وطنا اليوم:أجرت صحيفة صنداي تايمز مقابلة مع عرب البرغوثي نجل الأسير السياسي الفلسطيني البارز، مروان البرغوثي، الذي تعتقله إسرائيل، تحدث فيها عن مخاوف عائلته من أن يغتاله الإسرائيليون.
وقالت كريستينا لامب إنها أجرت اللقاء مع عرب في رام الله بالضفة الغربية المحتلة، التي ظلت تعيش أجواء متوترة منذ اعتقال والده في عام 2002 إبان الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
وذكرت أن اللقاء جرى بينما كان المستوطنون اليهود يصعِّدون من أعمال العنف في جميع أنحاء الضفة الغربية. وتشن القوات الإسرائيلية مداهمات وغارات جوية في أكبر عملية هناك منذ 20 عاما.
الأمل
وتحدث عرب (33 عاما) للصحيفة قائلا إن والده “لا يزال هو من يمنح الأمل”، واصفا القوة العظيمة التي يتمتع بها أبوه بأنها تكمن في قدرته على توحيد الشعب الفلسطيني، “فهو شخصية جامعة، ونحن تواقون للوحدة. لقد كان الانقسام ضارا للغاية”.
ويضيف عرب مستشهدا بالمقارنات التي أجريت مع نيلسون مانديلا: “يريد الغرب تلميع سمعة مانديلا باعتباره رجلا مسالما وكان هدفه السلام لكنه كان على استعداد للذهاب إلى النضال المسلح من أجل الحصول على حقوق الشعب الجنوب أفريقي ووالدي ليس مختلفا”.
ووصف عرب ما يجري في الضفة بأنه “أسوأ وضع”، قائلا “يريدون أن يقلصوا من أعدادنا، وأن نعيش كأقليات في أحياء فقيرة، وأن نشعر بأننا بلا وطن وأن يخيفونا”.
وتابع: “الحكومة الإسرائيلية تستغل انشغال (العالم) بالإبادة الجماعية في غزة لتفعل ما يحلو لها في الضفة الغربية”.
مانديلا فلسطين
ووصفت كريستينا لامب البرغوثي بأنه السياسي الأكثر شعبية بين الفلسطينيين الذين يعتبرونه نيلسون مانديلا الفلسطيني حيث يتصدر قائمة الأسرى الذين يمكن الإفراج عنهم مقابل نحو 108 أسرى إسرائيليين في قطاع غزة، وذلك في إطار مفاوضات لأجل التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النار.
وقد شجعت دول غربية إدراج البرغوثي في أي تبادل محتمل للأسرى، إذ ترى فيه الفلسطيني الوحيد القادر على توحيد الفصائل الفلسطينية والمساعدة على حل “الأزمة” الراهنة التي تكتنف الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي -لم تذكر اسمه- وصفه البرغوثي بأنه “أهم سجين سياسي في العالم حاليا”.
وأضافت، نقلا عن دكتوره جولي نورمان أستاذة السياسة والعلاقات الدولية في جامعة لندن ومؤلفة كتاب عن الأسرى الفلسطينيين، توقعها بأن يشكل إطلاق سراحه نقطة تحول في السياسة والقومية الفلسطينية.
تعذيب
ومثل الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا، فقد أمضى البرغوثي حتى الآن نحو 22 عاما في السجون الإسرائيلية.
ونقلت الصحيفة عن جمعية تعنى بشؤون الأسرى الفلسطينيين، أن 600 شخص استُشهدوا في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول واعتُقل 9 آلاف آخرون، وهو ما اعتبرته صنداي تايمز أكبر عدد في 15 عاما.
وقال عرب إن من هم قيد الاحتجاز الآن، مثل البرغوثي، كما هو الحال في سجن مجيدو سيئ السمعة، يعاملون أسوأ المعاملة.
وأعرب عن اعتقاده بأن ما يحدث للأسرى يمر دون أن يلاحظه أحد، مضيفا: “لم أر قط سلطات السجون الإسرائيلية تتصرف بهذا القدر من الجنون أو تظهر مثل هذا القدر من اللا إنسانية”.
