وطنا اليوم – قالت كبيرة المتخصصين في الشؤون العلمية في منظمة الصحة العالمية، سوميا سواميناثان، إن جائحة كوفيد-19 تتطلب منا مطاردة الفيروس لا المعرّضين لخطره، في ردها على بعض الدعوات بما يُسّمى باستراتيجية “مناعة القطيع” الطبيعية، لمكافحة الفيروس.
جاء ذلك في مقال لِسواميناثان وزعه المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، ووصل نسخة منه اليوم الخميس لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، حيث فندّت خلاله، استراتيجية “مناعة القطيع” التي دعت لها بعض الدول لمكافحة كوفيد-19، والقائمة على فكرة ترك فيروس كورونا المستجد بالتفشي إلى أمل الوصول إلى ما يُسّمى مناعة القطيع.
وبيّنت كبيرة المتخصصين في الشؤون العلمية بالمنظمة، “أنه مع استمرار الكفاح العالمي لاحتواء جائحة كوفيد-19، وتغلغل الشعور بالإنهاك من الجائحة، يدعو البعض إلى ما يٌسّمى باستراتيجية “مناعة القطيع” الطبيعية، التي يزعمون أن بالإمكان تحقيقها بأمان من خلال (الحماية المركزة)”.
وتابعت: وينطوي هذا المفهوم على إعادة فتح المجتمعات بالكامل، مع تحصين كبار السن والأشخاص المصابين بأمراض مصاحبة، من أجل تحقيق مناعة القطيع في غضون ستة أشهر في غياب اللقاح، لافتة إلى أن الأمر يبدو بسيطاً جداً في الظاهر، لكن الحقائق تخبرنا بعكس ذلك، وأول هذه الحقائق، أن مناعة القطيع تتحقق من خلال حماية الناس من فيروس ما باستخدام لقاح ضد ذلك الفيروس، وليس عن طريق تعريضهم له.
وثاني هذه الحقائق: ” أنه ما زلنا أبعد ما يكون عن مستويات المناعة المطلوبة لوقف انتقال هذا المرض، فما نعلمه من الدراسات الوبائية المصلية هو أن البيانات تشير إلى إصابة أقل من 10 بالمئة من سكان العالم بالعدوى، ويعنى ذلك أن الغالبية العظمى من الناس ما زالوا عرضة للإصابة بالفيروس”.
وأوضحت سواميناثان أنه ولتحقيق مناعة القطيع ضد هذا الفيروس، تشير التقديرات إلى أنه يتعين إصابة ما لا يقل عن 60 – 70 بالمئة من سكان العالم، أي أكثر من 5 مليارات نسمة بالعدوى، وهو ما قد يستغرق عدة سنوات في غياب اللقاح.
وثالث هذه الحقائق هو أن ترك الفيروس ينتشر بين السكان دون رادع ستكون له عواقب مدمرة على المجتمعات المحلية والنظم الصحية؛ فعدد الذين سيصابون بأمراض حادة، ويلقون حتفهم سيكون كبيراً جداً، وستنغمر المستشفيات بسيل دافق من المرضى.
ورابعها، وفق سواميناثان، هو أنه من الخطأ الاعتقاد بأن الفيروس لا يؤثر بشدة إلّا على كبار السن وعلى المصابين بحالات صحية كامنة، فقد أظهرت الأبحاث أن الوفيات تزداد بشكل كبير فعلاً مع التقدّم في السن، ولكن العديد من الشباب الذين لا يعانون من أي حالات صحية كامنة قد أصيبوا بأشكال حادة من المرض وخسروا حياتهم بسببه.
ودعت كبيرة المتخصصين بالمنظمة، إلى تركيز الجهود العالمية على مطاردة الفيروس والسيطرة عليه من خلال تنفيذ التدابير الصحية المحددة التي توفرت للعالم على مدار 9 أشهر من بداية الجائحة، لحين توفر لقاح ناجع ضد الفيروس، بدلا من إهدار الموارد الثمينة في التمييز ضد الفئات المعرضة للخطر.
وتابعت أنه يوجد حالياً أكثر من 200 لقاح مرشح ضد كوفيد-19، حيث يخضع العديد منها للمراحل النهائية من التجارب السريرية، متوقعة أن تتوفر إمدادات محدودة من لقاح ناجع ضد الفيروس في وقت مبكر من العام المقبل، مشيرة إلى أنه عندما يحدث ذلك، يُمكننا أن نسعى بشكل واقعي ومأمون إلى تحقيق مناعة القطيع.