الثقة لجعفر حسان تحصيل حاصل في غياب المساءلة الحقيقية

منذ ساعة واحدة
الثقة لجعفر حسان تحصيل حاصل في غياب المساءلة الحقيقية

في النظام السياسي الأردني، من المفترض أن تلعب الثقة التي يمنحها النواب للحكومات دوراً محورياً في ضمان الرقابة والمساءلة. إلا أن الواقع يشير إلى أن هذه الثقة غالباً ما تكون تحصيل حاصل، حيث يتم تعيين رئيس الوزراء من قبل الملك، ويُصبح دور البرلمان شكلياً في كثير من الأحيان. وهذا يخلق فجوة واضحة بين الدور الرقابي المفترض للنواب وبين ما يحدث على أرض الواقع.

الحكومة المعينة وضعف الرقابة
عندما يتم اختيار رئيس الحكومة دون أن يكون للنواب أو الشعب رأي مباشر في هذا القرار، تصبح عملية تشكيل الحكومة بعيدة عن الإرادة الشعبية. وفي كثير من الحالات، تتخذ التعيينات الوزارية منحى يهدف إلى إرضاء النواب أنفسهم عبر تعيين أمنائهم العامين أو شخصيات قريبة منهم في مناصب وزارية. هذا يؤدي إلى تضارب واضح في المصالح ويقلل من قدرة النواب على ممارسة دورهم الرقابي بجدية.

الثقة الشكلية وإهمال مصلحة الشعب
الثقة التي يمنحها النواب للحكومة لا تُبنى على تقييم حقيقي لأداء الحكومة، بل تكون في كثير من الأحيان محكومة بمصالح شخصية أو سياسية ضيقة. إذا كان الهدف من هذه الثقة هو تحقيق الإصلاحات وحماية مصلحة الشعب، فإن هذه الممارسات تضعف من قدرة الحكومة على تحقيق أجندة إصلاحية فعلية، وتضعف من ثقة المواطن في المؤسسات الحكومية.

التضخم الوزاري والمحاباة السياسية
تعاني الحكومة الأردنية من تضخم غير مبرر في عدد الوزراء مقارنة بحجم الدولة واحتياجاتها الفعلية. بدلاً من تعيين الوزراء بناءً على الكفاءة والخبرة في مواجهة التحديات الوطنية، نجد أن بعض التعيينات تهدف إلى ترضية شخصيات سياسية أو أمناء عامين للأحزاب بهدف كسب دعم نوابهم في البرلمان. هذه المحاباة تأتي على حساب الكفاءة، مما يؤدي إلى حكومة تفتقر إلى القدرة على تنفيذ إصلاحات حقيقية.

تضارب المصالح بين النواب والحكومة
من الطبيعي أن نتساءل: كيف يمكن لنائب أن يمارس دوره الرقابي على الحكومة بجدية عندما يكون أمينه العام جزءًا منها؟ هذا التضارب في المصالح يقلل من قدرة النائب على مساءلة الحكومة بشفافية، ويخلق حالة من التواطؤ الضمني بين الطرفين.

الدعوة إلى تغيير جذري
في ظل هذه الأوضاع، أصبح من الضروري إحداث تغيير جذري في طريقة تشكيل الحكومات ومنح الثقة لها. يجب أن تكون عملية اختيار الوزراء قائمة على الكفاءة والخبرة، وليس على المحاباة السياسية. كما يجب أن يدرك النواب أن دورهم يتجاوز مجرد منح الثقة أو سحبها، إلى ممارسة رقابة حقيقية تضمن أن الحكومة تعمل لصالح الشعب وليس لصالح فئات ضيقة.

مسؤولية الشعب والنخب السياسية
الشعب الأردني والنخب السياسية يتحملون مسؤولية كبيرة في الوقوف بوجه هذه السياسات التي تهمش الإصلاح الحقيقي. لا يمكن الاستمرار في تكرار نفس الأخطاء في تشكيل الحكومات، حيث يتم تدوير نفس الشخصيات والأسماء في المناصب الوزارية دون أي تجديد أو تغيير. هذا الوضع يؤدي إلى تعميق الإحباط الشعبي ويزيد من الفجوة بين المواطن والحكومة.

ختاماً
الأردن بحاجة إلى حكومة تتشكل بناءً على الكفاءة والمصلحة العامة، وليس على المحاصصة السياسية أو الترضيات. إذا استمر الوضع الحالي الذي يركز على إرضاء النواب على حساب الكفاءة، فإن الثقة الممنوحة للحكومة ستظل شكلية وستزيد من تآكل ثقة المواطن في مؤسسات الدولة. إن الحاجة ملحة لحكومة تعنى بالإنجاز وتعمل على تحقيق المصلحة العامة، بعيداً عن الحسابات الضيقة التي لا تخدم مصلحة الوطن