وطنا اليوم:يجتمع كبار المسؤولين الصينيين، هذا الأسبوع، لبلورة خطة لتعزيز قوّتهم، وسط سؤالين جوهريين يخيّمان على مستقبل البلاد، وهما: إلى متى سيحكم شي جين بينغ؟ ومن سيخلفه بعد رحيله؟
وقاد “شي” الصين لمدة 13 عاماً، مراكماً نفوذاً لم تشهده البلاد منذ عهد المؤسس ماو تسي تونغ. ووفق تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”، فإن الزعيم الشيوعي لم يُبدِ أي نية للتنحي، مشيرا إلى أن طول بقائه في السلطة قد يُنذر باضطرابات سياسية؛ إذ ليس لديه وريث واضح، ولا جدول زمني لتعيينه.
ومع كل عام يظل فيه في منصبه، تتعمق حالة عدم اليقين بشأن من سيتولى السلطة إذا تدهورت صحة الزعيم الصيني، وما إذا كان الرئيس الجديد سيلتزم بمسار “شي”. كما أن تعيين خليفة له يُخاطر بخلق مركز قوة منافس.
وفي سن الثانية والسبعين، من المُرجّح أن يُضطر “شي” للبحث عن وريث محتمل من بين مسؤولين أصغر سناً بكثير، والذين لا يزال عليهم إثبات جدارتهم وكسب ثقته، مع ضرورة أن يكون الولاء له مطلباً أساسياً لا غنى عنه، وفق “نيويورك تايمز”.
ووفق نيل توماس، الزميل في مركز تحليل الصين التابع لمعهد سياسات جمعية آسيا، فإن “شي” يدرك أهمية الخلافة، لكنه في المقابل يعي أيضاً صعوبة الإعلان عن خليفة له دون تقويض سلطته.
خلف الأبواب المغلقة
تُعدّ التكهنات حول مستقبل “شي” حساسة للغاية وتخضع للرقابة في الصين، وقد لا يكون سوى عدد قليل من المسؤولين مطلعين على أفكاره بشأن هذه القضية.
ويبحث الدبلوماسيون والخبراء والمستثمرون الأجانب عن أدلة من اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الذي استمر أربعة أيام، والذي بدأ يوم الاثنين، وضمّ مئات من كبار المسؤولين.
ومن المتوقع أن يُقرّ الاجتماع، الذي يُعقد عادة خلف أبواب مغلقة في فندق جينغشي المُشيّد خصيصاً للنظام في بكين، خطةً لتنمية الصين على مدى السنوات الخمس المقبلة.
ومن الناحية النظرية، قد يُتيح اجتماع هذا الأسبوع نافذة على الجيل القادم من قادة الصين، إذا اختار “شي” ترقية مسؤولين أصغر سناً إلى مناصب أكثر بروزاً، لكن العديد من المحللين يتوقعون منه تأجيل أي خطوات رئيسية، على الأقل حتى تبدأ ولايته الرابعة، المُرجحة التي تمتد لخمس سنوات، في 2027.
وبحسب جوناثان زين، الباحث في السياسة الصينية في معهد بروكينغز، والذي كتب عن سيناريوهات خلافة شي، فإن هذا الأمر يجب أن يبدأ بالظهور بشكل أكبر، إن لم يكن في ذهنه، ففي أوساط من حوله”.
وأضاف: “حتى لو لم يبدأ المحيطون به بالتنافس على المناصب، فإنهم سيتنافسون نيابة عن رعاياهم”، إذ شهد “شي” بنفسه كيف يمكن لصراعات الخلافة أن تهزّ الحزب الشيوعي، فقد أطاح ماو بوالده، وهو مسؤول رفيع المستوى.
وبصفته مسؤولاً محلياً خلال احتجاجات عام 1989 المؤيدة للديمقراطية، شهد “شي” كيف ساهمت الانقسامات في القمة في دفع الصين نحو الاضطراب، وفي النهاية، أقال دينغ شياو بينغ الأمين العام للحزب، تشاو زيانغ، وعيّن وريثاً جديداً، جيانغ تسه مين.
وبصفته شخصاً يقضي الكثير من الوقت في دراسة دروس الدورات الأسرية في الصين، وتاريخ الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي، فإن شي يعرف أن الخلافة قضية رئيسة يجب أن يفكر فيها، بحسب ما يقول كريستوفر ك. جونسون، رئيس مجموعة استراتيجيات الصين.
في الوقت الحالي، يبدو “شي” مقتنعاً بأن صعود الصين يعتمد على استمراره في قيادتها، فقد تجاوز بحزم نموذج التقاعد المنظم الذي أرساه سلفه، هو جين تاو، وألغى عام 2018 الحد الأقصى للرئاسة بفترتين، مما مكّنه من البقاء في منصبه إلى أجل غير مسمى، كرئيس للحزب والدولة والجيش.
ولكن مع كل عام يظل فيه “شي” في السلطة، يصبح من الصعب العثور على وريث يتمتع بالقدر الكافي من الشباب للحكم لعقود من الزمن، ويتمتع بالقدر الكافي من الخبرة ليتولى السلطة في ظله.