النظام السوري يفرض قيوداً على دخول الأجانب إلى المسجد الأموي

20 يونيو 2024
النظام السوري يفرض قيوداً على دخول الأجانب إلى المسجد الأموي

وطنا اليوم:قالت مصادر من دمشق ، إن النظام السوري مستمر بتقييد زيارة الأجانب للمسجد الأموي، بقرار من مكتب الأمن الوطني، منذ أواخر مايو/أيار 2024، كاشفة عن تفاصيل متعلقة بمحظورات جديدة داخله، بينها منع إقامة الزوار الإيرانيين شعائر دينية فيه.
بدأ الأمر بقرار يفيد بضرورة الحصول على تصريحات وموافقات أمنية للمجموعات السياحية الأجنبية قبل زيارة المسجد الأموي بدمشق، والمناطق المحيطة بالجامع، ما أثار تساؤلات عن السبب، ومَن المستهدفون منه.
جاء القرار متعارضاً مع قرار سابق لحكومة النظام السوري أصدرته بداية العام الجاري 2024، بتسهيل إجراءات الحصول على تأشيرات سياحية للزوار الأجانب، خاصة العراقيين والإيرانين، الراغبين في زيارة دمشق والمزارات الشيعية بالمدينة.

محظورات دخول المسجد الأموي
بحسب مصدرين سوريين مقربين من النظام السوري، فإن مكتب الأمن الوطني تدخل لحل الجدل الذي أثير بشكل واسع مؤخراً بسبب الشعائر الدينية التي يقيمها الزوار الشيعة عند المسجد الأموي، وتثير حفيظة العائلات السنية المقيمة هناك.
لذلك أصدر قراراً بضرورة الحصول على موافقات أمنية للوفود السياحية التي تريد زيارة دمشق والجامع الأموي، لتقليل حجم الوفود الشيعية، وفق قولهما.
تفاصيل أخرى ذكرها المصدران، عن محظورات دخول المسجد الأموي الواردة في القرار، مثل “منع إقامة أي شعائر دينية في المنطقة المحيطة بالجامع الأموي، ومنع رفع الأعلام واللافتات، أو استخدام الأغاني الدينية الخاصة بالطائفة الشيعية، أو استخدام مكبرات الصوت، ووصل الأمر إلى منع استخدام الهاتف المحمول والكاميرات داخل الجامع الأموي”.
تعليقاً على هذا القرار، قالت مصادر سورية أخرى مقربة من الحكومة، مفضلة عدم الكشف عن هويتها، إن “المقصود من القرار هم الزوار الإيرانيون والعراقيون”.
سبب آخر بحسب المصدر، هو “منع تواجد عناصر حزب الله اللبناني المسلحة في المنطقة، خاصة بعد أن أثاروا الاستياء بين السوريين، بظهورهم بأسلحتهم في الجامع الأموي، بذريعة تأمين الوفود الشيعية اللبنانية والإيرانية”.
أضافت أن “الأمن الوطني السوري قام بزيادة عناصره الأمنية في محيط الجامع الأموي، ونشر شرطة سرية في المنطقة بأكملها، لضمان منع أي وفد من الزائرين الشيعة من مخالفة القرار”.
في السياق ذاته، قال قيادي في كتائب حزب الله العراقية كان متواجداً في سوريا لسنوات عدة، ، مفضلاً عدم ذكر اسمه، إن “بشار الأسد يهدف إلى تقليص تواجد محور المقاومة في سوريا”.
تابع بأن “الحكومة السورية تقول إن الزوار الشيعة رفعوا شعارات طائفية ضد السكان السوريين السنة، وهذا لم يحدث، بل إنها حجج كاذبة لمنع الشيعة من زيارة سوريا، فالسبب الحقيقي هو الرسالة التي يريد بشار الأسد إرسالها إلى دول الخليج، بأنه يتخلى عن أصدقائه من أجل أموالها”، وفق قوله.

استياء عائلات سنية سورية مقربة من النظام
لكن مصادر سورية أخرى أكدت “وجود استياء لدى عائلات سنية سورية مقربة من نظام بشار الأسد، بسبب تصرفات الزوار الشيعة الأجانب لهذه المنطقة”.
يقول المصدران السوريان المقربان من النظام السوري -سابقا الذكر- إنه “منذ فترة، تحاول العائلات السورية السنية والمقربة من الحكومة، نقل شكواها إلى بشار الأسد، بسبب تصرفات الزوار الشيعة من الإيرانيين والعراقيين وعناصر حزب الله، إذ وصل الاستياء إلى تداول المواطنين بعض المقاطع المصورة لفعاليات الزوار الشيعة في الجامع الأموي، ومحيطه، معبرين عن غضبهم”.
مصدر سياسي سوري مقرب من النظام، قال، إنه “بعد أن قامت الحكومة السورية بتسهيل إجراءات الحصول على تأشيرات دخول سوريا للعراقيين بالتحديد، زادت الممارسات الشيعية في المنطقة المحيطة بالجامع الأموي، وزادت أعداد الزوار الشيعة العراقيين، واحتكاكهم بالمواطنين السوريين، ما زاد من استيائهم”.
يؤكد المتحدث ذاته أن “المسألة أصبحت كارثية في بعض الأحيان بالنسبة للعائلات المقيمة هناك، خاصة وقت المناسبات الدينية الشيعية، ما زاد من قلق الحكومة السورية من عدم قدرتها على السيطرة على استياء المواطنين السوريين من الطائفة السنية”.

