضوية مجالس الأمن المحلية الشبابية فهي:
1. أن يكون أردني الجنسية.
2. أن لا يقل عمره عن 18 عاماً ولا يزيد عن 30 عاما .
3. أن يكون حسن السيرة والسلوك وغير محكوم بجناية أو جنحة مخلة بالشرف.
4. أن يكون مقيماً أو عاملا ضمن اختصاص المركز الأمني.
5. أن يكون راغباً في العمل التطوعي والمجتمعي.
وقد تم إنشاء هذه المجالس بهدف تعزيز العلاقة التشاركية بين المواطن ورجل الأمن العام ودراسة حاجات المجتمع المحلي والوقوف معه لمواجهة الظواهر السلبية المختلفة التي تنعكس على أمنه. ولكنها للأسف لا تحظى بالاهتمام الذي تستحقه.

يوجد في المملكة الأردنية الهاشمية ما يقارب ال 120 مركز أمني تزيد أو تقل قليلا، موزعة على 5 إقاليم في 23 مديرية شرطة.

اي ان لدينا 120 مجلس امنيا محليا مجموع أعضائها 2760 عضوا ، و 120 مجلس امنيا شبابيا مجموع أعضائها 2760 عضوا.

وقد اقترحت على وزير الداخلية ان يخصص يوما في الأسبوع للقاء أعضاء المجالس المحلية في إحدى مديريات الشرطة، الأمر الذي سيمكنه من التواصل مع، والتحاور مع، والاستماع الى 5520 مواطن على الأقل من مختلف مناطق المملكة خلال كل نصف سنة (23 اسبوع).
وان يخصص يوما واحدا كل 6 شهور ليلتقي بهم جميعا في العاصمة عمان في مؤتمر أمني شعبي يخصص لطرح اهم المشاكل الامنية التي تواجه المملكة، والحلول المقترحة لها.

إن مثل هذه اللقاءات هي التي تفتح قنوات التواصل والحوار بين السلطة وبين المواطن وتؤدي الى التعرف عن قرب على احتياجات المواطنين وعلى أوضاعهم، إضافة إلى انها تفتح افاقا واسعة لتطوير المنظومة الأمنية وتعزز من دور الحكام الاداريين، من جهة وتحفزهم لبذل المزيد في سبيل خدمة المواطن.

و… كالعادة ، نحن نقترح ما فيه، أو ما نعتقد ان فيه مصلحة وطنية تخدم الوطن والمواطن وتعزز السلم المجتمعي من خلال انعاش منظومة القيم الأردنية، ومعالجة ثقافة العنف الآخذة بالانتشار في المجتمع …
وهم اي أصحاب السلطة يختارون ما يناسبهم.

*مؤسس مركز السلم المجتمعي في مديرية الامن العام.
نائب رئيس جمعية السلم المجتمعي.
عضو الهيئة الإدارية لجمعية عون الثقافية الوطنية.