وطنا اليوم:يمر غالبية المواطنين بسبب الحجر الصحي المستمر والقيود والشروط المفروضة على حركته وتنقله بسبب وباء الكورونا بأوقات عصيبة ، ليشعر فيها ان الحياة لم يعد لها طعم كما كانت عليه سابقاً فكل شيء مغلق من مقاهي ومطاعم ومحلات وغيرها ، ليشعر انه لم يعد هناك معنى لوجوده خاصة كبار السن ولم يعد هناك هدف للحياة لبقية الاعمار بسبب ارتفاع نسبة البطالة وزدياد الفقر .
وهذا الامر يدمر طاقات الشباب ويفقدون احترامهم لذاتهم خاصة ان لم يستطع الواحد منهم تحقيق ذاته ومكانته المجتمعية وتكوين اسرته ، ويبقى قابعاً على مواقع التواصل الاجتماعي .
هذا النوع من الازمات يسمى بالازمة الوجودية وهي ليست مرضاً او اضطراب نفسي او عقلي ، بل هي حالة من الاحباط تولد احاسيس سلبية بسبب عدم شعور الانسان من وجود هدف محدد يشغله في الحياة ، مما يولد لديه اليأس والاحباط العاطفي ، ليسعى الى شتى انواع التمرد على الوضع خاصة استغلال مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن ذلك الشعور السلبي ، او اللجوء لتشكيل جماعات تعاني من نفس المشكلة ، وسقف هذا التمرد لا حدود له رغم وجود الضوابط والقيود المشددة .
اي يكون هناك تصرفات لمن يعاني من هذه الازمة لا ارادية ، ولا يوجد هناك وصفة طبية لعلالجها الا بتوفير احتياجاتهم ومتطلباتهم الاساسية المعيشية والعملية ، وعلى المسؤولين ادراك هذا النوع من الازمات ( الازمة الوجودية ) لانها حقيقية وهي موجودة لاسباب عديدة ، سواء كان الحجر الصحي والقيود المفروضة على حرية النقل والحركة والعمل والاضرار التي لحقت جراء ذلك ، او بسبب القيود والمساءلة حول اي حرية تعبيرية غير منضبطة لأي شخص يعاني من هذه الازمة ، لأن الشكوك العابرة والمخاوف حول معنى الحياة تتحول الى نوبات قلق واكتئاب وحتى الى ادمان على المخدرات ، وصعوبة التأقلم مع الحياة بسبب تلك المعوقات ، وبسبب عدم وجود توازن نفسي عائلي او مجتمعي وكلها مخاوف وجودية .
وهل يدرك المسؤولون لوجود مثل هذه الازمة ، وما يعاني منه كافة فئات الشعب بسببها من ضغوطات نفسية واحباطات تولد الكآبة باشكالها وانواعها ، وهل يدرك المسؤولون اسباب انجراف كثير من الشباب المنتمي الى قيادته ووطنه الى شخصيات اعلامية معارضة داخلية وخارجية ، لتعبر من خلالها عن سخطهم عن الاوضاع المعيشية التي سببت لهم هذه الازمة .
وهل قامت الوزارات والمؤسسات المعنية بطرح استراتيجياتها لحل العديد من الازمات مثل استراتيجية الفقر والبطالة ، والاستراتيجيات المتعلقة بالشباب والتي سمعوا بها فقط وعلى ارض الواقع لا حياة لمن تنادي ، هل هناك من يبحث عن استغلال الطاقات الشبابية في مشاريع خدماتية وانتاجية واستثمارية .
ونحن ومنذ سنوات لم نشهد سوى التنظير اللغوي عبر شاشات التلفاز وعلى الفضائيات ، واتهام الشباب انه لا يرغب بالعمل فأين فرص العمل تساؤلات كثيرة علينا ان نطرحها على المعنيين للاجابة عليها .
المهندس هاشم نايل المجالي
hashemmajali_56@yahoo.com