بقلم: د. ذوقان عبيدات
الأزمة الأُخرى وليست الأخيرة، ما حدث في أمّ الجامعات؛ ولاحظوا استخدام التوصيف “أمّ الجامعات”!! وكأن ما يسمحون به في أخوات الجامعة الأردنية الحكومية، وبنات خالتها الجامعات الأهلية لا يسمحون به في أمّ الجامعات!
وللحديث ” في الأزمة”، وليس عنها يتطلب توجيه الأسئلة الآتية:
– هل الأزمة في المساق الجامعي؟
– هل الأزمة في الامتحان الجامعي؟
– أم الأزمة لا في هذه، ولا تلك!!
إذا أمكن تحديد الأزمة، أمكن مواجهتها، وحلها، أما إذا أخطأنا التوصيف، فإن مواجهتها ستكون خاطئة!
(01)
مسلّمات أساسية
المسلّمة الأولى؛ الجامعة مكان تربوي واجتماعي ، ومُهمة الجامعة هي مساعدة الطلبة على بناء مواقف إيجابية من المشكلات التي تواجههم، وفي جوّ من الحرية الأكاديمية، ولا يجوز الانتقاص من هذا الدور.
– المسلّمة الثانية؛ وهي الأكثر أهمية، أن أي عملية تربوية، يجب أن تتم في احترام كامل لقيم المجتمع، وأن أي تجاوز، أو انتقاص قد يؤدي إلى نتائج عكسية. فالمجتمع هو سقف الإصلاح، وسقف الحوار، وسقف التربية، ولا يجوز لأي عمل أن يكون على حساب المجتمع.
– والمسلّمة الثالثة، وهي أن مواجهة الأزمة تتطلب هدوءًا يمكّن المسؤولين من البحث عن الحلول، وأنّ أي حلٍّ يُتَّخذ تحت ضغط مجتمعي، قد لا يكون عادلًا أو تربويّا.
(02)
ما المشكلة التي أحدثت الأزمة؟
تحدث الأزمات فجأة، وصحيحٌ أن لها مقدمات ومؤشرات، ولكنها تنبثق فجأة، وتربك الجميع، خاصة إذا وجدت من يغذيها!
وأزمتنا الحالية هي أزمة أخرى، وليست أخيرة في سلسلة أزمات متواصلة، مثل كلمة في فيلم، أو عبارة في رواية، أو مقالة لكاتب، أو تغريدة لباحثة، أو حتى تمثال في مدينة! تتوالى الأزمات، وهي كلها أحادية المصدر والاتجاه ، مع أنها جميعها تلتهب باسم حماية المجتمع” النقي جدّا” من أي شائبة!
عودة إلى الأزمة الحالية حسب توصيفها:
هل هي أزمة موضوعات لا يجوز تدريسها في الجامعة؟ الجواب بالطبع يرتبط بالمسلّمات الثلاث السابقة؛ وفي ذلك، فإن مناقشة الموضوع يحتمل أمرين :
الترويج له كما فهمه أنصار الأزمة، أو مناقشته لأجل حماية الطلبة من أضراره، وأخطاره كما فهمه طرف آخر؟؟
للإجابة عن هذا السؤال، وفي ظل الهجمة عالية الموج، تتطلب دراسة متأنية من دون ضغوط، قد تشمل تحديد الأضرار، أو الأرباح، ومعرفة كم طالبًا انحرف، وكم طالبًا اكتسب وعيًا!
وهذا ما نأمل جميعًا الوصول إلى كل الحقائق!
مع مراعاة أن أحداث فلسطين، وآثار الجرائم الصهيونية قد تضاءلت، وتنَحّتْ إزاء أزمة الامتحان! فما هذه الأزمة؟
(03)
وما أدراك ما الامتحان!
ليس سرّا أن ثقافتنا الامتحانية ضعيفة، وليس سرّا أن إعداد امتحان يتطلب مهارات لم يعدّ أساتذة الجامعات له!!. ولذلك يقدّمون امتحان: “اكتب ما تعرف”! أو مَن يسمو بينهم يعدّ امتحان: “خيار من متعدد”!
وللأمانة العلمية والتربوية، فإن ما نُشِر من أسئلة متّهمة ليس أمرًا مشرّفًا، فالأسئلة المنشورة كلها خاطئة، بل معابة تربويّا؛ وذلك بسبب:
أنها أسئلة تقيس آراء واتجاهات، وليس معلومات!! وبالتالي فإن أي طالب يجب أن لا يعاقَب، أو يكافَأ بسبب رأي أبداه! وإلّا ناقض التدريسُ نفسَه، وحجرت الجامعة على الآراء بدلًا من إطلاقها!
ولذلك، فإن العيب في الامتحان، وهذا لا جدال فيه!
أما إذا تدخلنا في مناهج الجامعة، فإن ذلك يتطلب مختصّين ليسوا أصحاب هوّى!!
فهمت علي جنابك!