الفايز للمشككين بعملية الإصلاح في الأردن: تضعون العراقيل وتبثون الفتن

25 أغسطس 2021
الفايز للمشككين بعملية الإصلاح في الأردن: تضعون العراقيل وتبثون الفتن

وطنا اليوم:القى رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، محاضرة حول “الأردن.. تحديات والهوية”، في جمعية الشؤون الدولية التي يترأسها الدكتور عبد السلام المجالي، تحدث فيها عن أبرز القضايا الوطنية والتحديات والهوية الوطنية الجامعة، والإصلاح السياسي.
وقال “إن الهوية الأردنية راسخة متجذرة لا يمكن العبث بها أو الغاؤها، فمنذ تأسيس إمارة شرق الأردن، وقدوم المرحوم جلالة الملك عبدالله الأول، بدأ جلالته بإزالة العوائق كافة أمام تشكيل الدولة الأردنية الحديثة وهويتها الوطنية، واستطاع جلالته بحنكته دمج العشائر والقبائل في مؤسسات الدولة التي بدأ يقيمها، ودارت عجلة بناء الدولة ومؤسساتها وتطوير الهوية الوطنية، وكان من أهم المؤسسات التي انشئت حينها القوات المسلحة الأردنية، رافق ذلك قيام سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية التي رسخت الهوية الوطنية”.
وبين أن “خمسينيات وستينيات القرن الماضي التي شهدت تعاظم المد القومي والناصري، ومحاولات العبث بالهوية الوطنية وزعزعة نظام الحكم، استطاع الأردنيون بقيادتهم الحكيمة الحفاظ على تلاحمهم الوطني والاجتماعي، وتعاظم الاحساس بالهوية الوطنية الأردنية، ودافعوا عن وطنهم بشراسة وقوة، مشيرا إلى أحداث السبعين التي تصدى لها الأردنيون من مختلف منابتهم وأصولهم”.

