وزارة في الظرف الاستثنائي..!

8 أكتوبر 2020
وزارة في الظرف الاستثنائي..!

وطنا اليوم –  لا يبدو أن رئيس الوزراء الأردني الجديد المكلف سيطيل الإقامة في منطقة المشاورات الوزارية فالهكيل لمجلس الوزراء خضع طوال الأسبوعين الماضيين لنقاشات معمقة كما ذكرت “رأي اليوم” في تقرير سابق لها.

والانطباع قوي بأن تركيبة مجلس الوزراء الجديد برئاسة الدكتور بشرالخصاونة مدير مكتب الملك منذ عامين لن تحتاج للاستفاضة في المشاورات والمحاصصات لأن المشاورات هذه المرة سبقت إختيار رئيس الوزراء ولإن الرئيس الجديد كان طوال عشرة ايام ينفي تكليفه خلف الاضواء ويعتبر الامر ليس أكثر من “تسريبات وشائعات”.

وذلك وضع مكن الخصاونة من إنضاج مشاورات التوزير التي ستحتاج إلى اضافة بسيطة على الأرجح.

الملك الأردني استعمل عدة مرات في خطاب التكليف للخصاونة عبارة “الظرف الاستثنائي” مطالبا ضمنيا بجهود استثنائية من المرجح أن اغلبها له علاقة بملفي التعافي الاقتصادي والفيروس كورونا.

عمليا وقف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على محطة جديدة وفتح صفحة جديدة لبث قدر من الإيجابية في الروح المعنوية للمواطنين عندما قرر تكليف مستشاره المقرب والمسؤول عن مكتبه بصفة مباشرة الدكتور بشر الخصاونة برئاسة حكومة جديدة تخلف حكومة الرئيس الدكتور عمر الرزاز في مفاجأة مسائية قررها الملك بعد طول انتظار.

وبتكليف الدكتور الخصاونة وهو دبلوماسي مخضرم وتقلد منصبه كمستشار اول في القصر الملكي منذ عامين تقريبا يكون العاهل الاردني قد حسم الجدل في بلاده بصفة قطعية بعد خمسة ايام من النقاشات حول دستورية قرار ملكي سابق بتكليف الرئيس الرزاز بتصريف الاعمال في الوقت الذي تتوسع وتنمو فيه الازمة الاقتصادية والاوضاع الفايروسية المعقدة والتي تهدد القطاع الصحي.

وكان الدكتور الخصاونة قد تردد اسمه على اكثر من صعيد في الايام الاخيرة بعد قرار الملك حل مجلسي النواب ثم الدخول في الاستحقاق الدستوري الذي يجبر حكومة الرزاز على الاستقالة قبل قبول الملك بصفة لفظية للاستقالة الاسبوع الماضي ولاحقا الاعلان وبعد عدة ايام عن تكليف الرزاز بتصريف الاعمال عن تشكيل حكومة جديدة بقيادة الدبلوماسي الشاب الدكتور الخصاونة.

والأخير هو نجل وزير الإعلام الأردني الأسبق وأحد رجالات الدولة في الماضي الدكتور هاني الخصاونة.

وشكّل تعيين الخصاونة في موقعه الجديد مفاجأة من الوزن الثقيل على المستوى السياسي والنخبوي خصوصا وأن الأخير وقبل تسلمه لمهام إدارة مكتب الملك كان سفيرا للأردن في باريس وتقلد منصبا وزاريا لمرة واحدة في الحكومة قبل السابقة.

لكن هذا القرار بتكليف دبلوماسي وسياسي من الجيل الشاب عمليا برئاسة الحكومة في مرحلة استثنائية يتخللها النقاش بشكل مكثف حول الوضع الفايروسي والصحي والاقتصادي.

وبالتالي هذه رسالة لها علاقة بمضمون خطاب ملكي جديد يوجه للأردنيين الذين يعانون اليوم من الوضع الفايروسي والاحتقان المعيشي والاقتصادي وتدشين بنفس الوقت لحلة جديدة تماما تنهي لا بل تدفن إلى حد بعيد تجربة حكومة الرئيس الرزاز التي أثارت الجدل على أكثر من صعيد.

وبدا واضحا لجميع المراقبين في عمان مساء الأربعاء بأن لغة ومضمون ودلالات خطاب التكليف الذي تم توجيهه للدكتور الخصاونة يؤشر على الأولويات المرحلية بتوجيهات محددة من القيادة.

وهي أولويات تأخذ بالاعتبار الحفاظ على صحة المواطنين الأردنيين بشكل خاص وبالتالي التركيز على الوضع الفايروسي ونمو الوباء ومحاولة انقاذ النظام الصحي في القطاع العام عبر الشراكة مع القطاع الخاص كما تركز من جهة اخرى على الوضع الاقتصادي والمعيشي بشكل خاص حيث امر الملك الخصاونة بالحرص والعمل على اتخاذ اجراءات تؤدي الى الحرص على ارزاق المواطنين وعجلة الانتاج في القطاعات العامة.

وبدا لافتا أن الملك يركز على مسألة الرزق والوضع الاقتصادي وتنشيط الاقتصاد واستدراك تداعيات ازمة كورونا في الوقت الذي كانت فيه الحكومة السابقة قد اتخذت قرارا بالإغلاق والحظر الشامل ليومي غدا وبعد غد الجمعة والسبت وتلك اشارة يبدو انها تدلل على ان الاطار المرجعي قد لا يكون راضيا عن العودة لسياسة الحظر الشامل والتي يرى الخبراء انها ليست منتجة بكل الاحوال.

طريق الرئيس الخصاونة مليئة بالصخور وستكون سياسيا وبيروقراطيا ومرحليا واقتصاديا من اكثر الطرق وعورة حسب المراقبين والخبراء خصوصا في ظل تنامي الازمة الاقتصادية والوضع الاقليمي المفتوح على الكثير من الاحتمالات.

لكن الخصاونة يتميز بان لديه طاقة شابة ونشطة وتراكمت لديه من خلال عمله لعامين مضيا في الديوان الملكي وفي اقرب نقطة من الملك بانه لديه خبرات تمكنه من القفز بين الالغام ووضع بعض الخطط الاستثنائية السريعة وعلى اساس الاستجابة التكتيكية للواقع الموضوعي وليس على اساس البقاء مطولا في الادارة والحكم.

وقد يوحي ذلك بان مرحلة الخصاونة قد تكن انتقالية وسريعة ولها علاقة بمرحلة ما قبل التحضير للانتخابات البرلمانية واذا بقي في الادارة بعد الانتخابات البرلمانية سيكون مطالبا بتقديم بيان للثقة لمجلس نواب جديد وهذه بحد ذاتها مغامرة قد تكون محسوبة لكن الاستجابة للأوضاع المعيشية والفايروسية الان تكرس القناعة بالأولوية المطلقة على حساب الكثير من الاعتبارات والحسابات السياسية.

لكن الأهم اليوم أن الراي العام الأردني طوى صفحة حكومة الرزاز المثيرة للجدل فرئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال ترك موقعه في رئاسة الوزراء وحكومته أصبحت غير شرعية في هذه المرحلة بعد موجات من القرارات والإجراءات التي أثارت الكثير من الجدل طوال الوقت.