تضييق كبير على الزوار الإيرانيين
أحد مكاتب السفريات المختصة بالرحلات الدينية في العاصمة الإيرانية طهران، رد صاحبها ويدعى “أمير مهرداد” أنه “في العامين الماضيين، كانت الرحلات الدينية إلى سوريا في قمة ازدهارها، وكان من الممكن في الشهر الواحد أن يُسير المكتب أكثر من 5 رحلات، قبل القرار السوري الأخير”.
أضاف مهرداد: “بعد قرار الأمن الوطني السوري، قدمنا 3 مرات للحصول على الموافقات والتصاريح الأمنية اللازمة لزيارة الجامع الأموي دمشق، وجاءت الموافقة على رحلة واحدة فقط، مع الكثير من التعليمات المشددة على عدم اصطحاب الأعلام الشيعية أو مكبرات الصوت، وما إلى ذلك”.
معلقاً على ذلك، قال مسؤول إيراني يعمل في قطاع السياحة، ، إن “القرار السوري بضرورة الحصول على الموافقة الأمنية للوفود السياحية قرار مفاجئ لنا، لم نجد له أي تفسير حقيقي، خاصة أن الحكومة السورية سابقاً كانت قد طلبت من الحكومة الإيرانية العمل معاً على تنشيط السياحة الدينية بين البلدين، لدعم الاقتصاد السوري”.
ولفت إلى تحدث المسؤولين الإيرانيين مع نظرائهم السوريين لمعرفة سبب القرار، لكن “لم يجِبنا أحد بإجابة مقنعة، فقد قالوا إن الأمر مؤقت، ولن يكون هناك تضييق على الزوار الإيرانيين، وإن المقصود جنسيات أخرى، لأنها أظهرت بعض التصرفات غير اللائقة في الآونة الأخيرة”، مضيفاً: “لكن ما نجده أن التضييق على الإيرانيين أيضاً”.

ماذا عن الزوار العراقيين؟
غسان حيدر الذي يعمل في إحدى الشركات السياحية قال، إن “القرار السوري غريب، فنحن نجد صعوبة في الحصول على الموافقات الأمنية، وحتى إن نجحنا في الحصول عليها، فنجد الكثير من الإجراءات التعجيزية”.
من الإجراءات التي وصفها بالتعجيزية “تقليل عدد الوفد في الرحلة الواحدة، ومنع الوفد من دخول الجامع الأموي، والاكتفاء فقط بزيارة الأماكن المحيطة به”.
أشار حيدر إلى أنه “في العام الماضي 2023، قامت الحكومة السورية بإجراء تسهيلات كبيرة للزوار الشيعة العراقيين، وخففت إجراءات الحصول على التأشيرات عبر الإنترنت، وخفض رسوم تأشيرة الإقامة لشهر واحد من حوالي 90 دولاراً إلى 50 دولاراً، وفي الواقع زادت رحلات الزيارات الشيعية العراقية إلى سوريا بشكل كبير قبل القرار الأخير”.
وقال إن “بعض المسؤولين في الحكومة السورية أخبروا أصحاب شركات السفريات في العراق أن الأمر سيكون مؤقتاً، لفترة من الوقت، وستعود الأمور إلى ما كانت عليه”.
عند رجوعنا إلى المصادر السورية حول ما ذكره حيدر، رفضت التعليق.
أما المسؤول الإيراني في قطاع السياحة، فقال عن محظورات دخول المسجد الأموي : “لا نعتقد أن الأمر سيكون مؤقتاً، فقد منعوا حتى الشخصيات الدبلوماسية ورجال الدين الإيرانيين من دخول الجامع الأموي، إلا بعد الحصول على الموافقة الأمنية، وحتى الصحفيين الإيرانيين تم منعهم قبل الحصول على موافقة أمنية وتصريحات”.
يشار إلى أن الإجراءات الجديدة للنظام السوري التي تشمل الزوار الإيرانيين، تأتي في ظل تزايد التوترات بينه وبين إيران، على خلفية مواقفهما المتباينة من الحرب على غزة وتداعياتها، لا سيما بعد استهداف الاحتلال مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من أبريل/نيسان 2024.
ورصد تقرير سابق ، تفاصيل عن التوترات بين النظام السوري وإيران، وحديث طهران عن “ملف جواسيس دمشق” لصالح الاحتلال الإسرائيلي.