وأوضح الفايز أنه “مع مرور الوقت تطورت الهوية الأردنية رغم التحديات، والتف الأردنيون حول قيادتهم الهاشمية، وانصهرت كافة مكونات المجتمع الأردني في بوتقة واحدة، وتقاسمنا جميعا نفس الواجبات والتطلعات والهموم، وآمن الأردنيون جميعا بأن العرش الهاشمي هو صمام الأمان لهم، والضامن لديمومة الأردن وأمنه واستقراره، وبات هناك ارتباط وثيق بين الشعب والعرش الهاشمي”.
وأضاف أن ذلك “انعكس على قوة ومنعة هويتنا الوطنية الجامعة، وترجم هذا الانتماء إلى نهضة شاملة في جميع الميادين، واستمرت هويتنا راسخة قوية رغم تواصل التحديات، واستطعنا أيضا بهويتنا الوطنية وقيادتنا الهاشمية الحكيمة مواجهة تحدي اللجوء والنزوح الفلسطيني واللبناني والعراقي، وتبعات حربي الخليج الأولى والثانية واحتلال الكويت، وانقطاع النفط العراقي والحصار الاقتصادي على الأردن عام 1989”.
ولفت الفايز إلى أنه “منذ أن تسلم الملك عبدالله الثاني العرش تواصلت مسيرة البناء والتطور، وتطويع الأحداث الإقليمية والدولية بما يخدم مصالحنا”.
وأكد أنه “في عهد جلالته استطعنا التغلب على تداعيات احتلال العراق والأزمة المالية عام 2008، والربيع العربي، وانقطاع الغاز المصري، والحروب الأهلية في العديد من الدول العربية، وانتشار الإرهاب، واللجوء السوري، وفشل مؤسسات العمل العربي المشترك، وتعثر عملية السلام، واليوم نواجه جائحة كورونا التي أثرت على أوضاعنا المعيشية والاقتصادية، لكن رغم وقعها الأليم وانعكاساتها سنتجاوزها”.
وبين الفايز أن “التحدي الأبرز الذي تجسدت فيه وحدتنا الوطنية وهويتنا الأردنية الجامعة بأبهى صورها، والتفاف الجميع خلف جلالة الملك، هو رفض جلالته المطلق لأية مشاريع تمس الثوابت الوطنية أو تصفية القضية الفلسطينية، أو اعتبار الأردن وطنا بديلا، وكان آخرها ما طرحته الإدارة الأميركية السابقة أو ما يسمى بـ”صفقة القرن أو صفقة العصر”.
وأكد أن “مواقف جلالته كانت واضحة ودوت في انحاء العالم كافة، بأن على الجميع أن يدرك أن الأردن لن يتخلى عن ثوابته، ولن يسمح بالعبث بهويته الوطنية، وجاءت لاءات جلالته لتقول للعالم، بأن الأردن هو الأردن، وفلسطين هي فلسطين، والقدس والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية خط أحمر، ولن يفرط الأردن بحقوقه المتعلقة بعودة كافة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وتعويضهم، اضافة إلى مختلف القضايا المتعلقة بالمياه والحدود، وتأكيد الثوابت الفلسطينية ودعمها مهما كانت الضغوطات أو الثمن”.
ومضى الفايز قائلًا: “أننا نواجه اليوم تحديا اقتصاديا، وهو ما أشار له جلالة الملك أكثر من مرة، لذلك على الجهات المعنية أن تعمل على وضع خطط اقتصادية ناجعة تحدد من خلالها أولوياتنا الاقتصادية التي يجب العمل عليها، بما ينعكس إيجابيًا على حياة المواطنين”.
وشدد على ضرورة “تفعيل الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص بهدف التوافق على الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة لإحداث النمو المنشود وتوليد فرص العمل، والوقوف على ما تحتاجه القطاعات الاقتصادية، مع وضع برنامج عمل اقتصادي واضح ومرتبط بمدد زمنية محددة، لتنفيذه بالشراكة مع القطاع الخاص من أجل تحقيق التعافي الاقتصادي، وتحقيق مستويات النمو والتشغيل اللازمة، لتحريك عجلة الاقتصاد وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن”.
ودعا الفايز إلى “استثمار الأجواء الإيجابية التي عكستها زيارة جلالة الملك الأخيرة للولايات المتحدة الأميركية، وأن تنسجم أولويات الحكومة الاقتصادية مع الأهداف الوطنية، ومن ضمنها الحد من نسبة البطالة المرتفعة، ووجود خطة اقتصادية عابرة للحكومات، وتمكين الاستثمار المحلي وزيادة تنافسيته، بالتوازي مع العمل على جذب الاستثمار الأجنبي”.
وبين أن ذلك “يتطلب التعامل مع ملف الاستثمار بمرونة وشفافية، ووضع حد لتجاوزات البعض، وتسريع النظر في طلبات الاستثمار، لأن الأمن الاقتصادي والاجتماعي يشكل أولوية وطنية”.
وتطرق في حديثه إلى ضرورة الاستعداد الكامل للاستفادة من مشروع “الشام الجديد”، مؤكدًا في الوقت ذاته “أهمية التكامل الاقتصادي العربي لما شأنه تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة لامتنا العربية”، داعيا إلى “عقد قمة اقتصادية عربية موازية للقمة السياسية، يشارك بها رجال الاعمال وممثلون عن القطاعات الاقتصادية المختلفة، لبلورة مشروع اتحاد اقتصادي عربي يكون بعيدًا عن التجاذبات السياسية”.

وقال الفايز “لقد عقدنا العزم بهمة قائدنا المفدى، على مواصلة مسيرة الإصلاح والتنمية الشاملة، فبعد أن طرح جلالته الأوراق النقاشية، ورسم فيها مستقبل الأردن الذي نريد ويليق بشعبنا، شكل جلالته أخيرا اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، برئاسة العين سمير الرفاعي، ومن وزراء ونواب سابقين وخبراء وقانونيين وحزبيين وغيرهم”.
وبين الفايز أن جلالته “أراد بتشكيل اللجنة أن يجعل من الإصلاح عملا متواصلا، وحدد جلالته مهام اللجنة بتعديل قانوني الانتخاب والأحزاب، والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي، بهدف الوصول للحكومات البرلمانية الحزبية البرامجية”.
وقال إن “البعض ما زالوا يشككون بعملية الاصلاح رغم تأكيد جلالته بأنه الضامن لمخرجات عمل اللجنة، وما زال هؤلاء المشككون يضعون العراقيل أمام عملها، وخاصة ما يتعلق بقانون الانتخاب، وربطه بقضايا تتعلق بالهوية الوطنية الجامعة، ويعملون على إثارة زوابع تجاوزناها منذ عقود، أو الحديث عن أكثر من هوية وطنية، والدعوة الصريحة للتعصب والفتن والصراعات، ويتبنون دعوات مشبوهة للعبث بنسيجنا الاجتماعي وهويتنا الوطنية، متناسين أن التعددية حقيقة قائمة في جميع المجتمعات، الأمر الذي يثري العمل الحزبي والسياسي، ويشكل عنصر قوة للمجتمع وهويته الوطنية”.
وأضاف “أن الإصلاح السياسي من خلال قانون الانتخاب لا يتعلق بحجم تمثيل الأردنيين من مختلف الأصول والمنابت، ولا يكون بزيادة المحاصصة في الدوائر الانتخابية، بل في الإيمان بالمشاركة السياسية والعملية الانتخابية ذاتها، فالدستور قائم على أساس التشاركية وليس الحكم الفردي، وهذا ينطبق على الجميع بمعزل عن أصولهم”.
وأكد رئيس مجلس الأعيان “أن قانون الانتخاب الجامع الذي يعزز من تلاحمنا الوطني والإصلاح السياسي، ويرسخ هويتنا الوطنية الجامعة، هو القانون الذي يتجاوز المحاصصة والتعداد الديمغرافي ويمثل كافة الجغرافيا الأردنية، فلو أخذ القانون الذي نسعى لوضعه بالمحاصصة والديمغرافيا، ستظلم شرائح اجتماعية عديدة”.

