جدل في الشارع الموريتاني بعد نجاح 8% فقط في الثانوية العامة

24 أغسطس 2021
جدل في الشارع الموريتاني بعد نجاح 8% فقط في الثانوية العامة

وطنا اليوم:وقعت نتائج الثانوية العامة التي أعلن عنها أمس والتي اقتصر النجاح فيها على 8% من المترشحين، كالصاعقة على عموم الأسر الموريتانية، وأدت لصب انتقادات لاذعة على المنظومة التعليمية التي شهدت منذ الاستقلال إصلاحات متعددة لم تف بالمطلوب.
وهنأ الرئيس الغزواني في تغريدة على تويتر “الأبناء الذين حالفهم النجاح في شهادة الثانوية العامة وأسرهم التي سهرت على نجاحهم متمنياً التوفيق للجميع”.
وقال: “عمليتنا التعليمية ما زالت بحاجة لجهد مضاعف وتحديث آلية المسابقات الوطنية وذلك ما ستعمل عليه المنظومة التعليمية إن شاء الله في الفترة القادمة”.
وبلغ مجموع الناجحين في دورة 2021 ، حسبما أعلن عنه أمس 3.742 من أصل 46.587 مترشحاً وهو ما مثل 8%.
وبلغ عدد المترشحين الذي سمح لهم بخوض الدروة التعويضية 3.051 وهو ما مثل 7% من المترشحين، بينما بلغ عدد الراسبين 36.790 وهو ما بلغ نسبة 78% من المترشحين.
وضمن ردود الفعل الغاضبة إزاء هذه النتائج، كتب حزب الصواب (البعث الموريتاني) افتتاحية على صفحته الرسمية في «فيسبوك» تحت عنوان “مجزرة البكالوريا “، أكد فيها “أن نتائج كارثية تعكسها نسبة 93% من المرشحين للبكلوريا 2020/2021 الذين لم يحصلوا على المعدل، وهو ما يزيد على أربعين ألف تلميذ استعدوا للحصول على شهادة الثانوية العامة وابتلعهم في الطريق إليها، غول الفشل التربوي ودُفِعَ بهم جماعياً لمصير مظلم، ارتداداته الكارثية يزداد حبلها التفافاً حول ما بقي من مجاري التنفس في عنق الدولة والمجتمع”.
وأضاف الحزب: “لا أحد بدرجة من الغباء اليوم يمكنه أن يتصور وجود برنامج للإصلاح الاستراتيجي للتعليم مطروحاً على الطاولة، لكن الجميع ينشد ويرجو التوقف عن السير في النفق المظلم، ووقف نزيف بيانات الهدر المدرسي التي تعزف سمفونيتها الجنائزية بعد كل إعلان لنتائج الباكالوريا، على مدار عقد كامل لم تتجاوز فيه نسبة النجاح 8%، في حين وصلت في المغرب والجزائر وتونس إلى 68% وتجاوزت في دول الخليج العربي 80٪؜ وقاربت في فرنسا واليابان 100% ولم تنخفض معدلاتها في دول القارة الإفريقية جنوب الصحراء عن 30 ٪؜ “.

وتابع الحزب: “ظلت البكالوريا في موريتانيا حلماً ومكسباً طبقياً لكثير من أبناء الهامش الاجتماعي قبل أن يتم الإجهاز عليها في العقدين الماضيين ويتحول التعليم إلى جرح مفتوح داخل الجسد الوطني عجزت كل الوصفات منذ 1999 عن إنقاذه رغم ما امتصت فواتيرها من ميزانيات ضخمة وما نُهِبَ تحت شعاراتها من قوت الفقراء والمعوزين وبقيت رتوشاً يقود كل إصلاح جزئي منها إلى فساد كلي، ولا يرى أصحابها في مشكلة من مشاكله الكثيرة إلا نصفها ليسقطوا في النصف الآخر”.
وشهدت موريتانيا منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960، أربعة إصلاحات للتعليم أولها إصلاح 1963م، وكان إصلاحاً بسيطاً أضاف بعضاً من مواد اللغة العربية والتربية الإسلامية إلى النظام التعليمي الذي كان نظاماً فرنسياً بحتاً موروثاً عن الاستعمار، ثم إصلاح 1974م، وكان إصلاحاً حقيقياً هدفه طبع النظام التربوي بخصوصية موريتانيا، ثم الإصلاح الثالث وهو إصلاح 1979م والذي وصفه المختصون بأنه كان إصلاحاً ارتجالياً، ولم ينطلق من أي شيء؛ لأنه كان في فترة حكم العسكر، وتم إقراره تحت ضغط تحركات من بعض المكونات الزنجية في البلد احتجاجاً على ترسيم اللغة العربية فعمد العسكر حينها إلى الجهد الرخيص وارتجلوا حلاً سريعاً، وهو أن كل من كانت أمه ناطقة بالعربية يجبر على الدراسة باللغة العربية، وكل من كانت أمه غير ناطقة بالعربية يخير بين الدراسة باللغة العربية أو الدراسة باللغة الفرنسية، فنشأ عن هذا نظامان تربويان منفصلان تماماً، وزاد هذا الانفصال من الشرخ ما بين مكونات الوطن، فأصبح هناك نظام عربي لفئة معينة وهو الأكثر، ونظام فرنسي أو مزدوج لفئة وطنية أخرى، وكان الطلاب والتلاميذ لا يلتقون في أي مرحلة من المراحل الدراسية.
وبدل أن يكون هذا الإصلاح كافياً قام النظام العسكري حينها بإقرار إصلاح 1999م، الذي كانت له إيجابية واحدة هي أنه وحد النظام التربوي، لكنه انطلق من أن المواد العلمية لا يمكن تدريسها إلا باللغة الفرنسية والمواد الإنسانية والأدبية تدرس باللغة العربية وهو ما ولد ضعفاً عاماً في المواد العلمية.
والذي يتوق له الموريتانيون اليوم هو إصلاح تربوي ينطلق من خصائص البلد ترافقه رؤية وطنية حقيقية غير سياسية، وتعبأ له الوسائل الكافية بعيداً عن إكراهات السياسة وضغطها.
وقد خصص الرئيس الغزواني بعد انتخابه قطاعاً وزارياً لإصلاح التعليم وعين مجلساً أعلى لإصلاح المنظومة التربوية يضم لفيفاً من الخبراء والمتخصصين.