وطنا اليوم – رصد : فيما تتمسّك تونس بقرار رفضها للتطبيع مع العدو الإسرائيلي، ويثور جدل حول تعرّض حُكومتها إلى الضغوطات والمسير في مشهد التطبيع الذي أقدمت عليه أربع دول عربيّة، يعود إلى المشهد حديث عن تجنيد إلزامي، يتعلّق بتجنيد الفتيات، إلى جانب الشباب، وذلك لإحقاق المُساواة بين الرجل، والمرأة في المُجتمع التونسي.
سيجري تقديم مشروع يتعلّق بالخدمة العسكريّة، وهو ما كان أعلنه وزير الدفاع الوطني أمام مجلس النواب، ويتَضمّن مُراجعةً لنظام الخدمة الوطنيّة، ليُصبح إلزاميّاً على الرجال والنساء، كما تعديلات تتعلّق بإدخال تخفيفات على نظام الخدمة ذاته، والمُساواة بين الرجال والنساء، شعار يُنادي به في تونس على وجه الخُصوص، وبين شقيقاتها العربيّات
التجنيد الإجباري في تونس، يعود إلى الواجهة، في تزامنٍ مع تطبيع المغرب مع إسرائيل، ومخاوف جزائريّة من تواجد إسرائيلي على الحدود، والاعتراف السيادي الأمريكي الذي حظيت به الرباط على الصحراء الغربيّة، ثمّة تحدّيات أخرى تونسيّة داخليّة أيضاً، تستدعي هذا التجنيد الإلزامي للفتيات، وجنباً لجنبٍ مع الرجال.
أهم هذه التحديات، هي الصّعوبات الاقتصاديّة، والاعتداءات الإرهابيّة التي تتعرّض لها البلاد، كما أنّ هناك ثمّة مُبادرات وحديث لإطلاق مُبادرات لتجنيد الشابات الراغبات في أداء الخدمة الوطنيّة في القريب العاجل، وهو ما يفتح الباب أمام النساء، للمُشاركة في الدفاع عن وطنهن جنباً إلى جنب مع الرجال.
القانون التونسي، يشترط للخدمة الوطنيّة، بأن يكون المُواطن قد بلغ العشرين عاماً، ويبقى المُواطن مُلزماً بأداء الخدمة ولا تقع عنه حتى عامه الخامس والثلاثين، وفي حال رغبة المُواطن التونسي بالخدمة أقل من عشرين عاماً، فعليه جلب مُوافقة وليّ أمره.
الخدمة العسكريّة الإلزاميّة في تونس، لا تجد ذلك الإقبال من بعض الشباب، وتُواجه وزارة الدفاع مُشكلة في ذلك الأمر، حيث لا رغبة لدى بعض الشباب التونسي بالخدمة العسكريّة، وعليه ستقوم وزارة الدفاع بتعديل نظام الخدمة الوطنيّة، بإضفاء بعض الليونة، حيث يُمكن للمُواطن أن يخدم في إطار خدمة مدنيّة، لكن تبقى الخدمة إلزاميّة بكُل الأحوال، سواءً كانت عسكريّةً، أو مدنيّة.
عُزوف بعض الشباب (الرجال) عن الخدمة العسكريّة الحاصل، سيجد ضالّته في حل إضفاء بعض الليونة على تلك الخدمة كما يقترح تعديل مشروع الخدمة الوطنيّة، وقد يلقى إقبالاً واسعاً من الرجال، وأيضاً من النساء المُقبلات على إلزاميّة الخدمة، وإذا كانت في إطار خدمة مدنيّة (قطاع صحّي، تعليمي، تربوي).
لا بُدّ من الإشارة إلى أنّ عدد النساء في تونس أكبر من الرجال، فحسب تعداد تونس السكاني العام 2020، فقد وصلت عدد النساء إلى 5 مليون و957866 بنسبة 50 بالمئة إناث، مُقابل 49.59 للذكور، ومُتوسّط أعمار 77 سنة، هذا إلى جانب تأخّر سن الزواج بين النساء، وبُروز ظاهرة العُنوسة، وهذا قد يُفسّر حاجة الدولة التونسيّة إلى تجنيد النساء.
ولعلّ الجيش التونسي يحتاج فعلاً إلى القوى الرديفة، والمُلحقين به إلزاميّاً عن طريق الخدمة الوطنيّة، ووفقاً لتصنيفه ضمن قائمة أقوى الدول العربيّة، فيبدو أن ذلك الجيش يشهد تراجعاً، فبحسب تصنيف “غلوبال فاير باور” 2020، فقد حلّ 11 عربيّاً، وحلّت الجزائر رابعاً، أمّا المغرب فقد حّل سابعاً، وليبيا بالمرتبة 12.
جائحة كورونا قد يكون له الأثر السلبي الأكبر على تراجع حُضور الجيش عربيّاً، فالميزانيّات الماليّة التي جرى تخصيصها لمُواجهة الفيروس القاتل، قد تلعب دورها في تخفيف ميزانيّات أي جيش، وبالتالي تطوير أسلحته، وميزانيّته، ولعل هذا سبب في حاجة الجيش المذكور، إلى الاستعانة بالعنصر البشري، وتدريبه، جنباً إلى جنبٍ مع تفعيل الخدمة الإلزاميّة للجميع، لتكون البلاد جاهزة لمُواجهة المُؤامرات الداخليّة، والاعتداءات الخارجيّة.