بعد انقلاب الغابون .. مصائب فرنسا في أفريقيا لا تأتي فرادى

30 أغسطس 2023
بعد انقلاب الغابون .. مصائب فرنسا في أفريقيا لا تأتي فرادى

وطنا اليوم:يبدد الانقلاب العسكري في الغابون الذي أطاح بالرئيس علي بونغو شبح التدخل العسكري في النيجر، ويصيب سياسة فرنسا في مستعمراتها السابقة بالشلل، والتي تتمرد ضدها الواحدة تلوى الأخرى، مما يجعلها تنعت بأنها أصل المصائب السياسية والاقتصادية التي تعيشها.
وتعاملت وسائل الإعلام العالمية والإفريقية مع الانتخابات الرئاسية في الغابون، باعتبارها ممارسة سياسية عادية، يُعاد فيها انتخاب الرئيس علي بانغو، كما جرت عليه الحال منذ تولي والده عمر بانغو السلطة عام 1967، لكن هذه المرة حدثت المفاجأة وانضمت إلى قائمة الدول الإفريقية التي تشهد انقلابات عسكرية.
وفور الإعلان عن نجاح الانقلاب، وعزل الرئيس المخلوع علي بانغو، واعتقال بعض المتعاونين، ومن بينهم رئيس البرلمان، بدأت تتضح الملامح التي ستترتب على هذا الانقلاب.
ويبدو أن تاريخا جديدا للقارة السمراء قد بدأ بسعي الشعوب الإفريقية للتحرر والتخلص من ماضٍ استعماري كئيب.
فها هي الغابون “عملاق النفط الإفريقي” تشق عصا الطاعة، وتطيح بالرئيس “بونغو” الذي تربعت عائلته على العرش أكثر من خمسة عقود، لتتبع النيجر في طريق التحرر الذي كان خيره عميما.
فماذا كانت ردود الأفعال على ما يحدث في الغابون؟
د.عواطف عبد الرحمن أستاذة الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة ترى أن ما يحدث الآن فى دول غرب افريقيا- التى لاتزال تعانى من النهب المنظم من فرنسا رغم الاستقلال الشكلى الذى حصلت عليه هذه الدول منذ الستينيات، وقد بدأت شعوبها وجيوشها تستيقظ ، وتستهل مرحلة النهوض الثانى لاستكمال تحررها السياسى والاقتصاد – يذكّرها بكتاب الراحلة العظيمة رضوى عاشور (التابع ينهض).
وأضافت أننا نشهد ارهاصات عصر جديد للقارة الافريقية ، مشيرة إلى أن هذه الفترة. قد تستغرق بضع سنوات سيختفى خلالها جميع الحكام العملاء لفرنسا وللغرب، وتبرز قيادات وطنية جديدة قادرة على استعادة الثروات المنهوبة والهويات المفقودة فى هذه القارة الصبورة.
وأردفت: “مرحبا بالتغيرات التى سوف تكتسح اليابس من الحكام والعملاء وتفسح الفضاء الافريقى للملايين المحاصرين فى دائرة الفقر والتبعية للغرب”.
من جهته وصف السياسي المصري زهدي الشامي ما حدث في الغابون بأنه مفاجأة مدوية غير سارة لفرنسا.
وأضاف: “هكذا وبينما الأزمة حول الاطاحة برئيس النيجر بازوم على اشدها تضاف لها أزمة أخرى للاطاحة برئيس الغابون على بونعو. ويتعود أكثر فأكثر وضع فرنسا فى غرب أفريقيا افريقيا على صفيح ساخن وموقف فرنسا يزداد تأزما”.
في ذات السياق قال الخبير القانوني السوداني د.أحمد المفتي إن افريقيا تنتفض ضد الاستعمار الفرنسي ، معتبرا ذلك صحوة جماهيرية.
وحذر المفتي النخب العسكرية الشابة التي قامت بالانقلابات أن تنسى الجماهير، وتحول المصلحة التي يحققها الانقلاب، ليس لفرنسا، ولكن لجيوبهم الخاصة، لافتا إلى أن السلطة مفسدة، والشواهد اكثر من ان تحصي.
مراقبون للشأن الإفريقي أكدوا أن الشعوب الإفريقية آمنت بضرورة التحرر، لافتين إلى أن الشعوب والجيوش في هذا التحرر سيكون سواء، محذرين من ان الاستعمار يستخدم أحد هذين الطرفين لتقويض نهضة افريقيا التي لن تتحق الا بتكاتف هذين العنصرين: الشعب والجيش، في افريقيا وكافة الدول التي تتعرض للاستغلال، مؤمّلين أن يتحقق هذا التغيير الكاسح.
في ذات السياق يرى الكاتب خالد ضوي أن انقلابات افريقيا تمثل زيادة فى وعى الشعوب الافريقية، واصفا الجابون بأنها عملاق النفط الأفريقى.
كثيرون عبروا عن فرحتهم الغامرة بالتخلص من حكم عائلة بونجو التى ظلت تحكم 56 عاما، مؤكدين أن القارة السمراء بدأت في التخلص من التبعية، ولن يوقفها أحد
ولا يزال الانقلاب العسكري في الغابون لا يحمل شعارات ضد فرنسا كما حدث في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، لكن رغم ذلك تظل فرنسا الخاسر الأكبر، لأن الغابون بلد استراتيجي للشركات الفرنسية وسياسة باريس في القارة الأفريقية، كما كانت المعارضة والصحافة التابعة لها تندد بدعم باريس لعائلة بانغو طيلة عقود، وتتجاهل الممتلكات الكثيرة التي يمتلكها في باريس.
ومع كل انقلاب في إفريقيا، تتم الإشارة الى فرنسا كسبب من الأسباب الرئيسية للانقلاب بسبب دعمها السابق لأنظمة سياسية، تصفها شعوبها بالفاسدة.
وتسيطر الدهشة على صناع القرار في باريس، فقد أصبحت الانقلابات تتجاوزهم وتعصف بالمصالح الفرنسية في منطقة نفوذها التاريخية