«الحوكمة: الدولة والإدارة العامة ومنظمات المجتمع المدني»..جديد المشاقبة

منذ 4 ساعات
«الحوكمة: الدولة والإدارة العامة ومنظمات المجتمع المدني»..جديد المشاقبة

وطنا اليوم:صدر حديثا كتاب «الحوكمة: الدولة، الإدارة العامة ومنظمات المجتمع المدني»، للأستاذ الدكتور أمين المشاقبة، أستاذ السياسة المقارنة بكلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للعلوم السياسية والدراسات الدولية في الجامعة الأردنية.
وقدم الدكتور المشاقبة للكتاب بأنّ الحكم الرشيد هو حجر الزاوية في المجتمعات عبر التاريخ، حيث قامت الحضارات المختلفة بتطبيق مبادئها لضمان العدالة والشفافية والمساءلة في الهيئات الحاكمة، وقد شدد اليونانيون القدماء على أهمية الديمقراطية وسيادة القانون، ووضع الأساس لأنظمة الحكم الحديثة في أوروبا في العصور الوسطى، كما أنشأت الماجنا كارتا عام 1215 مبدأ الحدود على السلطة الملكية، مما أثر على الحكم الدستوري في جميع أنحاء العالم، وعززت فترة التنوير التركيز على هذا المفهوم، حيث دافع الفلاسفة عن الحقوق الفردية والمبادئ الديمقراطية، وفي القرن العشرين تطور مفهوم الحكم الرشيد ليشمل ليس فقط المؤسسات السياسية، ولكن أيضا الجوانب الاقتصاديه والاجتماعية، مما أدى إلى تطوير معايير ومؤسسات دولية لتعزيز المساءلة والشفافية في ممارسات الحكم على مستوى العالم. وفي نهاية المطاف تظهر النظرة العامة التاريخية للحكم الرشيد التقدم المستمر والتحديات في ضمان الحكم الفعال والأخلاق في المجتمعات على مر الزمن.
وأضاف الدكتور المشاقبة: وفي عالمنا اليوم تلعب العلاقة بين حكم الدولة والإدارة العامة والمجتمع دورا حاسما في تشكيل الطريقة التي تعمل بها مجتمعاتنا وتزدهر، ومن السياسات واللوائح إلى تقديم الخدمات العامة، يمكن أن يكون لشبكة التفاعلات المعقدة بين هذه المكونات الثلاثة تأثير كبير على رفاهية الأفراد والتنمية الشاملة للأمة، ومن هنا نتعمق أكثر في كيفية ومعرفة تشابك هذه العناصر وسبب كونها ضرورية لمجتمع يعمل بشكل جيد. وتشير حالة الحوكمة إلى الهياكل والعمليات التي يتم من خلالها صياغة السياسات العامة وتنفيذها وتقييمها، وهو لا يشمل المؤسسات الرسمية للحكومة فحسب، بل يشمل أيضا الشبكات والعلاقات غير الرسمية التي تؤثر في عملية صنع القرار. وتتميز الدولة التي تتمتع بالحكم الرشيد بالشفافية والمساءلة والقيادة الفاعلة، وكلها أمور حيوية لتعزيز سيادة القانون وضمان تلبية احتياجات المواطنين. وقال الدكتور المشاقبة إنّ الحوكمة العامة هي الآلية التي يتم من خلالها تنفيذ السياسات الحكومية، وهي تنطوي على إدارة الموارد وتنسيقها لتقديم الخدمات العامة بكفاءة وفاعلية، إذ يؤدي المسؤولون العموميون دورا حاسما في ضمان تنفيذ السياسات بطريقة تتفق مع المصلحة العامة وتخصيص الموارد بطريقة عادلة ومنصفة، وبدون نظام إدارة عامة قوي تكون السياسات ذات النوايا الحسنة عاجزة عن تحقيق النتائج المرجوة منها، وللمجتمع الذي يتكون من أفراد ومجموعات ذات اهتمامات ووجهات نظر متنوعة دور حيوي في تشكيل الحكم والإدارة العامة، ويمكن أن تؤثر توقعات المواطنين ومطالبهم وملاحظاتهم في تطوير السياسات وتقديم الخدمات، ويمكن للمجتمع المستنير الواعي والمشارك