ماذا قال بدران في مذكراته عن تأسيس دائرة المخابرات وماعلاقة “احمد عبيدات” و “محمد رسول”

9 أغسطس 2021
ماذا قال بدران في مذكراته عن تأسيس دائرة المخابرات وماعلاقة “احمد عبيدات” و “محمد رسول”

وطنا اليوم  – تبدأ وطنا اليوم  بنشر مقتطفات من مذكرات رئيس الوزراء الأسبق مضر باشا بدران التي أسماها ” القرار” ، وتنشر وطنا اليوم الحلقة الأولى حول ماذا قال بدران عن تأسيس دائرة المخابرات العامة.

بدران في مذكراته بعنوان “القرار” يقول: ان من أسس المخابرات العامة هي دائرة المباحث العامة، وهي من أعدت قانون الدائرة، صحيح أننا كنا كمجموعة ضباط، متواجدين في المواقع الثلاثة، وكان المسؤول عنا محمد رسول الكيلاني، لكن لكل موقع إختصاصاته، فقد كنا مع الكيلاني، أنا وهاني طبارة وأديب طهبوب وأحمد عبيدات وطارق علاء الدين. ومن هناك، بدأنا نشعر بأن هذا المكتب سيكون له الدور الأهم في التحقيق بمجموعة المؤامرات، التي كنا نتعرض لها في الأردن، فقد كان النظام هدفا للإغتيال في أكثر من حادثة وموقف، وكان رئيس فريق التحقيق دائما هو محمد رسول الكيلاني، وقليلا جدا ما كنت أحضر التحقيقات. في تلك المرحلة، عادة ما يختار ابورسول “الكيلاني” أديب طهبوب وأحمد عبيدات لمرافقته في التحقيق مع تلك الشخصيات، وأحيانا كان يأخذ معه جميع فريق المكتب، أما مكان التحقيق فهو السجون، التي يوقف بها المتهمون على خلفية التهم الموجهة لهم، وكان التحقيق في تلك القضايا عادة ما يكون ليليا، وليس في ساعات النهار، ولا أذكر بأننا عملنا على ملفات كثيرة، فبالكاد عملنا على أربع قضايا مهمة فقط، ولم نمكث طويلا في عملنا في مكتب التحقيقات السياسية، فبعد عام تقريبا، انتقلنا لدائرة المباحث العامة، التي أسست فعلا، وحضّرت لتأسيس دائرة المخابرات العامة، وكان معنا ذات الفريق من الضباط أصحاب الكفاءة العالية الذين أسميتهم سابقا. وفي عام 1965 أنشئت دائرة المخابرات العامة بقانون، ذهبت أنا وثلاثة ضباط إلى لندن، وكنا في “دورة مخابرات”، وهم الزملاء: هاني طبارة ورجائي الدجاني وطارق علاءالدين، وفي تلك الأيام، وبعد تأسيس دائرة المخابرات العامة، كان رئيس الوزراء وصفي التل، وكانت دائرة المباحث العامة، تعج بالملفات، المليئة بالتقارير التي عادة ما كان يكتبها “المخبر صادق”، وإستطعنا بمدة زمنية تدقيق تلك الملفات، وتنظيف نحو (70) ألف إضبارة، من تلك الملفات، ودعونا “وصفي” رحمه الله لحرقها، وكان حدثا مهما في ذلك الوقت. من هناك بدأ العمل المتعب، فقد كانت جهودنا موزعة على نوعين من العمل، الأول التأسيس لدائرة المخابرات وجهازها الأمني، والثاني كان مشقة العمل اليومي ومتابعة أبرز القضايا الخطرة على أمن البلاد وإستقرار النظام السياسي، حيث انه ومع تأسيس المخابرات العامة، تسلمت موقع مساعد المدير للشؤون الخارجية، التي كانت تشمل ملفات مراكز الحدود والمطارات والأجانب المقيمين في المملكة، وكان مساعد المدير للشؤون الداخلية أديب طهبوب، وكنا برتبة مقدم، وعندما تسلمت العام 1968 منصب مدير المخابرات، كنت أحمل رتبة زعيم “عميد”، قبل ذلك كانت القضايا التي نتعامل معها كلها تتعلق بأمن الملك، والمؤامرات الكبرى، التي تتعرض لها المملكة. وبضيف بدران: كنا في دائرة المخابرات العامة نتبع اسلوب مهني فني، وكان يؤكد أسلوبنا بأن الضرب لا يستخدم للوصول إلى الحقيقة، فهو يوصلك كمحقق إلى غير الحقيقة، وكانت هذه النظرية ثابتة عندنا في أساسيات عملنا، أساليب التعذيب، التي كنا نسمع عنها، ونحن في مكتب التحقيقات السياسية أو المباحث العامة، كانت كلها تتمثل في طلبات غريبة مثل “اقطعوا عنه الصابون أو اقطعوا الكهرباء” لا أكثر.. فكنا لا نضرب لكي لا نصل إلى حقيقة مضللة، لأن التعذيب والضرب قد يأتيان لك بإعتراف غير المذنب بذنب لا إتصال له به، وبالنسبة لنا كان هذا يعني بأن المشتبه بهم يسرحون بالخارج، ويخططون لمؤامراتهم التخريبية بينما نحن نحقق مع الشخص الخطأ. أنتم لا تعلمون كم استنزف منا تأسيس دائرة المخابرات العامة من وقت وجهد وعناء، نحن حرصنا أن نؤسس لجهاز فني ومهني، ولم نكن نريد أن نؤسس دائرة للتعذيب والسجن والإساءة للناس، وأرجو أن يعي الجميع، بأننا أسسنا دائرة مخابرات، وعملها الأساسي الحفاظ على الأمن الوطني، وليس إرهاب المواطنين، رغم اننا كنا نعيش أقسى الظروف التي مرت على وطننا، وكنا نتعرض لخطر من جميع الجهات، ولا تتخيل أبدا بأن عقيدة دائرة المخابرات إستندت يوما الى الضرب أو التعذيب، لأن عملنا كان أكثر تعقيدا من ذلك، والطرق التي إتبعناها في التحقيق، لا يمكن لك أن تتخيل حجم الحرفية العالية والمهنية فيها، خصوصا في الفترات، التي تلت مرحلة التأسيس الأولى في نهاية الستينيات من القرن الماضي. ويختم بدران: في الجهاز آمنا بأن البنية التحتية لدائرة المخابرات، لن تنهض إلا عبر شبكة مصادر معلومات، وضمان تدفق المعلومات من أماكن الخطر الذي يهددنا، فكان التطوير في عمل دائرة المخابرات العامة كان له أشكال مختلفة ومهمة، أبرزها كان قدرتنا على زراعة وخلق مصادر المعلومات في الدول، التي يهمنا أمرها، ونخشى على انفسنا منها في ذلك الوقت، كما أننا بدأنا ننظم عمل تدفق المعلومات من المصادر، ونبهنا الجميع إلى أن أي معلومات لها اتصال بأمن الملك والمملكة، يجب أن تكون من خلالنا فقط.