وطنا اليوم:يواجه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أزمة حقيقية على أكثر من صعيد، فاحتمال صدور مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة الجنائية الدولية يسبب له “توتراً غير طبيعي”، فيما تدفع معارضة الوزيرين إيتمار بن غفير وبيتسلئيل سموتريتش، نتنياهو إلى تعطيل فرصة إتمام صفقة تبادل تلوح بالأفق.
ومنذ الجمعة، يزور وفد أمني مصري تل أبيب، حاملاً “مقترحاً يتناول تنازلات تقدمها تل أبيب لأول مرة، بحسب ما قال موقع “واللا” الإسرائيلي، تشمل وقف إطلاق النار لمدة عام، والانسحاب من المحور الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه، وهو ما ترى فيه واشنطن زخماً كبيراً لإتمام صفقة تبادل ووقف إطلاق نار في غزة.
وفيما أثيرت تساؤلات حول المرونة الكبيرة في الموقف الإسرائيلي تجاه قضية صفقة تبادل الأسرى خلال زيارة الوفد المصري، قالت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية إن خوف نتنياهو من قرارات محكمة الجنايات الدولية هو السبب في ذلك.
الخوف من مذكرة اعتقال
صحيفة “معاريف” نقلت عن مصادر مطلعة، لم تسمها، قولها إنّ نتنياهو “خائف ومتوتر بشكل غير طبيعي”، جراء احتمال صدور مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ نتنياهو أجرى خلال الأيام الماضية، عدداً مكثفاً من المكالمات الهاتفية مع زعماء ومسؤولين دوليين في محاولة للضغط لمنع صدور مذكرة اعتقال بحقه، وخاصة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وأشارت المصادر إلى أنّ نتنياهو يحاول بشكل غير مباشر الضغط على الرئيس بايدن، للتحرك ضد إصدار المذكرة.
المصادر أكدت أن “نتنياهو يدرك أن مذكرة الاعتقال الدولية يمكن أن تجعله شخصاً مضطهداً، لذا فهو يستثمر في جهود إحباطها يومياً”.
والأربعاء، تداول إعلام عبري تقارير تفيد باحتمالية إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال دولية بحق نتنياهو، ووزير الجيش يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي، على خلفية جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة.
تهديد بن غفير وسموتريتش
على الطرف الآخر، قال مسؤول في الحكومة الإسرائيلية، إنّ معارضة الوزيرين إيتمار بن غفير وبيتسلئيل سموتريتش تدفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى إبطال إمكانية التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى مع الفصائل الفلسطينية في غزة.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت” عبر موقعها الإلكتروني عن مسؤول وصفته بـ”الكبير” في الحكومة الإسرائيلية قوله إن “معارضة بن غفير وسموتريش تدفع نتنياهو إلى إبطال إمكانية التوصل إلى صفقة”.
وأضاف المسؤول المطلع على تفاصيل مفاوضات صفقة التبادل، وفق الصحيفة، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “يمثل الأقلية ضد المسؤولين في الحكومة ورؤساء الأجهزة الأمنية الذين يؤيد معظمهم إبرام الصفقة”.
وفي وقت سابق السبت، قالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، إنّ وزيري الأمن القومي والمالية الإسرائيليين، “هددا بالانسحاب من الحكومة في حال عدم اجتياح مدينة رفح جنوبي قطاع غزة”.
وفي الأشهر الأخيرة، أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن بن غفير وسموتريتش منعا نتنياهو من التوصل إلى اتفاق مع حماس، وذلك تحت تهديد الانسحاب من الحكومة.
وفي حال انسحاب الحزبين، حزب “القوة اليهودية” وحزب “الصهيونية الدينية”، اللذين يتزعمهما بن غفير وسموتريتش، فإن الحكومة الائتلافية الحالية القائمة منذ ديسمبر/كانون الأول 2022 ستسقط.
ضغط شعبي
في هذه الأثناء، تظاهر مئات آلاف المحتجين، السبت، في أنحاء المدن الإسرائيلية للمطالبة بالإفراج عن الأسرى المحتجزين في غزة، وإجراء انتخابات مبكرة.
وقالت هيئة البث العبرية الرسمية، إنّ عشرات آلاف الإسرائيليين تجمعوا في ساحة كابلان وسط تل أبيب للتظاهر، مطالبين بإبرام صفقة تبادل أسرى مع الفصائل الفلسطينية بغزة، وإجراء انتخابات مبكرة.
ووفق صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، نشبت بعض الاحتكاكات بين الشرطة والمتظاهرين في ساحة كابلان.
كما تظاهر آلاف آخرون في شارع “بيغن” أمام وزارة الدفاع في مدينة تل أبيب.
