بقلم : فايزة عبد الكربم الفالح .
المَسَلَّة
أحاكتْ ثوبَ التبذُّلِ
وَقامتْ ترتَدي ثوبَ التَّعَرّي
مَسَلَّةُ الشمسِ أحرقتْ خيطَها
غانيةُ الجبالِ
شرِبَتْ غاباتِ الليلِ
وبأستارِها عَمَّدَتْ نَزَواتِها
ثمّ صلَّتْ …
لكنّما دون اغتسالِ
لا تلتفتي …! لكنَّها التفتت
فَتَسَمَّرَتْ…
و البحيرةُ المالحةُ
نفضَت عن يدها
آخرَ قطراتِ الأفكِ
مِن أرض التعالي
ثمَّةَ خطيئةُ تقبعُ هناكَ
بحرٌ مموَّهُ الملامحِ
يعلوه سحابةٌ شاحبةٌ
و شمسٌ حارقةٌ ظمِئةٌ
أزيزُها أذابَ كَبِدَ الرمالِ
انتفضَ الزمنُ مُهَرْوِلا
و رمى مِن جيبه
ملحَ الغابرين
والأرضُ الحُبلى تنادي أطرافَها :
انتظريني …! احمليني …! أو تعالِي …!
إنّي أجهضْتُ (سَدُوم)
ثمّ أنجبتُ مئةَ شعاعٍ
من شمسِ المعالي
(ديبونَ) ، (ربّةَ عمّونَ)
(جلعادَ) ، وطريقَ الملوكِ (أرنون) .
و إنّي نذرْتُ بعد اليومِ
ألا أُكلِّمَ شيطانًا
و أ لا آكلَ إلّا مِن سِلالي
مِن ضِرعي أرتوى (حشبون)
و لله تحجُّ كلَّ يومٍ
شمسُ (غزّة) .
نَصْلُ رمحِها نارٌ على العابرين
احرقْ كلَّ النِّصالِ …!
أنا الملكُ (ميشعُ الذِّيباني)
قد أغْضَبْتَني يا (عُمْري)
فاتقِ شرِّ الملوكِ إذا ما غضبوا …!
اقرَأْ قولي :
شاهِدْ فِعالي …!
ها…! أحاري بَعدَ أبي
لا تتوعَّدْ …! يا ( أخاب)
لن تستطيعَ قهْرَ ( فلسطينَ) .
تهتفُ (غزَّةُ) … تُنادي (موآب)
شعبي مقهورٌ … ولكنْ …!
إيْتِ كالبركانِ ، كالزلزالِ
و هذا (عُمْري) قهَرَني
أبادَ العالمَ
سأنالُ منكََ ، أتحداكََ …! اقرأ :
سأشربُ من دم المُحالِ
يأمُرُني دمي
أقتحمُ العيرَ و آخذُها
فالفجرُ ليس عصيّاً
إنْ بدَّدْتُ عنه حلكةَ الليلِ
و كسرْتُ بيدي قيدَ الأغلالِ
أنا الملكُ (ميشعُ)
يأمرُني دمي
أَلتحمُ بكمْ
أَحرِقُّ (الهامْلاكِيْمْ)
انتهتِ الأربعون
و إليّ شُرِّعتْ أبوابُ النّزالِ
سَأََحيكُ ثوبَ النصرِ
ثم أنصبُ مِسَلَّتي
تذكاراً إليك … بُنيَّ …!
(بلسامُ) فداءٌ مِن أجل ( الأقصى)
هكذا _ بُنَيَّ _ صنيعُ الأبطالِ
أنا (ميشعُ) …أنا الأردنُّ … أنا العربيُّ
جُبِلْتُ منه هواءً ، ماءً ، وترابًا
حينما مرَّ العابرون عرفوا
دكَّ الحَذْواتِ ، مِن نقْرِ النعالِ
ماذا بعد…!؟
يا حوريَّةً تجلسُ بالعطشِ
يا بْنَةَ (ديبون)…!
لا تُنْزِلي من عظمتِكِ
وابقَيْ في مجدِك العالي
قُومِي … ابنةَ (حشبون)
انفضي عجاجَ الزمنِ
عن حجري الحزينِ .
ارْتُقي بمسلَّتي
ثوبَكِ الخزّّ الحُرَّ الثمين …!
فوق السُّحُبِ تعالَي …!
اغرِفي بيدِكِِ الندى
انثريه على جبينِ ابنِ (موآبَ)
“بلسامُ” …! أيُّها الفتى الشجاعُ
انهضْْ …!
فجرُ أبيك لن ينامَ طويلاً
وراء الغِربالِ
امضِ على درب أجدادِكَ
صُبَّ الغضبَ بمواقدِ (يهوه) …!
اجْعلْ منها ناراً و دُخانا …!
امسكْ بعصا “موسى” …!
وضعْ بشاهدِكَ خاتمَ ” سليمان”
اركبِ الريحَ العجولَ
و في طريقِكَ حرِّرْ دروبَ القوافلِ
و قلْ : أنا على دينِ آبائي
” إبراهيمِ الخليلِ” ، و “إسماعيلَ”،
و حبيبِ اللهِ “محمّدٍ”
و قمْ للكرامةِ بإجلالِ …!
ثمّ توضّأْ على ضفاف شرقِ النهرِ
واغسلِ الظمأَ الدّفينَ
بالماءِ الزُّلالِ
ومرَّ بمحرابِ البتولِ
ألْقِ السلامَ على “عيسى”، و”يحيى”
قلْ “لجِنينَ” أنْ تصمدَ
غزَّةُ نارٌ لن تخمدَ
كُن كالاعصارِ ، كالنارِ
وانسفْ بمسلّةِ أبيكَ
سورَهم البالي
فب الثلثِ الآخيرِ من الليلِ
بمزاميرِ “داود” رَتلْ
عروسَ القرأنِ ، وسورةَ الأنفالِ
وفي محرابِ القدسِ صلِّ
صلِّ هناك …
شهيداً صلِّ …!
لكنّما دون اغتسالِ .
من ديوان (شذرات همسات أنفاسي )