وأوضح أن “الوزن الحقيقي للنائب في دستورنا الذي ينص على أن نظام الحكم “نيابي ملكي وراثي”، بمعزل عن أصول النائب وطائفته واتجاهه السياسي، هو أهم واجدى من الوزن الديموغرافي للدائرة، وهو انفع للإصلاح السياسي المنشود، واكثر قوة لمجلس النواب الذي نريد”.
وتابع الفايز أنه “ولتعزيز مسيرة الإصلاح السياسي، وتفويت الفرصة على دعاة المحاصصة والديمغرافيا، فإن المطلوب إقرار نظام انتخابي قادر على تجسيد الإرادة الشعبية، وتعزيز المشاركة في صنع القرار، بما يفضي إلى حكومات برلمانية”.
وبين أن “تعديل تشريعات الإصلاح السياسي، ينبغي أن تفرز حكومات برلمانية قوية قادرة على معالجة التحديات الداخلية، ومنها الوضع الاقتصادي، وتعمل في الوقت ذاته، على إطلاق الحريات العامة في اطار من المسؤولية، ما يتطلب تعديلات جوهرية على قانون الانتخاب، يمكن من تجسيد الإرادة الشعبية وتعزيز المشاركة في صنع القرار، إضافة إلى تعديلات على قانون الأحزاب تمكنها من الاندماج في ائتلافات وتيارات حزبية”.
وطالب الفايز “باعتماد استراتيجية تعزيز تلاحمنا الوطني ونسيجنا المجتمعي، وتحارب مختلف أشكال التمزيق والانقسام والتمييز، وتجريم التفرقة وإثارة النعرات الطائفية أو العرقية أو الاجتماعية، وتعمل على توفير الظروف المناسبة لحياة سياسية وحزبية حقيقية، وإقرار نظام انتخابي قادر على تجسيد الإرادة الشعبية وتعزيز المشاركة في صنع القرار”.
وشدد على أن “الإصلاح المنشود، هو المدخل الأساس للبناء والتقدم بثقة نحو المستقبل، ما يتطلب العمل على ترسيخ دولة القانون والمؤسسات ودولة المواطنة والعدالة، على قاعدة المساواة في الحقوق والواجبات، إضافة إلى تعزيز استقلالية القضاء والفصل بين السلطات، ما شأنه أن يحقق مصلحة الأردنيين”.
وجدد الفايز تأكيده “ضرورة المحافظة على هويتنا الوطنية الجامعة لندخل المئوية الثانية من عمر الدولة، ونحن اكثر منعة وقوة، فالأردن المستقر الموحد القوي سياسيا، والمزدهر اقتصاديا، وصاحب الدور الفاعل إقليميا ودوليا، هو خير سند لأمته ولقضاياها العادلة”، مبينا “أننا كأردنيين ومن مختلف اصولنا ومنابتنا، سنبقى على العهد خلف جلالة الملك عبدالله الثاني، شعبا واحدا يحمل هوية عربية إنسانية واحدة، نؤمن بالوطن ومخلصين لقائد مسيرتنا، وسنتصدى بقوة لكل من يحاول العبث بثوابتنا الوطنية، ومن يتجاوز على هويتنا الوطنية الأردنية الجامعة وهيبة الدولة”.
بدورهم، تحدث الحضور في مداخلات متعددة حول أبرز القضايا الوطنية، وعلى رأسها الإصلاح السياسي والتحديات الاقتصادية والاجتماعية، وما تشده المنطقة من أحداث متسارعة.