تحركات أردنية لكسر قانون قيصر وسوريا تشترط

13 سبتمبر 2021
تحركات أردنية لكسر قانون قيصر وسوريا تشترط

وطنا اليوم:دولتان على الأقل في المنطقة تحاولان الاستفادة قدر الإمكان من الترتيبات الأمريكية التي تسعى إلى تزويد الشعب اللبناني باحتياجه من الطاقة وإمدادات المحروقات.
الأردن يتقدم خلف الستارة والكواليس وبسرعة أحياناً وداخل كل الاجتماعات التنسيقية بتقارير ومطالبات محددة تحاول منحه استثناء خاصاً فيما يتعلق بقانون قيصر الأمريكي. الحجج الأردنية بالأدلة الدامغة لها علاقة بصعوبة التعاون مع الإدارة الأمريكية على الأقل والدول الغربية والأمم المتحدة في مجال تزويد الشعب اللبناني بالكهرباء الأردنية أو بالغاز المصري عبر الأردن ما دامت تعليمات وبنود قانون قيصر مفروضة على الأردن.
بمعنى آخر، الأردن يحتاج إلى الحصول على استثناء خاص تحت مبررات لها علاقة بالحدود والاحتياجات الإنسانية ونوايا الإدارة الأمريكية حتى يتمكن من تزويد لبنان بالكهرباء عبر الأراضي السورية، وهي المحاججة التي تطرحها طوال الوقت السلطات الأردنية في كل الاجتماعات، وخصوصاً تلك الاجتماعات الدبلوماسية.
والرهان الأردني هنا واضح الملامح، وهو تمكن الدولة من الحصول على استثناء خاص لكي تتجول فرق فنية بمنتجات لوجستية وشاحنات نقل أو صيانة، لصيانة خطوط إمداد الكهرباء عبر الأراضي السورية، الأمر الذي يتطلب عملياً استثناء الأردن من تعليمات قانون قيصر.
ملامح الخطوط الأردنية هنا واضحة المعالم، وهي الاستفاده من بروتوكولات تسمح للدول المجاورة والمحاذية لسوريا بعدم الالتزام ببعض تعليمات وتوجيهات بنود قانون قيصر، ما يعني تفعيل بند النقل بين الأردن وسوريا قليلاً، خصوصاً بعد فتح معبر رفح.
ويعني الأمر لاحقاً الاستثمار في بروتوكولات تجارية تعيد استئناف تصدير البضائع والمنتجات إلى السوق السورية، وهو أمر يستفيد منه أيضاً الجانب السوري في كل الأحوال. أما المفاوضات المتعلقة بتزويد لبنان بالكهرباء الأردنية وبالغاز المصري، فقد دخلت في منحنيات سياسية عالجت إلى حد كبير احتياجات سياسية، خصوصاً أن الحكومة السورية ترغب في الاستثمار والتوظيف والاستفادة من الاهتمام المفاجئ للمجتمع الدولي بتلبية احتياجات الشعب اللبناني. وذلك وفقاً لنظرية قيلت في الكواليس الدبلوماسية، وأساسها عدم ترك الشعب اللبناني وحيداً في مواجهة احتياجات حياتية ملحة، وبالتالي السماح بتقويض السلطة والتحالفات في لبنان وإنتاج فراغ يمكن أن يستفيد منه حزب الله بشكل خاص أو حلفاء الجمهورية الإيرانية.
معنى ذلك عملياً، كما يوضح المحلل السياسي أنور الخفش، هو أن تلبية احتياجات الشعب اللبناني أصبحت مسألة سياسية الطابع، تجنباً لاختلاف المعايير والأوزان السياسية والإقليمية في ظل المواجهة المفتوحة بين الإدارة الأمريكية وبعض الدول الغربية من جهة، والجمهورية الإيرانية من جهة أخرى.
يأتي ذلك عقب اجتماع وزاري رباعي لوزراء الطاقة بحضور مصر والأردن ولبنان وسوريا في عمان الأربعاء الماضي، فيما يقوم الأردن بمساعٍ عبر أقنية دبلوماسية وسياسية تحت عنوان تدوير الزوايا مجدداً في البعد الإقليمي. ويبدو أن الحكومة السورية أيضاً مهتمة بالاستثمار في المشهد، وقد تكون سوريا تمثل الدولة الثانية التي تسعى للاستفادة من الاحتياجات الملحة للشعب اللبناني في مجال الكهرباء والغاز والمحروقات.
وهنا ترددت أنباء عن أن الوفد السوري الذي يفاوض الآن في مصر وفاوض قبل ذلك في عمان، وضع شروطاً متعددة كي يسمح بعبور الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى الشعب اللبناني.
بين هذه الشروط بالتأكيد صيانة خطوط الإمداد عبر الأراضي السعودية للكهرباء والغاز، وبدون أن تتكلف الحكومة السورية أي دولار جراء هذه الصيانة. إضافة إلى ذلك، يفكر السوريون بحماسة في أن عرض احتياجات الشعب السوري من المحروقات والغاز أولاً حتى يقدموا الضمانات لعبور الغاز المصري والكهرباء الأردنية من أراضيهم، وبالتالي ترفع سوريا خلف الستارة -وفقاً لمصادر مطلعة جداً- شعار احتياجات الشعب السوري من المحروقات والغاز مقابل مرور وعبور احتياجات الشعب اللبناني عبر الأراضي السورية. وهو وضع عموماً لم يعد ملتبساً ولا مفتوحاً على احتمالات المزاج السياسي.
لكن في إطار تدوير الزوايا و»أقلمة» مسألة الطاقة في لبنان، بدا واضحاً أن الكثير من الأطراف في المنطقة والإقليم تتحرك في إطار الزوايا الجديدة التي فرضها حزب الله اللبناني عندما لوح بتزويد إيران للشعب اللبناني بالمحروقات، ما يعني أن الأطراف الدولية مهتمة، في المقابل، بأن لا تملأ طهران الفراغ، ومهتمة بأن لا تتحول أزمة الطاقة والمياه والغاز والكهرباء في لبنان إلى أزمة إنسانية الطابع سيكون المستفيد الوحيد منها حزب الله والتيار الإيراني في لبنان، قياساً بضعف بقية التيارات وبضعف الرئيس اللبناني وبقية المؤسسات، والاستقصاء في استحقاق تشكيل حكومة في بيروت.
كل تلك المعطيات تخدم النظام السوري وتخدم حزب الله حتى هذه اللحظة، وأزمة احتياجات الشعب اللبناني تتحول إلى مناورة بالذخيرة الحية لتحسين التموقع السياسي والتدرج بتكتيكات جديدة تؤدي إلى تفكيك الحصار الأمريكي والغربي على سوريا ولو جزئياً.