الدكتور محمد الهواوشة يكتب: الضرائب العمياء: هل تحوّل الدولة مواطنيها إلى مستأجرين؟

13 أبريل 2025
الدكتور محمد الهواوشة يكتب: الضرائب العمياء: هل تحوّل الدولة مواطنيها إلى مستأجرين؟

كتب الدكتور محمد الهواوشة :
ردّ على مشروع قانون ضريبة الأبنية والأراضي لعام 2025

في خطوة مستفزة ومرفوضة شعبيا، أقرّت حكومة الدكتور جعفر حسان مشروع قانون ضريبة الأبنية والأراضي لعام 2025، وأحالته إلى مجلس النواب لمناقشته. ما ورد في نص المشروع لم يكن مجرد تعديل على نسب الضريبة، بل كان انقلاباً على مبدأ الملكية الخاصة، وضربا صريحا لاستقرار العائلات الأردنية، في وقت تعصف فيه الأزمات الاقتصادية بالجميع.

الضريبة الجديدة: عدوان على المواطن

بحسب نص المشروع، يتم فرض:

1% من القيمة التقديرية السنوية على الأبنية السكنية

3% على الأبنية غير السكنية

0.04% على الأراضي الصغيرة التي لا تتجاوز 1000 متر مربع

ببساطة، هذا يعني أن المواطن الذي أفنى عمره في بناء منزل بسيط سيُجبر على دفع ضريبة سنوية على “حلمه”!
وأن من ورث قطعة أرض صغيرة في بلدة نائية سيُعامل كما يُعامل من يمتلك دونمات في مناطق استثمارية.

المواطن لم يعد مالكاً… بل مستأجراً لدى الدولة!

إن فرض ضرائب دورية على ملكية المواطن الخاصة، دون خدمات حقيقية أو مقابلة، يعني ببساطة: تأجير الدولة لممتلكات مواطنيها مقابل الإقامة فيها.
هذا يشبه تماما أن تدفع “بدل أجرة سنوية” لتسكن بيتك، أو تحتفظ بأرضك!
هل هذه هي الدولة التي نطمح إليها؟ دولة تُقايض المواطن على مأواه وأمنه واستقراره؟

التكتيك الخبيث: التنفيذ أولاً… والشرعنة لاحقاً!

الصدمة الكبرى أن الحكومة بدأت بتطبيق النسب الجديدة عملياً في بعض البلديات بصمت، بينما تخدع الرأي العام بأنها “مجرد مسودة قابلة للتعديل”.
هذه لعبة مكشوفة ومتكررة:

1. تنفيذ هادئ على الأرض.

2. تهوين إعلامي بأن “القانون لم يُقر بعد”.

3. امتصاص الغضب.

4. تثبيت الواقع قانوناً بعد أن يعتاد عليه المواطن.

هذا الأسلوب هو استهتار بإرادة الشعب، وإهانة للسلطة التشريعية، ومؤشر خطير على أن القرار الاقتصادي يُفرض من الأعلى دون مشاورة أو دراسة أي أثر حقيقي.

الحكومة بلا عدالة… والمجلس تحت الاختبار

أين العدالة في أن تُفرض نفس النسبة على من يسكن حياً شعبياً في الزرقاء، وعلى من يمتلك عقارا فاخرا في عبدون؟
أين العدالة في أن يُعاقب الشاب الذي اشترى قطعة أرض ليبني عليها مستقبلًا؟
أين هي الدولة حين يُطلب من المواطن أن يدفع ضريبة على عقار لا تصل إليه الخدمات، ولا يجد فيه بنية تحتية ولا أماناً معيشيا؟

هذا القانون لا يُصلح اقتصادا… بل يصنع أزمة!

الاقتصاد لا يُبنى على جباية عمياء، ولا على استنزاف الجيوب، ولا على تحميل المواطن كلفة فشل السياسات الاقتصادية المتراكمة.
بل يُبنى من خلال تنمية حقيقية، استثمار عادل، وتشجيع الناس على التملك لا على الهروب من الوطن.

الكرة في ملعب الشعب والنواب معا

إذا مرّ هذا القانون، فليعلم كل أردني أنه سيصبح مستأجرا رسميا عند الدولة، يدفع مقابل بيته وأرضه عاما بعد عام، إلى أن تُصادر ملكيته بالكامل.
إما أن نرفض الآن، أو نعيش مذلولين بسياسة فرض الأمر الواقع.

إلى مجلس النواب:
هذا قانون يُقسّم الوطن بين من يملك القرار ومن يدفع الثمن.
إما أن تكونوا ممثلين حقيقيين للشعب، أو تتحمّلوا وزر المشاركة في تجريده من ملكه وكرامته.
التاريخ لا يرحم، والناس لن تنسى من صوّت على هذا العبء القاتل.

الخلاصة:

هذا القانون ظالم، مرفوض، وغير دستوري من حيث المبدأ.

التنفيذ قبل الإقرار هو استخفاف خطير بالمؤسسات.

ملكية المواطن خط أحمر، وكرامته ليست محل مساومة.

وقف القانون واجب وطني، والمحاسبة قادمة لا محالة.

كفى جباية باسم الإصلاح. كفى تسلطا باسم القانون. كفى استهتارا باسم الدولة