أن يخضع الحكومة والمسؤولين العموميين للمساءلة عن أفعالهم، مما يؤدي إلى قدر أكبر من الشفافية والاستجابة، ومن ناحيه أخرى يمكن للعوامل المجتمعية، مثل الأعراف والعادات ومنظومة القيم الثقافية والظروف الاقتصادية والتقدم التكنولوجي، أن تؤثر أيضا في كيفية عمل الحكم والإدارة العامة. ويشير الحكم إلى العمليات والمؤسسات التي تنظم القرارات المتعلقة بالمصالح المشتركة، ويضيف الحكم الرشيد صفة معيارية وتقييمية لعملية الحكم، ويشمل المؤسسات العامة التي تتولى إدارة الشؤون العامة وإدارة الموارد وضمان أعمال حقوق الإنسان. ويتضمن الحكم الرشيد احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون والمشاركة الفاعلة والشراكات المتعددة الأطراف والتعددية السياسية والشفافية والمساءلة، وقطاع عام يتصف بالكفاءة والفاعلية والشرعية، والوصول إلى المعارف والمعلومات والتعليم والتمكين السياسي والمساواة والاستدامة، والمواقف والقيم التي تعزز المسؤولية والتضامن والتسامح ويرتبط بالعمليات والنتائج السياسية والمؤسسية الضرورية لتحقيق أهداف التنمية. والاختبار الحقيقي للحكم الرشيد هو التزامه بحقوق الإنسان والعدالة، بما في ذلك الصحة والإسكان والغذاء والتعليم والعدالة الاجتماعية والامن الشخصي..
إن السؤال المهم هو لماذا الحكم الرشيد؟.. ويتجلى الجواب في عدة قضايا أولها مكافحة الفساد. إن الهدف الأساسي في الحكم الرشيد هو مكافحة هذه الآفة التي تدمر اقتصاديات الدول، والفساد بالمعنى العام هو الاعتداء على المال العام الذي هو ملك للجميع، ومن هنا لابد من منع الأيادي الطويلة من الامتداد على هذا المال الذي هو ملكيه عامة أو الفساد في استغلال المناصب العامة، من أجل مصالح خاصة لشخص أو مجموعة إذا هدفها الحكم الرشيد وهو الحفاظ على المال العام، والقضية الثانية هي بناء الإداره الفاعلة وحكم مميز ومرموق هدفه خدمة المواطن وتحقيق مصالحه من أجل قضية تحقيق العدالة الاجتماعيه من حيث توزيع الثروة، وإتاحة الفرص والامتيازات داخل المجتمع، وقيام الأفراد بأدوارهم والحصول على ما يستحقونه من المجتمع، فالقانون ليس قانونا إذا كان ينتهك مبادئ العدالة والإنصاف، فالعدالة هي الوسيلة التي يقطع بها الظلم من جذوره، وكما يقال «فالعدل أساس الملك».
ويهدف هذا الكتاب إلى التعرف على مفهوم الحوكمة والحكم الرشيد وخصائص كلٍّ منهما، ودورهما في حوكمة الدولة، وحوكمة الإدارة العامة، وحوكمة المجتمع المدني، وإبراز أهميتها في تعزيز مجتمع مستقر ومزدهر.
وينقسم الكتاب إلى أربعة فصول، تناول الفصل الأول الحوكمة والحكم الرشيد، وقد بين المدخل المفاهيمي للحوكمة والحكم الرشيد، وشمل تعريف الحوكمة، الحكم، وأنماطه وممارساته، ثم تطرق إلى تعريف مفهوم الحكم الرشيد، الحكم الراشد أو الحوكمة الرشيدة، وتطوّر مفهوم الحكم الرشيد، والحديث عن الفواعل الأساسية لعملية الحوكمة الرشيدة، والأطر البنيوية للحكم الرشيد، وأساسيات بنائه، ومقوماته وسماته ومعايير تقييمه. فقد تناول تأثير الحكم الرشيد على المجتمع السياسي، ووضح دور الحكم الرشيد في التنمية الشاملة المستدامة، وأبرزها تحقيق الرفاه البشري والعدالة الاجتماعية، وتعزيز الحراك الاجتماعي، وأهمية دور المرأة في الحكم الرشيد.
