وطنا اليوم:لجأت العديد من اللبنانيّات إلى الانخراط في سوق العمل في الآونة الأخيرة من أجل مساعدة أزواجهن في الأزمة الاقتصادية الخانقة، التي عصفت بلبنان.
وكانت معظم هؤلاء لا يعملن ويكتفين براتب الزوج خصوصاً وإن كان هذا الخيار منطقيا لأن التراجع الكبير في قيمة الرواتب مقابل الدولار هوى بالعديد من العائلات الى ما دون خط الفقر بشكل درامي، وبات الجوع يدقّ أبواب اللبنانيين ويهدّدهم بلقمة عيشهم.
ولأن معظم العائلات تخلّت عن خدمة العاملات الأجنبيات في البيوت، بسبب عدم قدرتها على دفع أجرها بالدولار الأميركي والكلفة العالية في استقدامها من بلدها، بعد أن لامس الدولار عتبة 21 ألف ليرة لبنانية.
كما أن أغلب العاملات الأجنبيات فضلن العودة إلى بلادهن، ولم يعد لبنان المكان المناسب لهن، حيث عرضت كثيرات من ربات المنازل اللبنانيات على مواقع التواصل الاجتماعي استعدادهن للعمل في الخدمة المنزليّة، من أجل تأمين قوتهن اليومي.
“الشغل مش عيب”
مهن جديدة دخلت البيوت وباتت مصدر رزق لم تألفها النساء في لبنان سابقاً ومنها إعداد الطعام للحفلات والمناسبات أو افتتاح ركن للتسويق في صالة الاستقبال وغيرها من الابتكارات، التي لم تعد تقف عائقاً أمام المرأة لتأمين استمرارية الحياة بشكل كريم ولائق.
“الشغل مش عيب المهم نعيش” بهذه العبارة برّرت سهى عملها بالخدمة المنزلية، متزوجة في العقد الثالث من عمرها وأم لطفلين، دفعت بها الحاجة نحو العمل في منازل الناس يوميا، فهي لم تكمل تعليمها “وماذا تنفع الشهادة حتى لو كانت بحوزتي”.
وتقول سهى : “راتب زوجي الشهري الذي يعمل في مطعم يبلغ مليوناً ونصف مليون ليرة لبنانيّة، لم يعد كافيّاً لإطعام أولادي وتعليمه”.
وأوضحت الأسباب التي دفعت بها للعمل في الخدمة المنزليّة، فقالت: “أحتاج شهرياً إلى 900 ألف ليرة لبنانيّة لإيجار المنزل، و500 ألف ليرة لصاحب المولد الكهربائي مقابل 2 أمبير فقط، و600 ألف ليرة بين أقساط ومستلزمات المدرسة الرسميّة، ناهيك عن الدواء الذي لم نعد نتمكن من الحصول عليه بشكل سهل”.
وتابعت: “لجأت للعمل بالساعة عند عائلة مقيمة في بيروت، بشكل يومي، الأم فيها عاجزة عن العمل وأقوم بمهامها اليومية، أرتب منزلها وأنظفّه، وأقوم بتحضير الطعام لعائلتها”.
وأضافت: “لم أتوقع مطلقاً أن أجد نفسي في هذه المهمة يوما خارج منزلي لكني بدأت أتأقلم وأشعر بالاكتفاء لأنني أريد مساعدة زوجي لتأمين مستلزمات حياتنا قدر الإمكان”.
وتعدّدت المهن والحاجة واحدة، فمن الخدمة المنزلية إلى طهي الطعام، أم طارق في العقد الرابع من عمرها، تمتهن تحضير وجبات الطعام وبيعها للزبائن من منزلها إزاء التضخم المالي وانخفاض القدرة الشرائيّة للمواطنين، ولأن كلفة إيجار أي محل لفتح أي مشروع باتت في غاية الصعوبة، قررت العمل من منزلها لتتحدى هذه الظروف الصعبة، فحولت ركن صالة الاستقبال إلى مصنع للحلويات.
وقالت : “يعمل زوجي سائق سيارة أجرة ولدينا 4 أطفال أجبرت على دخول سوق العمل من أجل مساعدته، في ظل ارتفاع سعر صفيحة البنزين إلى أكثر 300 ألف ليرة”.
أسعار مناسبة للمناسبات
وتقدم أم طارق وجبات يومية لطلاب الجامعات وللموظفين، الذين يتواصلون معها يومياً بحكم سكنها القريب من احدى الجامعات في بيروت.
وأضافت: “لم أتوقع أن ألجأ لمثل هذا العمل، وأن أعرض طبخي على وسائل التواصل الاجتماعي، لكني لطالما كنت أتلقى الإطراء والتشجيع في لقمة الأكل التي أحضرها حين يأتي أصدقاء أولادي لزيارتنا”.
وأردفت: “تشجعت وقررت البدء من منزلي بمساعدة صديقاتي وربما لاحقاً أقوم بفتح محل صغير لي”.
وقالت: “أواجه بعض المتاعب، لكنني بحاجة لأن أساعد زوجي الذي يسعى من الصباح إلى المساء لتأمين قوتنا اليومي لأن مصروفنا الشهري بات كبيراً”.
سيشوار ديلفري
وأوضحت الشابة لارا أنها أغلقت “صالون التزيين النسائي الخاص بها بعد أن صار الإيجار “يكسر الظهر”.
وأضافت: “أحمل حقيبة أضع بداخلها أدوات تصفيف الشعر بدءا من السيشوار وصولاً إلى المقص، وأتلقى عبر تطبيق الواتساب نداء الزبائن”.
توصيل طلاب
وتقول أم بسام الخمسينية: “حولت سيارتي إلى سيارة أجرة ونشرت خبر توصيل الطلاب من وإلى مدارسهم على الفيسبوك، وبالفعل أمضي يومي بين إعداد الطعام لأولادي الأربعة والتجول في شوارع المدينة لإيصال التلامذة إلى مدارسهم، ومنها إلى بيوتهم فالعائلة بحاجة إلى تكاليف إضافية والأعباء تزيد يوماً بعد يوم”