برقية عاجلة الى دولة رئيس الوزراء الاكرم…

17 أكتوبر 2020
برقية عاجلة الى دولة رئيس الوزراء الاكرم…

 

بقلم: رامي زياد الخياط

في البداية اقول لك، أعانك الله و وزراؤك على ما أنتم فيه في هذه الظروف الاستثنائية … و علينا ان نعترف ان اي قرار تتخذوه في هذه الاوقات يحتمل الخطأ و الصواب … و ما نحن هنا الا ناصحين لكم، فلكم القبول و الاخذ بما نقول …. او تركه …

دولة الرئيس…

لن اذيع سراً او لن اهرف بما لا اعرف اذا اعلمتك ان حظر يومي الجمعة والسبت لم و لن يخفف او يقضي على الوباء ابداً !!!

لأن مشاهد التزاحم في الاسواق للمواطنين من دون كمامات (والتي تتفاقم قبل ايام الحظر !!!!)، تفاقم انتشار الوباء بشكل مؤسف… كما ان موسم الانتخابات النيابية الحالي و المقار الانتخابية المكتظة في هذه الظروف لا تبشر باعداد منخفضة من المصابين و لن تقود لمحاربة جدية لهذا الوباء …‏

و لكن الاهم فيما وددت ان اقوله لك … هو التفكير و الحديث حالياً ثم نفي هذا الحديث… ثم الحديث مرة اخرى عن امكانية فرض حظر شامل لاسابيع … فهو كمن يطلق رصاصة الرحمة على مريضٍ قد يرجى شفاؤه يوماً … و هنا مسألة اخرى ادعوك لمراقبتها حول تعدد التصريحات من عدة جهات و اطراف في الدولة حول قضايا مصيرية و التي تخلق نوعاً من عدم اليقين بسبب تعدد المرجعيات في التصريحات مما يؤثر سلبياً على الاقتصاد بشكل مباشر !!!!

دولة الرئيس …

مئات المحال اغلقت ابوابها … و مئات الشركات سرحت موظفين و خفضت رواتب آخرين … قطاعات كاملة سقطت بدءاً من السياحة و السفر و الحج و العمرة، و تنظيم الحفلات و المطاعم و تأجير السيارات و التدريب و قطاعا الالبسة و المولات و غيرها و غيرها الكثير ……و انتهاءً بمن يكسبون قوت يومهم (يوماً بيوم) كسائقي التكسي و العمالة من النجارين و المواسرجية و عمال البناء و غيرهم ..

دولة الرئيس ….

نحن في وضع اقتصادي يرثى له بكل ما في الكلمة من معنى … و نحن للاسف في وضع اجتماعي خطير … فالحالة النفسية للشعب سيئة … و مستوى الجريمة في ارتفاع.. لان الناس قد استنفدوا رصيدهم المادي و النفسي في هذا العام …

البطالة المعلنة في الاحصائيات وصلت ٢٥٪؜ واعتقد جازماً انها في الواقع تخطت ٣٠٪؜..!!

النمو الاقتصادي في تراجع مستمر.. فالمعلن هو 7% و الواقع انه اعلى بكثير …..

مديونيتنا في ارتفاع … و المساعدات الخارجية في تراجع مضطرد لاسباب (سياسية) و اقتصادية، لا يتاح الحديث عنها الآن …

قيمة الشيكات المرتجعة خلال ثمانية شهور من هذا العام تخطت المليار و ربع دينار اردني، بقفزة بلغت 25% عن ذات الفترة في العام الماضي، مع الاخذ بعين الاعتبار ان عدد الشيكات المتداولة في هذه العام انخفض مقارنة بالعام الماضي ايضاً ….

دولة الرئيس …

الحديث عن حظر شامل هو ضرب من الانتحار …و سيؤثر على الحكومة مباشرة بشكل لا يقل عن التأثير على الاقتصاد لأن العوائد الضريبية و ضريبة الدخل ستنخفض عندما ينخفض او ينعدم الدخل !!!

ما الحل….