قتل أسرى
وأردف قائلا إن العديد ممن يُفرج عنهم من الأسرى الفلسطينيين لا يمكن التعرف عليهم إلا بصعوبة بالغة لأنهم فقدوا الكثير من الوزن وهناك حوالي 55 إلى 60 حالة موثقة لقتل السجناء منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وتابع “كنا قلقين للغاية من أنهم سيقتلون والدي”.
وأوضح أن مدير السجن دخل على البرغوثي بعد يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول وأمره بوضع يديه خلف ظهره حتى يبدو مستسلما أمام رفاقه المساجين الآخرين.
ونقل عن مدير السجن مخاطبا السجناء “طالما أنني جعلت قائدكم مستسلما بهذا الشكل، فيمكنني أن أجعلكم جميعا تستسلمون”. لكن عرب قال إن والده رفض وضع يده خلف ظهره “لذلك أجبروه وخلعوا كتفه”.
وكشف الابن أن الحراس الإسرائيليين ظلوا ينقلون والده بين 4 أو 5 سجون، وأخضعوه للتعذيب بتوجيه أضواء ساطعة نحو وجهه في زنزانته، ووضعوا مكبرات الصوت عند الباب لجعله يسمع النشيد الوطني الإسرائيلي بصوت عال لساعات طويلة حتى لا يستطيع أن يخلد إلى النوم.
ومضى عرب في كشفه عن ظروف اعتقال والده، وقال: “في مطلع مارس/آذار، هاجمه حراس السجن وأوسعوه ضربا على وجهه وكتفه”، معربا عن اعتقاده بأن تدخل دول غربية فقط هو الذي أنقذ حياة والده.
وفي ذلك يقول: “نحن ممتنون للغاية لأن العديد من الحكومات تدخلت وفرضت ضغوطا دولية على الإسرائيليين، وخاصة الحكومتين الفرنسية والأميركية، لأنها تدرك مدى أهميته في الضفة الغربية”.
مصير مجهول
ولفت إلى أن تلك الحكومات تعتقد أن “والدي يمثل الحل”. وفي معرض تعليقه على تصدر مروان البرغوثي استطلاعات الرأي، قال عرب “ليس سرا أنه الزعيم الأكثر شعبية في فلسطين وهذا يحدث لسبب، فهو سياسي منفتح الذهن لا يشوبه فساد ويريد السلام والازدهار، ولكن ليس على حساب الشعب الفلسطيني”.
ولكن ما يزال الابن قلقا على سلامة والده، “فهو ليس في صحة جيدة، إذ فقد بعض الوزن بسبب عدم توفر الطعام، ولم يتلق أي علاج لجروحه”.
ووفقا لصحيفة صنداي تايمز، فإن آخر مرة رأى فيها عرب ووالدته فدوى، مروان البرغوثي كانت قبل عامين. وحتى عندما يرونه، فإن تلك لفرصة لا تستمر سوى لبضع دقائق.
وعلى الرغم من أن عرب لم يُعتقل قط -كما تؤكد الصحيفة البريطانية- فإنه يخشى الآن من اعتقاله في أي وقت.
وعندما سألته مراسلة الصحيفة عما إذا كان من الممكن أن تندلع انتفاضة ثالثة كما يتوقع البعض، بدا رزينا. وقال: “أتذكر دائما كلمات والدي في المحكمة، حين قال أنا رجل مسالم ولكن يتعين على الإسرائيليين أن يفهموا أنه لن يكون هناك سلام أو أمن للشعب الإسرائيلي طالما كان هناك احتلال غير قانوني لأرضنا”.
وتوقع عرب أنه إذا أُطلق سراح والده، فسوف يترشح ليحل محل محمود عباس في رئاسة السلطة الفلسطينية. وقال: “نحن واثقون تماما من أنه سيُفرج عنه، فقد حان أوان ذلك. ونحن ننتظر اليوم الذي سيرى فيه أحفاده الستة الذين لم يلتق بهم من قبل”.