بينما تناول الفصل الثاني حوكمة الدولة، حيث شمل حوكمة الدولة وهيكلها، وتضمن تعريف الدولة والحوكمة، وجوهر حوكمة الدولة، ومفهوم حوكمة الدولة وتطوره، بالإضافة إلى هيكل حوكمة الدولة، وخصائص حوكمة الدولة، والاستراتيجيات لتحويل حوكمة الدولة، وعالج مفهوم دولة الحق والقانون المبنية على مبادئ الحكم الرشيد، وتضمن التعرف على دولة الحق والقانون، ومقومات دولة الحق والقانون، وتكريس مبادئ الحكم الرشيد، نهجًا لقيام دولة الحق والقانون، ومفهوم الحوكمة الفاعل، كونه عاملا لإدامه التنمية المستدامة، وشمل التعرف على الحوكمة على أنها وسيلة لإدامة التنمية الشاملة، وعلى العلاقة بين التنمية المستدامة والحوكمة، وإبراز التحديات أمام التطبيق الفعال لحوكمة الدولة في عدد من الدول، وعالج الحوكمة الرشيدة ومستقبلها في الدولة الأردنية. وتمت الإشارة إلى أبرز التحديات والفرص الكامنة وراء تطبيق حوكمة الدولة.
أما الفصل الثالث، الحوكمه العامة، فتطرق إلى بيان ماهية الحوكمة العامة وآلياتها، حيث تضمن تعريف مفهوم الحوكمة العامة، نطاق الحوكمة العامة، وتعريف مفهوم المؤسسة العامة، والأطر النظرية لحوكمة المؤسسات العامة، والمبادئ التوجيهية لحوكمة المؤسسات العامة، ونظرية التسيير العمومي الجديد، وآليات حكومة المؤسسات العامة، ثم تمت الإشارة إلى الحوكمة العامة، ومفاهيم عامة، الديمقراطية واللامركزية والتنمية، وتضمن التعريف بمعنى الحكم الديمقراطي، العلاقة بين الحوكمة والديمقراطية، الحوكمة والإدارة المحلية، مهام اللامركزية لتدعيم مبادئ الحوكمة والتنمية من أجل تحسين ممارسات الحوكمة العامة، ودور القيادة في الحوكمة العامة.
وخصص الفصل الرابع لمعالجة حوكمة المجتمع المدني، حيث حدد ماهية المجتمع المدني وتنميته، وتضمن تعريفا لمفهوم المجتمع المدني ووظائف منظمات المجتمع المدني، ثم التعرف على تطور مفهوم المجتمع المدني. وعن حوكمة المجتمع المدني، المفهوم والأدوار، مبينًا تعريف حوكمة المجتمع المدني، ودور منظمات المجتمع المدني في عملية الحوكمة، والآثار الإيجابية لحوكمة منظمات المجتمع المدني، ثم التمييز بين الحوكمة الجيدة والحوكمة السيئة، وحوكمة المجتمع المدني، الضمانات والتحديات والآليات، وعن امكانات منظمات المجتمع المدني في إضفاء الطابع الديمقراطي، وبيّن دورها في تحسين الصفات الديمقراطية للحوكمة العالمية، والتعريف بنمط حوكمة الشركات على أنها من أنماط الحكم في المجتمع المدني، ودراسات حالة عن حوكمة المجتمع المدني الناجحة، وتطرق لحالات عديدة.
وجاء الكتاب محاولة جادة للتأصيل النظري والعملي لإبرز المراجعات الأدبية والنقاشات الفكرية والممارسات العملية التطبيقية في مجال الحوكمة، وأصولها وفروعها، وهياكل عملها في حقل الحوكمة والحكم الرشيد، ليسهم في المعرفة العملية والوعي المفاهيمي لطبيعة مفهوم الحكم الرشيد ومضامينه وأساسياته.