الصعود إلى أسفل..!

26 مايو 2021
الصعود إلى أسفل..!

بقلم : سهل الزواهره

للِقلم جَذبٌ فاتن يُعاكس مصلحة أهل الخطِ و الحظِ حينًا وأحيانًا يُوافقهُ مختصرًا مِداده بِحالِ لِسان أو هوى فؤاد ، أو تختصره فكرة بحقٍ قد تَرفعُ او تخفض أو باطلٍ بذات النتائجِ و المصائر صاعدًا بهِ الى أسفل .

سُقتُ هذهِ المقدمةِ لِقناعة ترسَّخت جَوانِبها على رقعةِ أوطانٍ أصبحَ فيها تكَسُّبُ المناصب رهنًا بِقولٍ او رأيٍ تسير به رُكبان وسائلِ التواصل الإجتماعي زَرافات و وحدانا لِتَفرضه على مسامِعنا المُرهَقة لِتُسَوِّقَ شخصًا أو فكرةً ليغدوا هو أو هي بعد بُرهةٍ قصيرة حقيقة مُلزمة، إما يتناقلها الناس او ذاتًا تَمتطي كرسيًا فُصِّلَ له و فُصِّلَت لهُ، و كأنَّ الأرحام شحَّت أو ضنَّت إلاَّ من أُولئك النَفر العِتاق زُورًا و الذين أصبحوا أدواتًا و طبولًا لاستفزازِ قُلوبِ البُسطاء و أذهانِ العُقلاء .

إنَّ ذلك النهج المُحير و الذي لا يفهمُه إلَّا من يُمارسه أو يجتَرهُ صُبحَ مَساء، لا سبيل لِتَبريره إلَّا في سِياقِ إشعال المُشتعل أو تأزيم المأزوم إمَّا رَغبةً بطامةٍ او رهبةً من مجهولٍ خفيٍ يَسري في جسدِ أوطانٍ استَفيَلت احتضارًا ، فالفيلُ إذا احتضر نأى بِنفسهِ عن القَطيعِ و خلا و حيدًا بِثِقَلهِ متواريًا عن العيونِ ليموتَ وحيدًا بِخيارهِ لا بِخيارِ القطيع الذي لو خُيِّرَ لكانَ لهُ مُلازمًا عليهِ قائمًا حانيًا لعلَّهُ يَنجو أو على الأقلِ يَحظى بِوداعٍ يُهوَّنُ عليه سَكراتٍ و أوجاع، وكذلك الأوطان إذا دَنَت ساعاتها أو حلَّت خَواتيم ما يُحاكُ لها من تذويبٍ سيفقدها عبَقها الفريد و الذي كُلَّما أطلَّ بِرأسهِ كُلّـما اشتدت الرياحُ التي تحمِلُ في أَكُفِّها المَبسوطة أدخنةً عفنةً لِتُسطرَ على غُيومنا العَقيمة عِبارات التَيئيس و التخذيل و التسليم .

من المُحزنِ المَعيب أن يُصبح التعامي عن الحقِ خيارًا و معاكسة نبضِ الناسِ قَرارًا، و ما سارَ مُغمَضُ للعينين إلا سَقط، و من لم يرى الباطلَ فهو إليه أقرب ، و اذا كُوفِىءَ المُحسن المُقِل بِخيرٍ كَثير فتلك رِشوة لباطلٍ سوَّقَهُ أو مَوجة امتَطاها، و إذا عُوقب المُسيء المُقل بِشرٍ عَظيمٍ فذلك ظُلم لإِغلاق أمرٍ قد يجلِبُ خيرًا، و لا خيرَ في أَوطانٌ تَكاثَرَ فيها السُمَناءُ رِشوة و المصلوبون كبتا .

كلُّ تلك التَرقيعات النَشاز لن تعدو طَورَها عن كَونِها أدوات ستُستخدَم ثُمَ تُلقى باليةً مدانةً أو تُركن انتظارا لدورٍ مشبوهٍ جديدٍ على جثثِ أَوطان غدت كمسارح فارغة إلَّا مِن أَراجوزاتٍ دميمةٍ تَتَغَيرُ أَدوارُها و تَتَقلبُ بأيدي مُرتجفة لأجسادٍ تَتَراقصُ على حبالٍ تهتز بأيدي أُخرى فتُحركها و تَتَلاعبُ بِها بإنفصامٍ فاضحٍ عن واقعٍ يُهرول و وقتٍ لن يقف ليلتَفتَ خلفَه منتظرًا اصلاحًا لن يأتي أو حالمًا بِبِساطٍ سحري تتسع خُيوطه المَنسوجة بعبقِ التَّاريخ و الصحراء لِحملُ شُعوبٍ مَلَّت البؤسَ و مَلَّها، فأخضَعَها لِقوانين العَبث و التيه .