بقلم فادي زواد السمردلي
*المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*
بصفتي مواطنًا عاديًا، أتابع الأخبار يوميًا لأفهم ما يحدث حولي، لا أطلب أكثر من معلومة واضحة، دقيقة، تساعدني على تكوين رأيي وفهم الواقع ولكن في بعض الأحيان، أُفاجئ بأن العنوان الذي شدّني لقراءة خبرٍ ما لا يمتّ بصلة حقيقية لمضمونه كأنني أُدعَى لقراءة شيء مهم أو خطير، ثم أكتشف أن التفاصيل عادية أو حتى مختلفة تمامًا وهذا ليس مجرد فرق في الأسلوب أو التعبير، بل أصبح نمطًا مزعجًا ومتكررًا، يجعلني أتساءل هل الهدف هو توعيتي كمواطن، أم استغلال فضولي فقط؟
العنوان المضلل يترك أثرًا، خاصة في زمن السرعة الذي نعيش فيه، حيث أغلب الناس لا يملكون وقتًا لقراءة التفاصيل فكثيرون يكتفون بالعنوان فقط، يشاركونه، يعلقون عليه، يبنون مواقفهم انطلاقًا مما قرأوه في سطر واحد وهنا تكمن الخطورة حين يُختصر الواقع في عنوان مثير أو مبالغ فيه أو غير دقيق، فإن الصورة التي تصل للناس تكون مشوشة، غير مكتملة، وربما خاطئة تمامًا وهذا لا يخدم إلا التهويل، الفوضى، والمبالغة في ردود الفعل، بدلًا من النقاش الهادئ المبني على المعلومة الصحيحة.
شخصيًا، بدأت أشعر أن بعض وسائل الإعلام لا تراعي ثقة القارئ بقدر ما تركّز على حجم التفاعل. أصبح العنوان وسيلة جذب ، لا مدخلًا لفهم مضمون الخبر وهذا مزعج جدًا، لأنه يعبّر عن قلة احترام لعقل القارئ، وكأننا مجرد أرقام في حسابات النشر والتفاعل، لا بشر يبحثون عن الحقيقة. الأمر لا يحتاج إلى أن نكون صحفيين لنفهم أن الإعلام الصادق يبدأ من عنوان صادق فلا يمكن أن يُبنى الوعي المجتمعي على نصف معلومة أو على عناوين مصاغة بأسلوب تجاري بحت.
أنا لا أطالب بتغيير جذري في الإعلام، ولا أضع الجميع في خانة واحدة، لكن من حقي كمواطن أن أطالب بشيء بسيط وواضح أن يكون العنوان صادقًا، دقيقًا، يعكس المضمون دون تضخيم ولا تهوين فالإعلام الجيد لا يعني أن يكون مملًا، بل أن يكون مسؤولًا. وإذا فقد الإعلام هذه المسؤولية، فالمجتمع كله يدفع الثمن، لأننا سنتناقش دائمًا في ظلال العناوين، لا في عمق الحقائق.
ختامًا، أنا كمواطن لا أبحث عن الإثارة، بل عن الفهم وأتمنى من كل وسيلة إعلامية أن تتذكر ذلك، وأن تكتب لي عنوانًا يحترمني، لا عنوانًا يضللني.