الاغلاق الجزئي لمناطق محددة موبوءة كما كل دول العالم قد يكون حلاً… لكن اغلاق البلد كاملة قد يؤخر مشكلة و لكنه لن يحلها … فهو كمن يخاف على ابنه من عمل حادث في السيارة ، فيمنعه من قيادتها تماماً و لكنه في النهاية سيخرج الى الشارع و سيقود السيارة !!!

و لذلك فان حجر مناطق محددة اذا تخطى عدد الاصابات فيها رقماً معيناً تقرره الجهات المختصة يبقى اخف وطأة من اغلاق البلاد كاملةً …

و الاهم و الاجدى … هو وجوب فرض عقوبات (مالية) و تطبيقها بدون مواربة او تهاون على عدم لبس الكمامات و اتخاذ الاجراءات الاحترازية من المحال… بمعنى آخر، ان يضرب بيد من حديد على كل مواطن لا يرتدي كمامته في مكان عام و ذلك من قبل دوريات راجلة او حتى رجال أمن بلباس مدني و بمبالغ كبيرة و في حال عدم الدفع او عدم (القدرة) على الدفع يتم سجن المخالف … و هنا لا يترك للمواطن حق الشكوى بأنه لا يملك قوت يومه فكيف سيدفع المختلفة.. و الرد عليه سيكون .. التزم حتى لا تدفع الغرامة …

دولة الرئيس …

ان تعتمدوا على وعي المواطن فقط… او تعتمدوا على حظر شامل بين الفينة و الاخرى فهذا سيزيد الطين بلة، وهو تأجيل للمشكلة لا حلٌ لها …

انني لن ارش ملحاً على الجرح اذا قلت ان العام ٢٠٢٠ سيكون جميلاً مقارنةً بالعام القادم … فمن واقع الخبرة و التجربة ، فآثار هذا العام الاقتصادية السيئة تراكمية و لكنها ستتعاظم مع الوقت و ستظهر نتائجها الكارثية في العام القادم ، فغالبية عملاء البنوك هيكلوا او جدولوا مديونياتهم هذا العام و دون محددات من البنك المركزي الذي اعطى البنوك و العملاء هامشاً كبيرا من التحرك في تأجيل ديونهم… لكن علينا ان نعي ان البنوك لن تستمر في هذه الاجراءات الى ما لا نهاية… لانها في النهاية مؤسسات ربحية و تعمل بشكل رئيسي باموال المودعين، ولا بد من سداد هذه التمويلات و القروض من قبل المتعاملين من الافراد و الشركات و الا فانها ستواجه مشاكل اقتصادية ايضاً !!!! فالبنوك حصن منيع و لكنها لا يجب ان تتحمل ما لا طاقة لها بها ، و لا يجوز ان يحل الجهاز المصرفي محل الدولة لانه قد تضرر من كورونا ايضا وواهم من يظن غير ذلك ..!!!

للمرة الالف…. و على الرغم من الارقام المرتفعة و الوفيات جراء هذا الوباء اللعين .. فإن كورونا الاقتصادي اقصى من كورونا الصحي، و الحكومة لا تملك مليارات الدنانير لتصخهم في الاقتصاد كما تفعل معظم دول العالم … و جسمنا الاقتصادي هزيل في الاصل ووزنه بضع كيلو غرامات.. و لا يحتمل اي (رجيم) او امتناع عن الاكل… لانه سيموت !!!!

دولة الرئيس …

قد قيل يوماً… من امن العقاب اساء الادب …. و اليوم اصبحت هذه المقولة… من أمن العقاب و اساء الادب … و ارتكب ايضاً (جريمة قتل) مع سبق الاصرار والترصد في حق الشعب …

دولة الرئيس..

غلطوا عقوباتكم على المتهاونين من الشعب و المؤسسات و المحلات …

و لكن لا تغلقوا البلاد مرة اخرى…. لا ليومين و لا لأسابيع …

فمن لم يمت بكورونا…. مات بفقره !!!!

و الله من وراء القصد..

حمى الله الاردن و قيادته و شعبه من كل مكروه ..