وشارك أهالي الأسرى المحتجزين بغزة في التظاهرات في ساحة كابلان وأمام وزارة الجيش، وألقوا عدة كلمات أمام المتظاهرين وفق الهيئة.
كما تظاهر آلاف الإسرائيليين أمام منزل الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، في مدينة القدس المحتلة، وطالبوا بإعادة المحتجزين بغزة وإجراء انتخابات مبكرة وفق صحيفة “يديعوت أحرنوت”.
كما تظاهر آلاف آخرون أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مدينة قيسارية (شمال)، وآلاف آخرين في مدينة حيفا (شمال).
وتزداد وتيرة التظاهرات في إسرائيل، بعد ساعات من عرض كتائب القسام مقطع فيديو يظهر فيه أسيران إسرائيليان يطالبان حكومة نتنياهو بالإفراج عنهما، ويقولان إنهما يعيشان أوضاعاً صعبة تحت القصف الإسرائيلي.
وخلال المقطع قالت الكتائب في جمل مكتوبة: “الضغط العسكري الذي تمارسه إسرائيل تسبب بمقتل عشرات الأسرى في غزة، وحرم البقية من الاحتفال بعيد الفصح (اليهودي الذي بدأ الثلاثاء ويستمر أسبوعاً) مع أسرهم (دون توضيح عددهم)”.
وفي تعليقها على المقطع، قالت عائلات أسرى إسرائيليين في بيان: “على إسرائيل أن تختار: (اجتياح) رفح أو صفقة (مع حماس)”، وفق صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية.
ودعت العائلات، أعضاء الحكومة إلى الإفراج عن الأسرى المحتجزين في غزة حتى لو كان الثمن إنهاء الحرب.
والأربعاء، نشرت كتائب القسام فيديو لأسير إسرائيلي آخر وجه خلاله انتقاداً لاذعاً لنتنياهو وحكومته، وتسبب نشره كذلك في إثارة احتجاجات واسعة في تل أبيب كما هوجم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بشكل شخصي بعد ساعات من نشر الفيديو.
المقترح الجديد لصفقة التبادل
وفي وقت سابق السبت، أعلنت حركة حماس، تسلمها رد إسرائيل الرسمي على موقف الحركة حول صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار والذي سلمته للوسيطين مصر وقطر في 13 أبريل/نيسان، مشيرة إلى أنها حال الانتهاء من دراسته ستسلم ردها (للوسطاء).
وأظهر الاقتراح المصري الجديد الذي يتم تداوله في تل أبيب حالياً تنازلاتٍ كبيرة من جانب الاحتلال، بما في ذلك لأول مرة “استعداد ضمني” لمناقشة إنهاء الحرب، فيما هدد الوزيران “بن غفير” وسموتريتش بالانسحاب من الحكومة إن تم تأجيل اجتياح مدينة رفح.
بحسب ما نقل موقع “واللا” الإخباري الإسرائيلي عن مسؤول في تل أبيب فإن المقترح الجديد تمت صياغته بين الوفد المصري ومسؤولين إسرائيليين، وتم فيه الأخذ بعين الاعتبار رد حماس ومطالبها.
بحسب المسؤول الإسرائيلي، فإن هذه هي المرة الأولى التي تعرب فيها تل أبيب عن استعداد ضمني لمناقشة إنهاء الحرب في غزة في المراحل المقبلة من المفاوضات.
وقال المسؤول الإسرائيلي: “نأمل أن يكون ما اقترحناه كافياً لإدخال حماس في مفاوضات جدية، ولتعلم أننا جادون في التوصل إلى اتفاق – إذا تم تنفيذ المرحلة الأولى، سيكون من الممكن التقدم إلى المراحل التالية والوصول إلى نهاية الحرب”.
ويتضمن الاقتراح الجديد الاستجابة لمطالب حماس الأساسية، مثل الاستعداد لإعادة النازحين الفلسطينيين إلى منازلهم بالكامل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الممر الذي يعبر القطاع، والاستعداد للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وذلك في إطار تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاقية.
ومنذ أشهر، تقود مصر وقطر والولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة حماس، غير أنها لم تسفر عن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل للأسرى والمحتجزين بين الطرفين.
وتقدر تل أبيب وجود نحو 134 أسيراً إسرائيلياً في غزة، فيما أعلنت حماس مقتل 70 منهم في غارات عشوائية نفذتها إسرائيل التي تحتجز في سجونها ما لا يقل عن 9 آلاف و100 أسير فلسطيني، زادت أوضاعهم سوءاً منذ أن بدأت حربها على غزة، وفق منظمات فلسطينية معنية بالأسرى.
وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حرباً على غزة، خلّفت أكثر من 112 ألف قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة ودماراً هائلاً، حسب بيانات فلسطينية وأممية.