فلسطين قالت كلمتها
شعر أبو عربي إبراهيم أبوقديري
قالت فلسطينُ هل يا كونُ تسمعُني؟
الأمسُ واليومُ والآتي معاً زمني
أنا فلسطينُ لا العدوانُ يقهرُني
ولستُ أبكي على من راحَ يخذلُني
كلاهما في موازينِ القُوى عبثاً
وجهانِ للعارِ والإجرامِ والمِحَنِ
فلستُ أرجو من العُدوانِ مَرحَمةً
ولا أطوفُ ابتغاءَ المَنِّ من وثَنِ
فكيف أَرهبُ مَنْ ذُلّاً ومسكنةً
ولعنةً ضُرِبتْ مِن سالفِ الزمنِ
وكيف أبكي على مَن عقَّ أمتَهُ
و ضيَّعَ العُمْرَ بينَ العارِ والكفنِ
فلا احتِلالٌ ولا دهرٌ يُغَيّرُني
أنا فلسطينُ رُغْمَ الخصمِ والزمنِ
لو (طوَّبوا) ضِعفَ هذا الكونِ لي وطناً
لما ارتضيتُ بديلاً عن ثَرى الوطنِ
لا لستُ للبيع كُفُّوا عن مُساوَمَتي
لا ليسَ للدِّينِ والتاريخِ من ثمنِ
كلُّ الأساليبِ في الإجرامِ قد فشِلتْ
باءتْ جميعاً وهذا الشعبُ لم يَهُنِ
فَحْوَى التّحررِ لا صهيونُ يحكمُني
ولا نِظامٌ بغيضٌ من بَني وطني
وحسبيَ اللهُ نِعْمَ العونُ لي سنداً
عندَ الشدائدِ في الساحاتِ ينصرُني
من عاشَ يحجزُ في اللذاتِ مقعدَهُ
ونحنُ نحجزُ في الفردوسِ من زمنِ
أرواحُ أبنائِنا فيها مُغردةٌ
شَدْوَ العصافيرِ من غصنٍ إلى فَنَنِ
حتى ملأنا نصيباً من مساحتِها
قد باتَ يطعنُنا في السرِّ والعَلنِ
و راحَ يحسدُنا موتاً يُشرّفُنا
حتى على الموتِ محسودونَ يا وطني
قرأتُ نبضَ ضميرِ الشعبِ قاطبةً
من المحيطِ إلى الشُّطآنِ في اليمنِ
فما عثرتُ على مَنْ باعَ أُمّتَهُ
إني أُبرّئُهمْ من طُغمةِ الخَوَنِ
كالبحرِ طُهراً على الأيامِ أُمتُنا
مهما طفا فوقَها رِجسٌ من العَفَنَ
يا شعبَنا الحرَّ في أقطارِ أمتِنا
وأنتَ مثلي تُعاني سَطْوةَ المِحَنِ
أنا وأنتَ ضحايا في مُؤامرةٍ
مِن غاصبِ الأرضِ أو مِن خائنِ الوطنِ
ولستُ أُخفيكَ كم أرثي لواقعِكمْ
مِن جَورِ حُكْمٍ ومن ظُلمٍ ومن فِتَنِ
إني أراكم وقيدُ الحالِ يُثقلُكم
والقلبُ ينزفُ قبلَ العينِ من حَزَنِ
فاشْدُدْ على الجُرحِ إنّ اللهَ ناصرُنا
مَنْ يَطلبِ النصرَ لا يَركَنْ إلى الوَهَنِ
لا تَقلقوا إنْ هَوَى شِبلٌ هُنا زَأَرتْ
مليونُ شبلٍ بوجهِ الغزوِ والخَوَنِ
حتى الظِباءُ هُنا ورُغْمَ جَمالها
ثارتْ أُسُوداً فلم تجبُنْ ولم تَهُنِ
يا أيها اللاهِثُونَ اليومَ معذرةً
خَلفَ السرابَ وفي الأوحالِ والعَفَنِ
تخشى أخاكَ وتطمئِنُّ لِغاصِبٍ
بل رُحتَ تختارهم دِرعاً مِن الوَهَنِ
الخصمُ يخدعُكم حتى يُخَدّرَكم
إنّا (بَهائمُهُ) في شَرْعِهِ النَّتِنِ
اقرأْ نشيدَ بني صهيونَ مُتَّعِظاً
حتى تَفِيقَ مَن الأوهامِ والوَسَنِ
فلا يزالُ أَمامَ العقلِ مُتَّسَعٌ
مِن قبلِ ان نُبْتَلى بالقيدِ والرَّسَنِ
أمّا فلسطينُنا مِن بحرِنا شَرِبَتْ
غرباً ومِن نهرِنا شرقاً على الزمنِ
وزعمُهم مِن حُدودِ النيلِ موقِعُها
حتى الفراتِ فهل مِن راشدٍ فَطِنِ
ومن تَخَلَّى لهم عن بعضِها وطناً
أباحَ ما قد تبقَّى من ثرى الوطنِ
. ( ١٥ / ١٠ / ٢٠٢٣ )